على صفحته الخاصة في الفيسبوك كتب إلياس العماري أمين عام "الأصالة والمعاصرة" التالي عما يقع في الحسيمة. لنقرأ ولنتابع بالأمس، تلقيت لأول مرة منذ بداية الحراك، اتصالا من طرف السيد وزير الداخلية يدعوني فيه إلى اجتماع في مدينة الحسيمة، رغم أنني مباشرة عقب الوفاة المأساوية للمرحوم محسن فكري، حاولت مرارا وتكرارا، انطلاقا من الصلاحيات التي يسمح بها لي القانون، الاتصال بالجهات المسؤولة مركزيا للاستفسار والتساؤل عن أسباب وتداعيات ما حدث، وكنت نبهت في حينه، كتابة وشفويا، إلى التداعيات التي ستكون لهذا الحدث المأساوي، فكان هناك من تفاعل مع مراسلاتي مثلما كان هناك من لم يعر أي اهتمام لها. منذ ذلك الوقت ما فتئت أتصل بمختلف المصالح للتنبيه واثارة الانتباه والمطالبة بالتدخل العاجل لحل المشاكل والتفاعل الإيجابي مع مطالب الساكنة، فكنت أردد دائما ما أعدت قوله اليوم في اجتماع الحسيمة المنعقد تحت رئاسة السيد وزير الداخلية، من كون ما يحدث في الحسيمة كان متوقعا، بالنظر لكون أزيد من 98 في المائة من شابات وشباب المنطقة يرزحون تحت وطأة العطالة ويعانون من فراغ قاتل فرض عليهم قسرا، بفعل البطالة المتفشية في الإقليم بشكل مخيف، رغم الاستثمارات المهمة للدولة في الإقليم، ومن المؤكد أن الشباب الذي يتحرك اليوم ويحتج في الفضاءات العمومية رافعا مطالب اجتماعية ، وفي مقدمتها التشغيل والعيش الكريم، يعبر عن درجة الغضب التي تعم صفوفه نتيجة واقع مرير. لقد كانت لدي اليوم، فرصة التذكير بما كنت قد نبهت له آنفا، والتوقف عند الظروف الخاصة التي تعرفها المنطقة، بدءا من ثقل التاريخ ووعورة الجغرافيا، ومرورا بالبؤس الاقتصادي وتفشي البطالة، ووصولا إلى انعدام الثقة بين مختلف الشرائح والمؤسسات. لقد نبهت أيضا إلى ضرورة اعلان الدولة رسميا عن توقفها عن العمل بما يسمى ب"ظهير العسكرة"، ولم يفتني الإقرار بأن مجلس الجهة الذي أتولى رئاسته له مسؤولية بدوره في المساهمة في تحسين مؤشرات التنمية والتخفيف من وطأة البطالة وغيرها من الرهانات. وفي هذا الإطار، فقد اتخذنا عدة قرارات، أولها الإبقاء على أنشطة مقر الجهة بالحسيمة، حيث قمنا بتحويل فضاءاته إلى مركز للتكوين وإعادة التكوين للمنتخبين والموظفين، وكذا لتكوين مكونين في مجال محاربة الأمية، فضلا عن العمل مع مراكز التكوين المتخصصة في تكوين الشباب من أجل ولوج سوق الشغل الذي نأمل انتعاشه بفضل الاستثمارات والمعامل التي نعمل جميعا على جلبها إلى المنطقة، ولعله من الطبيعي أن فتح مجال التكوين لأبناء الاقليم كباقي أبناء أقاليم الجهة، سيجعلهم من ضمن المستفيدين من فرص الشغل التي ستوفرها الاستثمارات الصينية في الجهة. إننا نعمل بجد ومسؤولية على إحداث معاهد جامعية استجابة لمطالب ساكنة المنطقة، والتي ستوفر تكوينا متخصصا يستجيب لحاجيات التشغيل، كما نعي بشدة أهم توفير مستشفى متنقل في تراب الجهة، سيستفيد من خدماته ساكنة الإقليم، في انتظار بناء مستشفى قار متعدد التخصصات. لقد عشت اليوم في منطقتي لحظة مؤثرة، حين التقيت بأسرة المرحوم محسن فكري وعانقني والده عناقا أبويا. لقد كانت لحظة مؤثرة خاصة وأنه كانت تربطني بالمرحوم علاقة شخصية، وكانت تربطني بوالده علاقة الطالب بأستاذه، وكانت مناسبة تذكرت خلالها، ذلك الرجل الذي تعرفت عليه في سنة 84 من القرن الماضي، وأنا في مرحلة الحماس النضالي وسني بالكاد 16 سنة، وكان يسدي لي من النصائح المفيدة ما أدركت لاحقا أهميتها وعمقها القيمي والأخلاقي. بقدر قلقي وحزني لما أراه على وجوه شباب الإقليم من علامات الغضب والقلق حول حاضرهم ومستقبلهم، بحكم انسداد الآفاق قبل الآن، بقدر ما يحضرني أمل فتح الآفاق الجديدة والرحبة التي كانت تلهم دائما نساء ورجال المنطقة. وقد لمست هذا مع عدد غير قليل من ساكنة الاقليم. لنبني مستقبلنا بشكل جماعي، بمختلف تعبيراتنا وقناعاتنا كما سبق وقلت في تدوينتي بالأمس. أخيرا، وحتى وإن رأيت وتذكرت الكثير من الأشياء المؤلمة في منطقتي وبلدي، فقد نسيتها اليوم وأنا بين أحضان أمي في بيتي وأرضي وقبيلتي التي تنفست فيها معنى الحرية والكرامة.