تميزت الدورة الثامنة للجامعة الصيفية للسينما التي انعقدت بالدار البيضاء بدلا من المحمدية في الفترة من 25 الى 28 غشت ببرنامج حافل ومكثف، مكن من خلق فرص لتبادل الخبرات بين الأندية، والإطلاع على جديد إنتاجاهم الفيلمي، مع الرهان على توسيع قاعدة الانخراط بالجامعة الوطنية للأندية السينمائية بالمغرب، إلى جانب تكريم عدد من الوجوه التي أغنت المشهد السينمائي بعطاءاتها. تكريم السينفيلي المختار أيت عمر في حفل الافتتاح انطلق حفل الافتتاح بتكريم الأستاذ المختار أيت عمر، حيث قدم في البداية شريط قصير من ستة دقائق، من إخراج جمال المودن، يختزل بعض المحطات من مسار الفاعل الجمعوي أيت عمر المختار و بعض محطات مساهماته في حركة الأندية السينمائية، كما أعطيت الكلمة لصديقه في المكتب الجامعي سابقا الأستاذ فرحات لتقديم شهادة: تطرق فيها لخصال هذا الرجل ونضاله من أجل ترسيخ ثقافة سينمائية جادة، وبدوره أخذ الكلمة أيت عمر المختار الذي رصد جانبا من النضال الثقافي لأطر حركة الأندية السينمائية، خاصة النسائي منه وعرف الحاضرين على أسماء لجنود الخفاء الذين ساعدوا المكتب الجامعي على إصدار مجلته "دراسات سينمائية" وأهدى التكريم لزوجته ولزوجة فرحات علي. حضر هذا الحفل السيد طارق الخلامي نيابة عن مدير المركز السينمائي، والعديد من الأسماء في مجالي السينما والنقد، مثل محمد كلاوي ومحمد صوف ومصطفى فوميسيل وأحمد بوغابة ولحسن زينون وصلاح ديزان وحميد نجاح وعبد الإله الجوهري وفاطمة بوجو وجيهان كمال وممثلي العديد من المنابر الاعلامية. تميز الحفل الافتتاحي أيضا -الذي نشطته الإعلامية هناء العايدي- بتقديم لجنة التحكيم، التي ترأسها المخرج يونس الركاب والممثلة جيهان كمال وأطر الأندية السينمائية عبداللطيف الركاني وكريم واكريم وبوشعيب الجاموسي. اختتم الحفل بعرض فيلم الصوت الخفي للمخرج كمال كمال، الذي قامت بتقديمه بطلة الفيلم جيهان كمال . 86 شابا وشابة استفادوا من الورشات التكوينية راهن برنامج الجامعة الصيفية للسينما على التكوين بالدرجة الأولى، من خلال عدد من الورشات التكوينية التي نظمت يومي 26و27غشت، وأطرها أساتذة ومبدعون في مجال الفن السابع، حيث استفاد 86 شاب وشابة منهم 60 من أطر الأندية السينمائية من خارج مدينة البيضاء، و26 من البيضاء. احتضنت دار الشباب سيدي معروف ثلاث ورشات، أولها ورشة كتابة السيناريو وهي ورشة تقنية وتطبيقية في كتابة السيناريو، تناول خلالها الأستاذ إبراهيم هنائي تقنيات الكتابة من الفكرة إلى مبيان الكتابة الذي يقدم التقطيع الحكائي les articulation selon le paradigme de Field ومن بين أهدافها :تمكين المشاركين من الإطلاع على ميكانزمات الحكي و ضبط تمفصلات القصة مع الوقوف على أهمية التوازن بين زمن الحكي وزمن العرض وتحليل سيناريو فيلم قصير وصولا إلى كتابة سيناريو تطبيقي مع المشاركين. حرص الأستاذ عبدالمجيد السداتي على تأطير ورشة القراءة الفيلمية، التي كان هدفها جعل المتدربين يميزون بين مختلف الخطابات الفيلمية وأهمية كل واحد منها في مقارباته، ورصد الاختلافات بين طرق وآليات اشتغال كل من الصحفي والناقد والمحلل، كل حسب مرجعياته وأداواته و جهازه المفاهمي، حيث تم اختيار بعض النماذج من الأفلام في محاولة لتفكيك بعض رموزها وشفراتها، و التركيز أساسا على اللغة السينمائية و المكونات الفنية والجمالية والتقنية للفيلم، وكانت مناسبة للمستفيدين من إنتاج وتطبيق مجموعة من المعارف والمفاهيم، للخروج بتصورات دقيقة ومنهجية حول الفيلم السينمائي. بينما أطر الأستاذ عبد اللطيف عطاش، وهو أستاذ في تدبير الإنتاج بالمعهد المتخصص بمهن السينما بورزازات ورشة إعداد الملف القانوني والدراسة المالية لإنتاج الفيلم، التي مكنت المتدربين خاصة المخرجين الهواة من طرق وكيفية إعداد الملف القانوني للفيلم، من ناحية الانتاج والتراخيص الضرورية، والإعداد للتصوير، وكذا التعرف على المهن السينمائة، وإنجاز نماذج العقود مع الطاقم التقني والفني. ومن المقررأن يستمر التفاعل بين المستفيدين والمؤطرين عن بعد، من خلال إحداث مجموعات مغلقة على (الفيسبوك) يديرها المؤطرون للورشات، وتهدف لمواصلة التكوين والنقاش في هذه المواضيع بعينها. في رحاب النادي السينمائي نظمت فقرة "في رحاب النادي السينمائي " مباشرة بعد عشاء ليلة الجمعة 26غشت بمركز الاستقبال سيدي معروف، وهو النشاط الذي يخصص لتقديم نشاط نموذجي للتنشيط داخل النادي السينمائي، قصد تطوير تجربة الأندية السينمائية، و جعل تنشيط هذه الحصة تكون من طرف أحد الأندية السينمائية المنضوية تحت جواسم. في هذا الإطار تكلف النادي السينمائي بخريبكة بتقديم تجربته، و ذلك من خلال تقديم فيلمين قصيرين و مناقشتهما، يتعلق الأول بالحلم السادس من فيلم "أحلام" للمخرج الياباني أكيرا كيروساوا المعنون ب "جبل فوجي يكتسي لونا أحمر" من تنشيط عبد اللطيف الركاني" و الثاني فيلم "عندما تسمع الجريسات" للمخرجة الأفغانية شابنام زرياب. هذا الاختيار له مبرراته نظرا لكون الفيلم الأول يكثف بشكل قوي عناصر الكتابة السينمائية"، التي تجعله وسيلة ديداكتيكية ناجحة لإبراز هذه العناصر، و أهميتها من خلال مساءلة قضية علاقة الشكل بالمضمون، كما تبين ذلك الورقة التحليلية المصاحبة. أما الاختيار الثاني فتكمن أهميته من جهة في اختيار الموضوع "أطفال اللذة الأفغانيين،" الذي يعتبر في حد ذاته قويا و جذابا و مثيرا للفضول لدى المتفرج، و من جهة أخرى في المعالجة السينمائية على اعتبار أن هذه الأخيرة قد تقتل الموضوع أو تقويه، لذا قدم هذا النشاط الذي تم تأطيره من طرف عزيز عليلوش تحت عنوان "من الموضوع إلى السينمائي". و قد لاقت هذه الحصة استحسانا من طرف المتتبعين. لقاء مفتوح مع كمال كمال عقدت الجامعة الصيفية للسينما لقاء مفتوحا حول تجربة المخرج كما كمال، انطلقت مساء السبت 27 غشت بقاعة المركب الثقافي سيدي بليوط، ودامت أزيد من ساعتين ، حيث نشط هذه الجلسة الناقد السينمائي يوسف أيت همو، الذي اقترح على المخرج مشاهد من فيلمه "السيمفونية المغربية "، ناقشها معه من زاوية علاقة السينما بالموسيقى، وتقنية الكتابة السينمائية التي وظفها المخرج، كما تطرق معه في معرض الحديث عن مفاهيم الإبداع والفن ودور الجمال بالنسبة للفرد والمجتمع، وبعدها فتح نقاش مع الحاضرين الذين تفاعلوا بشكل إيجابي مع القضايا المطروحة، وتتبعوا بتركيز كل ما دار في الجلسة. أتاح هذا اللقاء للحاضرين فرصة نادرة للتعرف على جوانب وطرق اشتغال هذا المبدع، كما أن المبدعين الشباب تعرفوا على جوانب من صعوبات الإنتاج وإخراج الأفلام ببلادنا، وعن التضحيات التي يقدمها الفاعل في الميدان. ندوة السينما والمدرسة والرهانات التربوية /حفل توقيع الكتب نظمت هذه الندوة يوم الأحد 28غشت انطلاقا من الساعة العاشرة صباحا بقاعة سيدي بليوط، حيث قامت بتسييرها نائبة رئيس جواسم الأستاذة أمينة الصيباري، التي انطلقت من أرضية الندوة، التي بسطت واقع السينما داخل المنظومة التربوية المغربية برمتها، من حيث هو واقع مزري يعرف تبخيس القيمة التربوية للسينما في المدرسة وساهم في الندوة الدكتور حميد اتباتو الذي تحدث عن علاقة السينما بالمدرسة المعطوبة وعن السياسة التعليمية التي وجب أن تعنى بالتحديث الحقيقي للمدرسة العمومية والاقتناع بأن السينما هي آلية أساسية لتحقيق هذا التحديث، وأوضح اتباتو موقفه للحضور خلال مداخلته المعنونة ب"السينما والمدرسة والرهانات المهدورة"، بتأكيده على أن الحديث عن السينما من داخل المدرسة ليس مرتبطا فقط بتدريسها، بل بإدراجها كذلك في البرامج التعليمية وفي الأنشطة الموازية، وأن الإشكالات التي تحول دون إدماج السينما في المدرسة بشكل حقيقي، تعود إلى العطب المتواجد على المستوى السياسي و الثقافي والذهني، وفي معضلة التدبير وتمحورت مداخلة الدكتورفريد بوجيدة ، حول مذكرة إحداث النوادي السينمائية التي وقعت في عهد حكومة التناوب بين الجامعة الوطنية للأندية السينمائية من جهة ووزارة التربية الوطنية، حيث وضعت إطارا قانونيا لتنظيم العلاقة بين السينما والمدرسة من مدخل الثقافة السينمائية ، وهو ما اعتبره اعترافا بالدور الإيجابي لأنشطة الأندية السينمائية داخل المدرسة، وحدد الباحث في السوسيولوجيا الدور الأساسي للفاعل التربوي في تلقين التلميذ لغة السينما ودلالات الصورة وتعبيراتها، كما قدم ملاحظاته حول العلاقة الرابطة بين المدرسة والسينما، بتأكيده على أن الأمور لا تزال بعيدة عن الطموحات، كونها لم تستوعب بالشكل المطلوب،.ومن جهته اختار عضو اتحاد كتاب المغرب لفرع القنيطرة الدكتور محمد صولة لمداخلته عنوانا هو : "رمزية المدرسة سؤال التربية وأنساق التحليل السينمائي" حيث أشار أن مجمل الرهانات التربوية التي تقتضيها العلاقة بين المدرسة والسينما، تتطلب الاستناد إلى خلفية معرفية تفكيكية وتفاعلية بينهما، تهتم بالبنيات وسياقاتها والأنساق وتمثلاتها، إضافة إلى معرفية تطبيقية، تستفيد من أدائية فنون الفرجة، وما تقدمه وتعرضه خلايا البحث والورشات من تجارب تخص العلاقة وخصوصيتها الوظيفية التي تهدف إلى تهذيب الذوق والعقل والحوار، على الرغم من الاختلاف في المفاهيم والوسائل.
لكن تبقى الغايات موحدة، ودعا الى ضرورةحضور للمرجعية العلمية والفلسفية والتقنية المستندة إلى المعرفة والإبستيمولوجيا بمدرستنا المغربية وربط تطورالعلاقة بين المدرسة والسينما بتطورمكانتها في المجتمع، بحيث لا يصح الحديث عنها من هذا المنظور دون الإشارة إلى الاقتصاد والسياسة والإنسان. اختتمت الجلسة بتوقيع الكتب التالية : " مفتاح نظرية السينما " (من ترجمة : نور الدين بوخصيبي ومحمد عبد الفتاح حسان وبوبكر الحيحي)، و " محمد مزيان ، سينمائي وحيد ومتمرد " (جماعي من إعداد أحمد سيجلماسي)، و " نسق الحكي الفيلمي / أصدقاء الأمس لحسن بنجلون نموذجا / مقاربة سيميائية " (للدكتور محمد صولة ) و " حميد اتباتو : قلق الكتابة والإنتساب " (جماعي) و " هوية السينما المغربية – فتنة اللامرئي وقلق المغلوبين " (الطبعة الثانية للدكتور حميد اتباتو) و " الصورة والمجتمع : من المحاكاة إلى السينما " (للدكتور فريد بوجيدة) . بالموازاة مع العروض السينمائية تم تنظيم معرض للكتاب أشرف عليه الكتبي حسن بنعدادة من مدينة فاس . " النفس الأخير ".. الفيلم المتوج بجائزة محمد الركاب لأفلام مبدعي الأندية السينمائية تم الإعلان خلال ليلة الأحد 28 غشت انطلاقا من الثامنة ليلا في حفل اختتام الدورة الثامنة للجامعة الصيفية للسينما، الذي احتضنته قاعة المركب الثقافي سيدي بليوط بالدار البيضاء ، عن الأفلام الفائزة بجوائز مسابقة محمد الركاب الوطنية لأفلام مبدعي الأندية السينمائية ، وهي المسابقة التي شهدت مشاركة 10 أفلام وترأس لجنة تحكيمها المخرج يونس الركاب. بعد قراءته لتقرير لجنة التحكيم ، الذي تضمن جملة ملاحظات وبعض التوصيات ، أعلن رئيسها عن النتائج التي أسفرت عنها المداولات وهي : أولا ، فوز فيلم " النفس الأخير " لعبد الحفيظ العيساوي ، عن جمعية سيني مغرب بوجدة ، بالجائزة الكبرى (جائزة محمد الركاب) ، وتتويج الممثل الشاب محمد حميمصة بجائزة تقديرية عن دوره الرئيسي في هذا الفيلم الذي يحكي عن المعاناة المادية والإجتماعية لممثل مغربي بسبب تراجع وتقلص الإنتاجات السينمائية الأجنبية المصورة بورزازات . ثانيا ، حجب جائزة الإخراج (جائزة محمد الدهان) نظرا لعدم توفر معايير ومقومات منحها في الأفلام المتبارية . ثالثا ، حصول فيلم " سباق الأمل " ليوسف الرهيش ، عن نادي إيموزار للسينما ، على جائزة السيناريو (جائزة غازي فخر عبد الرزاق) . ولم يفت لجنة التحكيم أن تنوه بالمجهود المبذول في فيلمين قصيرين هما : " القدر " للخضر الحمداوي ، عن جمعية سيني مغرب بوجدة ، و " تفاصيل " لعادل أوجاعة ، عن جمعية التربية والتنمية – فرع ورزازات . وبعد توزيع الجوائز تم عرض فيلم " الأوراق الميتة "، بعد أن أجرى عليه المخرج يونس الركاب بعد التعديلات على مستوى المونطاج وتقليص مدة الفيلم، ولأول مرة تمت مشاهدته بالصيغة الجديدة بحضور بعض أعضاء الطاقم الفني والتقني للفيلم، واختتم بجلسة نقاش مفتوحة حول الفيلم مع يونس الركاب أدارها الناقد السينمائي عبد المجيد السداتي.