بعد تعيينها أمس الأربعاء من لدن الملك محمد السادس، سيكون مشروع قانون المالية، أول ملف على طاولة الحكومة الجديدة. الحكومة السابقة كانت قد أعدت مشروعا للقانون وأودعته لدى البرلمان، لكنه ظل حبيس الرفوف بسبب «البلوكاج» الحكومي، مما تسبب في هدر شهور من الزمن الاقتصادي. هذا التأخر أثار التذمر لدى الفاعلين الاقتصاديين والمستثمرين ورجال الأعمال، بالنظر إلى أن مشروع القانون يعد الوثيقة رقم واحد التي تكشف لهؤلاء الاستراتيجية الاقتصادية والمالية والإجراءات المتعلقة بالقطاعات الاقتصادية. السؤال هل ستحتفظ حكومة سعد الدين العثماني بنفس مشروع القانون السابق، لتدارك الزمن الضائع، أم ستعود إلى نقط الصفر، والشروع في «ماراطون» إعداد مشروع آخر؟ أو في أفضل الحالات الاكتفاء بإجراء بعض التعديلات لتدارك ما فات و للاستجاجبة للأحزاب الجديدة الوافدة على الحكومة، علما بأن الحكومة الحالية تضم 6 أحزاب، 4 منها شاركت في إعداد المشروع السابق. الوافدان الجديدان على الحكومة هما حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية والاتحاد الدستوري الذي يشكل فريقا نيابيا مشتركا مع التجمع الوطني للأحرار. الماسك اليوم بوزارة الاقتصاد والمالية، ليس إلا حزب التجمع الوطني للأحرار في شخص إلا محمد بوسعيد الذي تم التجديد له على رأس هذه الحقيبة. هذه المرة سيمسك بوسعيد بالحقيبة كاملة، من دون رأسين كما هو الحال في الحكومة السابقة، عندما كان إدريس الأزمي وزيرا مكلفا بالميزانية. لكن بغض النظر، عما ستقرره حكومة العثماني، يبقى قانون المالية بالنسبة لعبد الخالق التوهامي الأستاذ بالمعهد الوطني للإحصاء والاقتصاد التطبيقي، أول تحد سيطرح على وزارة الاقتصاد والمالية، يتعلق بمشروع قانون المالية الذي سيتقدمه الحكومة الجديدة، متوقعا في تصريح ل«الأحداث المغربية» إحداث تغيير في مشروع المالية الذي أعدته الحكومة السابقة. التوهامي أوضح بأنه يتعين على وزير الاقتصاد والمالية الجديد، إعادة توزيع الميزانية حسب التقطيع الحكومي الجديد وحسب الأولويات والمطروحة. وقسم التوهامي هذه التحديات إلى قسمين. هناك تحد تقني يتعلق بالمدى القصير ويهم كيفية توزيع الاعتمادات وفق الهندسة الحكومية الجديدة. في هذا الإطار ساق أستاذ الاقتصاد مثال تحويل قطاع ما من وزارة إلى أخرى وما يطرح ذلك من ضرورة إجراء تغيير في الاعتمادات المالية، التي سبق برمجتها برسم مشروع قانون مالية الحكومة السابقة. وفضلا عن ذلك، يتابع عبد الخالق التوهامي، هناك تحديات تتعلق بتنزيل أهداف وتصورات وأسبقيات الحكومة الجديدة، مع ما يفرضه ذلك من إيجاد الاعتمادات الكافية. لكن كيفما كان الحال يستطرد أستاذ الاقتصاد بالمعهد الوطني للإحصاء والاقتصاد التطبيقي، يتعين انتظار التصريح الحكومي، وما سيحمله من تصورات وقرارات في العديد من الملفات الكبرى المطروحة، قبل استجلاء هذه التحديات بشكل واضح. بالعودة لمشروع قانون مالية الحكومة السابقة، وضع هذا الأخير أربع فرضيات كبرى. عجز بنسبة 3 في المائة،وتحقيق نمو ب4,5 في المائة ونسبة تضخم ب1,7 في المائة. نفس المشروع يتوقع كذلك 350 دولار للطن الواحد من الغاز، مع ملاحظة أن المشروع لم يأت على ذكر توقعاته بالنسبة لأسعار النفط، لأن هذا الأخير تم تحريره، ولم يعد مدعما من طرف المقاصة. فهل تدور الدائرة على غاز «البوتان» ومن قبله السكر، كما سبق أن ألمح لذلك رئيس الحكومة السابق عبد الإله ابن كيران؟