كعادتهم في كل مرة، قررت جماعة العدل والإحسان، الركوب على ملف حراك الريف، لتحقيق مصالحها الخاصة. فبعد السبات العميق الذي أعقب "القومة" النائمة، دعت الأمانة العامة للدائرة السياسية لجماعة العدل والإحسان"الشعب المغربي" للمشاركة في المسيرة الوطنية بالرباط، وذلك للمطالبة، حسب بلاغ الجماعة "بتحقيق الحرية والعدالة..والاحتجاج على القمع الذي تواجه به الدولة حراك المطالبين بحقوقهم العادلة والمشروعة". وبالطبع ففي عرف الجماعة، فإن "هؤلاء المطالبين بحقوقهم العادلة والمشروعة" ليسوا أبناء الريف، كما لم يكونوا حركة 20 فبراير، ولا الباعة الجائلين، ولاأبناء حي بوزكري بمكناس، بل هم الجماعة نفسها التي تعتبر أنها لم تحقق القومة التي وعد بها الشيخ ياسين، ولازال أتباعه ينتظرون تحققها. في كل الحركات الاجتماعية التي حدثت وتحدث في المغرب، كانت الجماعة تبحث لنفسها عن موضع قدم، وتحاول استغلال أصحاب الحق، من أجل أن تناطح بهم الدولة..في زمن 20 فبراير ركبوا الموجة، وحولوا القضية التي تفاعل معها جلالة الملك، إلى مشجب للخروج للشارع، حتى تفرق من حولهم كل من كان يؤمن بشرعية مطالب الحركة. وفي وقفات سابقة للباعة المتجولين في عدة مدن، كانوا هناك يدخلون على الخط، حتى كشفت الوقائع كيف حاولوا استغلال هؤلاء الباحثين عن لقمة عيش حلال، من أجل المتاجرة بمستقبلهم ومستقبل أولادهم. وفي ملف سكان حي بوزكري في مكناس، برزوا هناك وحاولوا إشعال القتنة، وتسببوا في أحداث عنف كان من نتائجها متابعات قضائية. هم هكذا يفكرون، لذلك يسعون هذه المرة للركوب على ملف حراك الريف حتى بعد أن بينت الوقائع أن الدولة ساعية بكل إمكانياتها من أجل تحقيق مطالب الساكنة المشروعة، لكنهم هم لايريدون ذلك، لأن عودة العقل تعني نهاية الأزمة، وهم لايعيشون إلا من خلال الأزمة. بالتأكيد ستفشل مساعيهم هذه المرة أيضا، لكون الجميع يعلم أنهم مثل بوم الشؤم، أينما حلوا يتركون وراءهم الخراب، ولعلم من يسعون لاستغلالهم أن مصلحتهم في تحكيم العقل والبحث عن المصلحة الجماعية للساكنة، وليس مصلحة "الجماعة" التي تحلم منذ عقود بوهم القومة التي بشر بها شيخهم..مات هو ولم تحقق نبوءته، ورغم ذلك لم يسأل أحد منهم لماذا كذب الشيخ؟!