قبل بضعة أشهر، كان السيناتور تيد كروز القادم من تكساس، مرشحاً جمهورياً بين آخرين، وكان دونالد ترامب يشيد بمواقفه الحازمة ضد حكومة الرئيس باراك أوباما، لكنه تمكّن من هزيمة ترامب، مرشح الحزب الأوفر حظاً، في الانتخابات التمهيدية في ولاية آيوا. ويتميز كروز بفصاحة في الكلام وبلاغة وأسلوب واضح، ما جعله أحد أبرز وجوه اليمين المحافظ خلال أقل من ثلاث سنوات. وكان زملاء كروز ينظرون إليه على أنه شخص "غريب الأطوار"، إلى أن أصبح المنافس الرئيس لدونالد ترامب في سباق الحزب إلى البيت الأبيض. وتحوّل بالتالي إلى الهدف الرئيس لرجل الأعمال النيويوركي الذي يستهدفه باستمرار، متهماً إياه بأنه شخص فظيع أو أنه ولد في كندا، قبل 45 عاماً، ملمحاً بالتالي إلى أنه غير مؤهل لرئاسة الولاياتالمتحدة. ولا شك في أن فوز تيد كروز بغالبية 27 في المئة من الأصوات على دونالد ترامب (24 في المئة)، على رغم أن استطلاعات الرأي كانت أعطت الأفضلية للأخير، سيدفع ترامب إلى مضاعفة جهوده من أجل التفوق عليه بحسب صحيفة الحياة. يبني الرجلان مواقفهما على القاعدة ذاتها: غضب الأميركيين ضد النخبة السياسية، فيزايدان على بعضهما مثلاً في لقطاتهما الدعائية التلفزيونية في دق ناقوس الخطر بالنسبة الى الهجرة غير القانونية، أو في انتقاد "نظرية" التغيير المناخي. انتُخب تيد كروز عضواً في مجلس الشيوخ في كانون الثاني (يناير) 2013، وهو أحد عضوي المجلس اللذين يمثلان تكساس، ويدين بفوزه إلى التعبئة المحلية للتيار المحافظ المتشدّد، الذي فاجأ "الحزب الجمهوري" آنذاك. ومنذ انطلاقته، كان كروز يغيظ الأكبر منه سناً بسبب عدم إظهار الاحترام اللازم لهم، ورغبته في أن يكون تحت الأضواء، في مؤسسة تحضّ الشباب على التواضع. وخاض كروز معركته الكبرى في خريف 2013. ففيما كانت ملامح تسوية حول الميزانية ترتسم بين القادة الجمهوريين والديموقراطيين، جاهر بموقف متشدد: لا ميزانية من دون الإلغاء التام لإصلاح "أوباماكير". ونشط كروز في الكواليس، وتمكّن من استمالة عشرات الجمهوريين في مجلس الشيوخ، وتصدى للقادة الجمهوريين الذين بدأوا يضمرون كراهية لهذا الأربعيني الذي يدّعي تلقينهم كيفية الحكم. وعلى رغم أن اعتراضاته لم تتوج بنجاح، إلا أن تيد كروز سجل نقاطاً في تلك المعركة. وُلد كروز في كالغاري بكندا في 22 كانون الأول (ديسمبر) 1970، من أم أميركية وأب كوبي، هو رافاييل كروز الذي تعرض للتعذيب إبان نظام باتيستا ونفي في ال18 من عمره الى الولاياتالمتحدة من دون أن يكون ملماً باللغة الإنكليزية. وعاش تيد كروز في تكساس حيث كان مفتوناً بالدستور. وبعدما أنهى دروسه في جامعة "برنستون" ثم في مدرسة الحقوق ب "هارفرد" التي تخرج فيها مجازاً بعد أربع سنوات من تخرّج باراك أوباما، بدأ مسيرة ناجحة في المحاماة، ثم عاد إلى تكساس ليصبح في 2003 النائب العام الاستئنافي للدولة. وحوّل هذا المنصب الى منصة وطنية للدفاع عن القضايا التي يتمسك بها المحافظون، وفاز بخمس قضايا من تسع أمام المحكمة العليا. ويعتبر كروز أن التقارب الذي حصل أخيراً بين الولاياتالمتحدة وكوبا "خطأ فادح"، ويعد مدافعاً شرساً عن إسرائيل، ويعلن معارضته الشديدة للاتفاق النووي المبرم مع إيران.