علا الإستغراب محيا عبد الصادق السعيدي الكاتب العام للنقابة الديمقراطية للعدل أول أمس الإثنين. طيلة اليوم وهو يتلقى اتصالات هاتفية من جل أعضاء المكتب الوطني والمجلس الوطني للنقابة فحواها توصلهم باستفسارات من رؤسائهم المباشرين بسبب عدم حضورهم إلى مكاتبهم يوم الجمعة المنصرم. تنهد السعيدي قليلا، وطلب بنبرة هادئة من عبد الله الشريفي العلوي كاتب فرع النقابة بالدارالبيضاء بعدم التسرع في الرد. هذا الأخير تلقى بدوره في نفس اليوم استفسارا من رئيسه المباشر يطلب منه الإجابة عن سبب عدم حضوره لمقر عمله بالمحكمة الإبتدائية للدار البيضاء بقصد موافاة الإدارة المركزية برده. ليس العلوي الشريفي وحده من توصل بالإستفسار من مديرية الموارد البشرية عن طريق رئيسه المباشر، بل كل من حضر الوقفة الإحتجاجية التي نظمت الجمعة الأخير بورززات للمطالبة ب «رحيل الوكيل العام للملك بمحكمة المدينة» والذي يتهمونه ب «كونه أحد رموز الفساد». جل أولئك من أعضاء المكتب الوطني للنقابة وأعضاء مجلسها الوطني. لم يستسغ موظفو العدل تلقي أعضاء المجلس الوطني لنقابتهم لاستفسارات، لذلك رفعوا خلال الوقفات التي عرفتها مختلف محاكم المملكة أمس شعار «الإستفسارات ... الإستفسارات.. تؤجج النضالات». العلوي الشريفي كاتب عام فرع الدارالبيضاء قال في اتصال هاتفي بالجريدة « إن الجواب عنها سيكون موحدا». وأضاف بلغة تحدي «كون كنا كنخافو من الدجاج.. كاع ما نحمروه». كان ممثل النقابة في الدارالبيضاء طيلة صبيحة أمس يتنقل من محكمة لأخرى، وذلك بغرض «التعبئة لإنجاح اضراب اليوم الأربعاء وغدا الخميس»، وعلق على قرارات الإستفسار بالقول «نحن الآن أمام معركة الدفاع عن الحريات وتحصين المكتسبات وأمام إرادة لاضعاف العمل النقابي». لم يستسغ السعيدي ومعه عبد الله الشريفي قرارات الوزارة الوصية، وقال «أستغرب كيف تستهدف الوزارة نقابتنا، في حين أن أعضاء نقابة أخرى أقل تمثيلية قاموا باضراب جهوي مؤخرا دون أن يتم استفسارهم». لحد الآن لا يزال التوتر قائما في قطاع العدل، «كل الوساطات فشلت في احتواء المشكل» يقول عبد الصادق السعيدي، مضيفا أن نقابته ستنفذ الإضراب الذي قررته في آخر اجتماع لمكتبها الوطني. لم يتضح بعد إن كان توجيه استفسار لموظفي العدل المتغيبين هو مقدمة للإقتطاع من أجورهم بعد تلويح الحكومة باللجوء إلى ذلك وصراعها مع الزمن لإخراج مشروع القانون التنظيمي حول الإضراب الذي سيعرض على البرلمان في متم يونيو المقبل، كما كشف عنها وزير التشغيل والتكوين المهني عبد الواحد سهيل للجريدة في حوار للجريدة في عدد أمس. قبل أن تخرج الحكومة القانون التنظيمي للإضراب إلى حيز الوجود، سيشل موظفو العدل العمل بالحاكم يومه الأربعاء وغدا الخميس. ذلك ما أكده المكتب الوطني للنقابة الذي التأم يوم الجمعة الأخير بورززات. النقابة قررت أيضا مباشرة الاتصال مع الجمعيات الحقوقية والهيآت المهنية والفرق النيابية، لشرح حقيقة الأمر ودواعي هذا التوتر وموقف وزارة العدل والحريات، خاصة أنها تعتبر أن «التوتر الحالي تمفتعل من قبل وزارة العدل والحريات»، واتهمتها «بتحرير البلاغات الكاذبة وإعطاء التصريحات الكاذبة، للتغطية عن فشلها الذريع في التعاطي مع المطالب الاجتماعية لموظفي العدل»، واستنكرت تصريحات مسؤولي الوزارة التي «جعلتهم مسؤولين عن أزمة الاقتصاد الوطني، و عن تراكم الملفات بالمحاكم، وعن سلب الحريات، وعن إهدار المال العام، و عن تعطيل مصالح دافعي الضرائب، وعن انتشار الفساد». لم يتقبل وزير العدل لجوء رفاق عبد الصادق السعيدي في النقابة الديمقراطية للعدل إلى الإضرابات المتواصلة. لذلك شددت وزارة العدل والحريات من لهجتها مؤخرا، وقالت في بيان لها إنها « ترفض كل تعسف في استعمال الحق في الإضراب»، وإن «الإضراب ليس له ما يبرره في الوقت الراهن بالنظر للمكتسبات التي حققها القطاع مقارنة مع باقي القطاعات الحكومية»، وقالت إن الإضرابات كلفت ما قدره 16ر56 مليون درهم، السنة المنصرمة، وأيضا البطء في البت في 812480 قضية. الدعوة إلى إضراب ثالث هذه السنة في قطاع العدل والحريات، وفشل المساعي للوساطة بين الوزارة وموظفيها، قد يؤجج التوتر في القطاع، وقد لا ينتهي ما دام شد الحبل بين الجانبين مستمر بين الوزير والنقابة الأكثر تمثيلية في القطاع.