تجري التحضيرات الأخيرة في مدينة كان على قدم وساق قبيل انطلاق فعاليات المهرجان السينمائي الدولي في نسخته ال70 مساء الأربعاء. التدابير الأمنية على أشدها، فيما بدأ نجوم السينما بالتوافد على المدينة الواقعة بجنوب فرنسا. وتطبع هذه الدورة الأزمات السياسية، لا سيما مسألة الهجرة، وأيضا المشاكل التجارية، دون أن يغيب عنها الجو الاحتفالي. رفع الملصق الرسمي لمهرجان كان لذي ينطلق الأربعاء 17 ويستمر لغاية 28 ماي ، على واجهة قصر المهرجانات حيث تقدم أهم العروض، وهو المبنى ذو المدارج ال24 المغطاة بسجاد أحمر والتي سيطأها يوميا عشرات نجوم السينما الفرنسية والعالمية ومختلف المشاهير. ويحتضن القصر مساء اليوم حفل الافتتاح الذي ستقدمه النجمة مونيكا بيلوتشي، ثم يعرض فيلم "أشباح إسماعيل" للفرنسي أرنو ديبليشان. بعد مرور 70 عاما على تأسيسه، أصبح مهرجان كان "بعيدا جدا عن المهرجان الأصلي" حسب قول المندوب العام تيري فريمو الذي يؤكد في نفس الوقت أن "حمضه النووي يبقى السينما" في زمن تطغى عليه الأزمات الإنسانية والتغييرات السياسية والتحولات في مجال السمعي البصري. تدور فعاليات مهرجان كان هذا العام بين موعدين مهمين في فرنسا، انتهى أولهما في السابع من ماي مع انتخاب إيمانويل ماكرون رئيسا جديدا للبلاد، في حين ينطلق الثاني، الانتخابات التشريعية، في 11 يونيو . ولا شك أن الحدثان سيكونان على ألسنة رواد المهرجان الذين عادة ما يلهيهم الفن السابع… والسهرات. يؤكد رئيس المهرجان بيار لسكور والمندوب العام تيري فريمو أن مهرجان كان فسحة سحرية للتنفيس تتيح الابتعاد قليلا عن ضجة الأخبار. في نفس الوقت، وبما أن السينما مرآة العالم، فهي تتطرق أيضا إلى السياسة ومواضيع الساعة، سواء تعلقت بمزاج ترامب المتقلب أو فظائع الحرب في سوريا أو الإعلانات الشرسة للزعيم الكوري الشمالي. إلى جانب التهديدات المناخية، والدفاع عن الحيوانات، وحقوق الإنسان، ومجتمعاتنا المريضة، يبدو أن مسألة اللاجئين حاضرة بقوة في الأفلام التي تعرض هذا العام، وفق القليل الذي نعرفه حتى الآن عن بعضها. أزمة الهجرة ففي إطار المسابقة الرسمية، يتطرق فيلم "نهاية سعيدة" للنمساوي ميكائيل هانيكه إلى أزمة الهجرة عبر نظرة أولئك الذين عادة ما يتجاهلونها. فيروي قصة عائلة بورجوازية لمقاولي بناء شيدوا نفق المانش، تعيش قرب مخيم "كاليه" للاجئين شمال فرنسا. والفيلم من بطولة إيزابيل هوبار وماتيو كاسوفيتس وجان لوي ترانتينيان الذي أكد أنه "جميل جدا"، فهل يفوز هانيكه في سابقة من نوعها بسعفة ذهبية ثالثة؟ أما المخرج المجري كورنيل موندروزكو فيتناول الموضوع بطريقة مختلفة جدا. يقدم فيلم "قمر كوكب المشتري" على أنه من صنف الخيال العلمي. ويروي الشريط مغامرات لاجئ يحاول الوصول إلى المجر فيدرك في الطريق أن بإمكانه أن يحلق في الهواء. واشتهر المخرج العام 2014 بفيلم عن ثورة الكلاب السائبة في بودابيست، وهو يتقن استعمال الرموز للحديث عن بلاده وعن أوروبا التي يخيم عليها تهديد أزمة "الهوية" والانزواء. خارج المسابقة وضمن قسم "حصص خاصة"، تقدم الممثلة والناشطة البريطانية فانيسا ريدغريف وثائقي "حزن البحر" عن أزمة اللاجئين، وهي أول مرة تمر فيها النجمة الذائعة الصيت إلى الإخراج. صور الوثائقي في إيطاليا واليونان ولبنان، وأكدت ريدغريف أنها بدأت في كتابة الفيلم بعد العثور على جثة الطفل السوري "آيلان" على شاطئ تركي وهزت الحادثة العالم. من جهته يتطرق السلوفاكي غيورغي كريستوف إلى العمال المهاجرين في أوروبا، وهو أول فيلم من إخراجه يعرض في فئة "نظرة ما". أزمة "تجارية" داخلية لا يخلو مهرجان كان من الفضائح الداخلية، ومشاكل هذه السنة تعكس شراسة قطاع الفيديو والتهديد الذي قد يشكله على دور السينما. فللمرة الأولى تشارك شركة "نتفليكس" بفيلمين ضمن فئة أفلام المسابقة الرسمية، وهو قرار أغضب قطاع السينما الفرنسي لأن الشركة أعلنت أنها ستعرض أفلامها للمشتركين فقط دون عرضها في القاعات. وقال تيري فريمو إنه لم يتوصل إلى تسوية مع الشركة بشأن ترتيب عروض سينمائية للفيلمين المشاركين في مسابقة المهرجان وهما "حكايات مياروفيتس" للأمريكي نوا باومباخ وأوكجا للكوري الجنوبي بونغ جون-هو. وأكد المهرجان في بيان "دعمه لأسلوب العرض السينمائي التقليدي في فرنسا والعالم". وأضاف أنه اعتبارا من العام المقبل ستكون القواعد واضحة وتقضي بأن أي فيلم يشارك ضمن أفلام المسابقة "عليه الالتزام بالتوزيع في دور العرض الفرنسية". وفي فرنسا، التي تدافع بفخر عن ثقافتها ولغتها أمام هيمنة الولاياتالمتحدة، يعد مثل هذا القرار انتصارا لقطاع التوزيع السينمائي التقليدي. سعفة الدورة السبعين مرصعة ب 167 ألماسة رغم الجدل والتوترات، يبقى مهرجان كان عرسا للسينما يطغى عليه الطابع الاحتفالي، فسوف ترصع السعفة الذهبية للمرة الأولى في 2017 بالألماس احتفاء بالدورة السبعين للمهرجان حسب ما أعلنت دار شوبار للمجوهرات. وسترصع السعفة المصنوعة من 118 غراما من الذهب الخالص ب167 ألماسة يبلغ وزنها الإجمالي 0,694 قيراط ستكون "أشبه بغبار نجوم متناثر على أوراق السعفة وساقها" حسب ما أوضح الداعم الرسمي للمهرجان. السعفة الذهبية هي رمز مهرجان كان وأعرق جائزة سينمائية في العالم. وتصميم الجائزة الحالية أنجزته العام 1998 كارولين شويفليه إحدى رئيسات شوبار دار المجوهرات السويسرية التي تقدم سنويا السعفة التي تتجاوز قيمتها 20 ألف يورو في مقابل شراكة رسمية مع المهرجان.