سائقو سيارات «النقل السري» بإقليم تاونات وتازة، صاروا هذه الأيام تحت رحمة حملة مشددة تشنها عناصر الدرك الملكي بلا هوادة على طرق محلية، كرد صريح على حادث احتجاز السكان لدركيين على الطريق الجهوية رقم 508، قبل بضعة أيام، بدعوى تلقيهما رشاوى. دوريات الدرك الملكي المتمركزة عند الحواجز الطرقية، أو المتجولة عبر الأسواق القروية المحلية، أوقفت العشرات من سائقي سيارات النقل السري بجماعات أوطابوعبان وعين كدح وسيدي محمد بن الحسن التابعة لدائرة تيسة بتاونات، وجماعة حد أولاد زباير التابعة لإقليم تازة، وجرى سحب رخص السياقة وأوراق السيارات منهم، وإيداع العديد من السيارات المستعملة في «النقل السري» بمحجز محلي، بينما تم تحرير مخالفات في حق بعضهم، بتهم تتعلق ب «عدم الامتثال، وإهانة موظفين أثناء أداء مهامهم، وممارسة نشاط غير قانوني»... أعوان السلطة المحلية انخرطوا بدورهم في حملة «التضييق» الجارية على «الخطافة»، وعمدوا إلى إخبار عشرة سائقين على الأقل، بضرورة المثول أمام الدرك للاستماع إليهم، دون تحديد أسباب ذلك، بينما التهمة الرئيسية الموجهة إليهم تتمثل في الوقوف «وراء التحريض على الاحتجاج ضد عنصرين من الدرك الملكي». عضو جماعي بالمجلس القروي لجماعة أوطابوعبان، صاحب سيارة للنقل السري، تم توقيفه هو الآخر الأربعاء الماضي في سياق الحملة نفسها، وأكد أحد أفراد عائلته في اتصال هاتفي بالجريدة، أنه تمت إحالته رفقة أربعة سائقين مماثلين على السجن المحلي عين عائشة قبل تقديمهم أمام أنظار النيابة العامة بابتدائية تاونات، فيما تم الإفراج عن سائقين آخرين. وفي الوقت الذي توجد فيه «تعليمات» بتوقيف سائقين مخالفين ومحرضين، يتم شن حملة موازية، قال سكان من المنطقة إنها جاءت ب «إيعاز من الدرك»، عمد من خلالها العشرات من الأشخاص، منهم «خطافة» وأرباب سيارات النقل السري، إلى الإدلاء بشهادات «تبرئ ذمة الدرك الملكي بالمنطقة، وتنفي تورطه في أي عملية ارتشاء أو ابتزاز لسائقي سيارات النقل السري». هذه التطورات تأتي في أعقاب حادث إقدام العديد من مستعملي الطريق الجهوية التي تربط بين إقليمي تازة وتاونات، ومنهم سائقو النقل السري، خلال نهاية شهر يناير الماضي، على احتجاز عنصرين للدرك الملكي على متن سيارة للمصلحة، بعد أن شك السكان في تورط العنصرين في «ابتزاز السائقين وتلقي رشاوى منهم، وعدم قانونية الحاجز الذي وضعاه على الطريق المحلية، بدعوى أنهم ينتميان إلى مركز الدرك بتيسة بإقليم تاونات، بينما تم ضبطهما داخل الحيز الترابي لإقليم تازة». احتجاز الدركيين استمر أكثر من ست ساعات، حضر خلالها العديد من المسؤولين في السلطة والدرك ومنتخبين إلى عين المكان بهدف إقناع المحتجين ب «الإفراج» عن الدركيين، مقابل تقديم وعود بفتح تحقيق وتقديم الدركيين المعنيين إلى العدالة. التحقيق الذي باشرته القيادة الجهوية للدرك الملكي بفاس عقب الحادث، لم يتم الكشف بعد عن مضمونه، وبالتالي لم يعرف الإجراءات المتخذة في حق الدركيين الاثنين، في انتظار إعداد تقرير سيمكن القيادة المركزية من اتخاذ القرار المناسب، في حين لم يستبعد مصدر دركي مسؤول، احتمال أن يكون حادث «احتجاز الدركيين» من قبل السكان «مفبركا وعن سوء نية»، وذلك كرد فعل منهم على احتجاز مجموعة من سيارات النقل السري من المنطقة قبل أيام قليلة عن الحادث. محمد الزوهري