نددت عدة فعاليات حقوقية ومدنية وهيئات إعلامية بتصريحات الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، حول الصحراء المغربية، خلال جولته الأخيرة بالمنطقة، والتي مست مشاعر المغاربة، مؤكدة أن هذه التصريحات لن تثني المغرب عن مواصلة جهوده الرامية إلى تنمية أقاليمه الجنوبية وجعلها نموذجا تنمويا يحتذى على الصعيد الإقليمي، وتعزيز الصرح الديمقراطي وحماية حقوق الإنسان. وهكذا، نددت هيئات إعلامية بالأقاليم الجنوبية للمملكة بالانحياز السافر للأمين العام لمنظمة الأممالمتحدة بان كي مون بخصوص قضية الوحدة الترابية للمملكة، والتي مست مشاعر الشعب المغربي. واستنكرت هذه الهيئات الإعلامية، التي تضم فرع النقابة الوطنية للصحافة المغربية ونادي الصحافة بالصحراء وفيدرالية ناشري الصحف الجهوية بالأقاليم الجنوبية، في بيان مشترك توصلت وكالة المغرب العربي للأنباء بنسخة منه، انزلاقات بان كي مون اللفظية خلال زيارته الأخيرة للمنطقة. وأعربت هذه الهيئات عن استغرابها الشديد لما صدر عن الأمين العام للأمم المتحدة في تعبيره ووصفه المغرب ب"المحتل" في إشارة منه إلى استرجاع المغرب لأقاليمه الجنوبية، معبرين عن أسفهم واستيائهم الشديدين من تصرفات مسؤول أممي يفرض عليه منصبه الالتزام بالحياد. وكانت الحكومة المغربية قد أعلنت مؤخرا في بلاغ لها، عن احتجاجها القوي على تصريحات الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون حول قضية الصحراء المغربية، مسجلة "باندهاش كبير الانزلاقات اللفظية وفرض الأمر الواقع والمحاباة غير المبررة للأمين العام الاممي بان كي مون خلال زيارته الأخيرة للمنطقة". من جهتها، دعت الجمعية الصحراوية للتنمية المستدامة وتشجيع الاستثمار كافة شرائح الشعب المغربي الأبي أن يهبوا إلى الوقوف في صف منيع ضد هذا "العدوان الغاشم والانحياز الفاضح". ورفضت الجمعية الصحراوية، في بيان لها، رفضا تاما وقاطعا الألفاظ غير المسؤولة وغير القانونية التي وصف بها الأمين العام للأمم المتحدة بان كي-مون الصحراء المغربية في محاباة تامة لدولة الجزائر وربيبتها جبهة "البوليساريو". وأعربت الجمعية الصحراوية، حسب البيان، عن شجبها القوي لمحاولة "بان كي-مون فرض أمر واقع وإيجاد أجندة جديدة في ملف الصحراء في تناف تام مع المهمة الأساسية لمنظمة الأممالمتحدة ومجال تدخلها في فض هذا النزاع المفتعل". وطالبت الجمعية في ذات الوقت السلطات المغربية ب"منع زيارات المبعوث الشخصي للأمين العام والانسحاب من المفاوضات غير المباشرة التي ترعاها المنظمة الأممية إلى حين التزام بان كي-مون بالحياد التام بين أطراف النزاع". بدورها، أعربت الزاوية الحسونية بسلا عن إدانتها الشديدة لتصريحات الأمين العام للأمم المتحدة المغرضة والضالة والبعيدة كل البعد عن الحقيقة الشرعية، والتي "تعد انحرافا غير مسبوق عن نبل وأهداف ورسالة الأممالمتحدة والتي تستوجب الحياد والحكمة". وجاء في بلاغ للزاوية الحسونية "لن نقبل استفزاز الشعب المغربي المتشبث بوحدته الترابية والمتجند وراء جلالة الملك محمد السادس للدفاع عن مقدساتنا الوطنية"، مضيفا "وليعلم الجميع أن الصحراء المغربية هي في الأصل مغربية وفق التاريخ والشرعية الدولية ومن تجاهل هذه الحقائق التاريخية فهو ضال وضد المنطق الدولي". من جهتها، أعربت الهيئة المستقلة للدفاع عن حقوق الإنسان بالصحراء عن استنكارها الشديد واندهاشها العميق لهذه التصريحات المتناقضة تماما مع كل التوجهات الرسمية للأمم المتحدة المتعلقة بملف الصحراء المغربية، مؤكدة أن المسؤول الأممي اتخذ موقفا سياسيا منحازا وتخلى بذلك عن المهام الحيادية الموكولة إليه لإيجاد تسوية للنزاع المفتعل حول الصحراء المغربية . كما اعتبرت أن هذه التصريحات المنحازة للأمين العام للأمم المتحدة انحرافا عن أهداف الأممالمتحدة التي تسعى إلى استتباب الأمن والبحث عن الحلول السلمية لبؤر التوتر في مختلف بقاع العالم، ولا تخدم السلم والأمن بالمنطقة المغاربية التي تعاني أصلا من تهديدات الإرهاب، مشددة أن هذه التصريحات تعد استفزازا صريحا لمشاعر المغاربة. وحملت الهيئة المستقلة للدفاع عن حقوق الإنسان بالصحراء المسؤولية للأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بخصوص تغاضيه عن مطالب المنتظم الدولي ومجلس الأمن بخصوص إحصاء ساكنة مخيمات تندوف، وعدم استجابته لمختلف الهيئات الحقوقية الدولية وللبرلمان الأوروبي بمتابعة قادة البوليساريو بسبب اختلاسات الإعانات الدولية الموجهة للصحراويين المغاربة المحتجزين بمخيمات تندوف، وتجاوزه للانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي تشهدها يوميا مخيمات الحمادة بمباركة المخابرات الجزائرية، إضافة إلى اهتمامه بكيان وهمي لا تتوفر فيه مقومات الدولة إرضاء لحكام الجزائر، وعدم استغلاله لفرص السلام التي يتيحها مقترح المغرب المتعلق بمنح أقاليمه الجنوبية حكما ذاتيا موسعا تحت السيادة المغربية وهو المقترح الذي يصفه المنتظم الدولي بالجدية والمصداقية. من جهته، أكد رئيس الجمعية الوطنية للمحامين الشباب بالمغرب، محمد الحبيب بنشيخ، أن التصريحات "غير المسؤولة" للأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون حول الصحراء تعتبر "تقويضا لكل الجهود المبذولة للتوصل إلى حل ينهي نزاعا أرهق المنطقة المغاربية". واعتبر بنشيخ، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء على هامش مشاركته في ندوة دولية ببوينوس أيريس حول تسهيل الولوج إلى العدالة، أن تصريحات بان كي مون "تقويض لكل الجهود التي سبق للأمم المتحدة أن قامت بها من أجل التوصل إلى حل ينهي نزاعا إقليميا أرهق المنطقة المغاربية بشكل كبير على المستوى السياسي وعلى مستوى تأسيس فضاء مغاربي باقتصاد قوي". وأضاف أن تصريحات بان كي مون، خلال زيارته الأخيرة التي كان يفترض أن تكون محاولة لإيجاد حل لنزاع عمر طويلا، "تنم عن جهل أو تجاهل لاتفاقية جنيف الرابعة التي تحدد مفهوم ومعنى الاحتلال"، معتبرا أن هذه التصريحات "المفاجئة لأسمى مسؤول أممي جاءت لإرضاء طرف على حساب طرف آخر". واعتبر بنشيخ، المتخصص في الشؤون القانونية والناشط في الدفاع عن حقوق الإنسان، أن الجميع بات ينتظر هيكلة الأممالمتحدة التي فشلت في حل معظم النزاعات الدموية التي يتخبط فيها العالم اليوم، مبرزا أنه يتعين أن تصبح المنظمة الأممية أكثر حيادية وأكثر قربا إلى نبض الشعوب لإنهاء الحروب التي تعصف بمجموعة من المناطق خاصة بشمال إفريقيا والشرق الأوسط.