في الوقت الذي يعكف فيه خبراء وزارة التشغيل والتكوين المهني في سباق مع الزمن لوضع اللمسات الأخيرة على مشروع قانون الإضراب، بدأت أصوات مسؤولي المركزيات النقابية تتعالى بمجرد الانتهاء من إلقاء نظرة على فصول مسودة المشروع، بين مؤيد له لوضع حد لفوضى الاضرابات وآخر معارض لكيفية تحديد شروط خوضه و مساطر تنفيذه من قبل الشغيلة والموظفين. «لسنا من هواة الإضراب، فنحن مع قانون يحترم المعايير الدولية في ممارسة العمل النقابي»، يقول عبد الرحمان العزوزي الكاتب العام للفيدرالية الديموقراطية للشغل، الذي لم يخف أن اللجوء إلى الإضراب يكون على مضض، في ما نائبه عبد الحميد فاتيحي، لم تفته الفرصة ليؤكد بدوره على أن الفيدالية «مع إخراج قانون للإضراب وغيابه سبب لنا كثير من المتاعب والمشاكل»، في الوقت الذي حصلت فيه القناعة لدى الحكومة بضرورة تقنين الإضراب، فمصطفى الخلفي الناطق الرسمي باسم الحكومة، قال في إحدى تصريحاته في الموضوع « ليس من المعقول ممارسة الحق في الإضراب وأخد الأجرة عليه». وبين قناعة الحكومة ورغبة الفيدراليين في تحقيق إحدى مطالبهم القديمة المتمثلة في إخراج قانون للإضراب، يقف إخوان محمد يتيم الكاتب العام للاتحاد الوطني للشغل الذراع النقابية لحزب العدالة والتنمية الذي يقود قاطرة الحكومة، إلى جانب رفاقهم في الفيدرالية، فالإضراب لديهم في الوقت الحالي لم يعد له جدوى، حسب مصدر من نقابة الاسلاميين، «من حيث المبدأ فالنقابة مع إخراج قانون الإضراب، لكن وفق شروط، حتى لا يتحول الإضراب إلى فوضى لا معنى لها». لكن السمفونية التي يعزفها رفاق العزوزي وإخوان يتيم بخصوص تأييدهم لمشروع قانون الإضراب، لا يرددها رفاقهما في أقدم نقابة، الاتحاد المغربي للشغل، مغردين بذلك خارج سرب باقي النقابات، التي اشترطت فقط أن يحترم المشروع المعايير الدولية في العمل النقابي، إلا رفاق الميلودي مخارق الكاتب الوطني للنقابة، ينتقدون طريقة إعداد المشروع وانفراد الحكومة بوضعه، حيث اعتبرت عضوة الأمانة الوطنية للنقابة أمال العمري أن الإضراب«لا يجوز أن يكون موضع تقنين يقيد الحقوق الأساسية ويقلص الحريات» وإذا كانت المركزيات النقابية قد توزعت بين معارض لبعض مقتضيات مشروع قانون الإضراب وبين من وضعت شروطا لممارسته، فإن عبد العظيم الكروج، الوزير المكلف بالوظيفة العمومية وتحديث الإدارة، لم تفته الفرصة أول أمس، تحت قبة مجلس النواب، أثناء تقديمه للرؤية الجديدة للوزارة التي تضع المواطن والمقاولة في صلب التحديث، ليؤكد أن «الحكومة بصدد إعداد نص يتعلق بالإضراب يتضمن عدد من التوجهات الجديدة منها على الخصوص التنصيص على الحوار قبل اللجوء الى الإضراب»