خلص تقرير صدر حديثا حول التنمية الإنسانية العربية للعام 2016 تحت عنوان «الشباب وآفاق التنمية الإنسانية في واقع متغير»، حول التحديات المطروحة أمام الشباب العربي والذي شمل 16 بلدا عربيا، أن 90 بالمائة من الشباب المغربي عبروا عن كون الوضع الوضع الاقتصادي المتأزم من فقر وبطالة وارتفاع الأسعار، هو بمثابة التحدي الرئيسي في تمكين الشباب من تحقيق تطلعاتهم، وهو عنصر ينزع إلى إضعافهم، ويمنع من تحرير طاقاتهم الكامنة على نحو كامل. وضمن التحديات يأتي في المرتبة الثانية عامل الفساد المالي والإداري، الذي اعتبر ومن خلال الشبكة العربية لتعزيز النزاهة ومكافحة الفساد، بكونه يساهم في ترسيخ نموذج اقتصادي إقصائي، أدى إلى ضرب مسيرة التنمية في المنطقة، وظهر ذلك جليا بعد التحول إلى اقتصاد السوق في ثمانينات وتسعينيات القرن الماضي، حيث كان يفترض حسب الشبكة من صناع القرار، تمكين القطاع الخاص من المساهمة في التنمية، لكن وجود الفساد والتقصير في مكافحته، منعا نمو هذا القطاع بشكل صحي ومسؤول. وقد خلف هذا النموذج التنموي أثرا سلبيا -حسب التقرير- في الاستحقاق الذي يدعم الأفراد من المهد إلى اللحد، وأخطر من ذلك، أنه عزز التهميش السياسي والفوارق الاقتصادية، والاجتماعية لدى الشباب العربي بصفة عامة، وشجع الاستهلاك على حساب الإنتاجية والاستثمارات الطويلة الأجل في القدرات البشرية، وأوجد إشكالية الفساد التي أبطأت عجلة التنمية بمختلف أشكالها. وضمن التحديات المطروحة على الشباب المغربي، يأتي تحدي الاستقرار والأمن الداخلي كعنصر ثالث، رغم ضعف نسب هذا المؤشر، مقارنة بالدول العربية الأخرى. وأكد التقرير، أنه بالرغم من أن شباب اليوم يصل إلى مرحلة البلوغ في سياق تنموي يشهد ارتفاعا في تفاوت الدخل، واتساعا في عدم تكافؤ الفرص، وتباطؤا في معدلات النمو، وتقلصا في القدرة على خلق فرص للعمل، فإن هذا يضعف التزام هذه الفئة، بالحفاظ على مؤسسات الحكم القائمة، ورغبة المشاركة في الحياة العامة، ما يؤدي إلى نشوء وضع لا يتناسب مع احتياجاتهم ولا يرقى إلى تطلعاتهم. كما سجل التقرير وفق أحدث الإحصائيات، إلى أن أعمار ثلثي سكان المنطقة العربية تقل عن 30 عاما، نصفهم في الشريحة العمرية 15-29 سنة. وهؤلاء هم الذين يعتبرهم التقرير شبابا، ويقدر عددهم بأكثر من مئة مليون. وهذه الكتلة السكانية غير المسبوقة في تاريخ المنطقة العربية من شباب في أهم سنوات القدرة على العمل والعطاء. ويبين التقرير أن هذه النافذة الديموغرافية تمثل فرصة حقيقية على مدى العقدين القادمين، يتعين على المنطقة اغتنامها بشكل عاجل. ويأتي صدور تقرير التنمية الإنسانية العربية للعام 2016، مع تزامنه وبقوة مع شروع البلدان في إعداد خططها لتنفيذ «خطة 2030»، إذ يدعو الدول العربية إلى الاستمرار في شبابها، وتمكينهم من الانخراط في عمليات التنمية، كأولوية حاسمة وملحة في حد ذاتها، وشرط أساسي لتحقيق تقدم ملموس ومستدام في التنمية والاستقرار للمنطقة بأسرها. محمد عارف