أكد وزير الاقتصاد والمالية، محمد بوسعيد، أمس الاربعاء بالصخيرات، أن القانون الجديد يشكل قطيعة مع مبدأ المحاسبة القائم على استنفاذ المخصصات، ويرسي بدلا عن ذلك أسس محاسبة عصرية قوامها نجاعة الأداء. ووصف بوسعيد في كلمة خلال افتتاح يوم دراسي حول تنزيل القانون التنظيمي لقانون المالية، هذا الاخير ب"الورش المهيكل" و"الإصلاح الكبير"، معتبرا السنة المقبلة محطة حاسمة في تفعيله. وبعد أن أكد أن مشروع قانون المالية لسنة 2016 "جاء بألوان ومضامين القانون الجديد"، أبرز الوزير أن القانون التنظيمي، الذي يجسد المعايير المتقدمة في مجال شفافية القوانين المالية والميزانية ومقروئيتها، يحدد معالم جديدة لكيفية إعداد قوانين المالية والمصادقة عليها ومراقبتها. من جهته، قال ميكاييل حمايد، المدير القطري بالنيابة للمكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا بالبنك الدولي، المكلف الرئيسي بالعمليات، أن المصادقة على القانون التنظيمي لقانون المالية يشكل تكريسا لإصلاح هام واكبه البنك الدولي منذ أزيد من عقد من الزمن، مشيرا إلى أن التدبير السليم لهذا الإصلاح من شأنه بعث دينامية جديدة في طرق تدبير الشأن العام. وشدد على أن العامل الأساسي في إنجاح هذا الإصلاح، المستفيد من أنجح التجارب العالمية في مجال تدبير المالية العمومية، يتمثل في انخراط جميع الفاعلين في تنزيله مضامينه، فضلا عن استشعار حقيقي للمسؤولية من طرف جميع المتدخلين. وأشاد المدير العام المكلف بالوكالة الفرنسية للخبرة التقنية، السيد برتران باربي، من جانبه، بالمصادقة على القانون التنظيمي الجديد للمالية، مجددا التأكيد على دعم الوكالة الفرنسية للمغرب في مواكبة هذا الإصلاح "الواعد". وقال "إن الوكالة الفرنسية للخبرة التقنية ملتزمة بشكل كامل بمواكبة المغرب من أجل تنزيل القانون التنظيمي للمالية. ولهذا، عهدنا بإدارة هذا المشروع إلى السيد فرانك مورداك، الذي ترأس مديرية إصلاح الميزانية التي اضطلعت بدور محوري في تنزيل القانون التنظيمي للمالية الفرنسي". وقال رئيس الحكومة، عبد الإله ابن كيران، بنفس المناسبة، إن القانون التنظيمي الجديد لقانون المالية يشكل "ثورة هادئة" في مجال تدبير المالية العمومية، وتجسيدا للجرأة في اتخاذ القرار السياسي. وأكد ابن كيران في كلمة خلال افتتاح اليوم دراسي حول تنزيل القانون التنظيمي لقانون المالية، أن الحاجة كانت ملحة لتحديث التشريعات المنظمة لتدبير المالية العمومية من أجل تكريس مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة ومواكبة دينامية الإصلاح التي تعرفها المملكة في كافة المجالات. وحث رئيس الحكومة الفاعلين العموميين على التحلي بروح "تملك الإصلاح" و"الجرأة" من أجل إعادة النظر في كافة التشريعات التي تحد من فعالية الإصلاحات بما يؤهل المغرب لولوج نادي الدول الصاعدة. وقد تم خلال هذا اللقاء، الذي شارك فيه مسؤولون بمختلف القطاعات الوزارية وبرلمانيون وعدد من المؤسسات المانحة وممثلون عن المجتمع المدني، تقديم عرض حول مستجدات القانون التنظيمي للمالية، من قبل فوزي لقجع، مدير الميزانية بوزارة الاقتصاد والمالية، سلط فيه الضوء على المحاور الثلاثة الرئيسية للقانون التنظيمي والمتمثلة في تحسين نجاعة أداء التدبير العمومي، وتعزيز المبادئ والقواعد المالية وتقوية شفافية المالية العمومية، وتقوية الرقابة البرلمانية للمالية العمومية. ففي ما يتعلق بتحسين نجاعة أداء التدبير العمومية، أبرز العرض أن القانون الجديد ينص على إلزامية إعداد قانون المالية استنادا إلى برمجة متعددة السنوات تغطي ثلاث سنوات ويتم تحيينها سنويا، وإخضاع منظومة المالية العمومية لمنهجية نجاعة الأداء من خلال تعريف وتحديد مسؤوليات المدبرين ومنحهم مزيدا من الحرية في التصرف مقابل التزامهم بإنجاز الأهداف المحددة وتقديم الحساب حول النتائج. وبخصوص تعزيز المبادئ والقواعد المالية وتقوية شفافية المالية العمومية، أوضح لقجع أن القانون التنظيمي يؤسس لقواعد مالية جديدة من أجل تعزيز التوازن المالي، ويؤطر الدين العمومي من خلال تنصيصه على ضرورة عدم تجاوز حصيلة الاقتراضات مجموع نفقات الاستثمار وسداد أصول الدين. أما في ما يتصل بتقوية الرقابة البرلمانية للمالية العمومية، أكد العرض أن القانون الجديد قوى من دور البرلمان الرقابي للسياسات العمومية، عبر إشراكه في المشاورات حول التوجهات الكبرى والإطار العام الذي يتم فيه إعداد قانون المالية، وتمكينه من معطيات وتقارير مستفيضة حول المشروع القانون المالي ووضعية المالية العمومية. ويهدف اليوم الدراسي حول تنزيل القانون التنظيمي لقانون المالية، المنظم من طرف وزارة الاقتصاد والمالية بشراكة مع البنك الدولي والوكالة الفرنسية للخبرة التقنية الدولية، إلى التواصل حول مستجدات هذا القانون وتمكين مختلف الفاعلين والمتدخلين في مجال المالية العمومية من تملك مقتضياته ومبادئه. ويتضمن برنامج هذا اليوم الدراسي، تقديم ثلاثة عروض حول مضمون القانون وأهدافه وكيفيات تفعيله، وكذلك آليات المواكبة المحدثة من خلال برنامج "حكامة" للبنك الدولي والتوأمة المؤسساتية المبرمة مع الوكالة الفرنسية للخبرة التقنية الدولية، والممولة من طرف البرنامج. كما يشتمل على عقد حلقتين للنقاش تتناولان مختلف الجوانب المتعلقة بإرساء التدبير الجديد الذي ينصه عليه القانون، فضلا عن مائدة مستديرة لتقديم الدروس المستخلصة من تجربة ثلاث قطاعات وزارية انخرطت في المرحلة التجريبية للتدبير المرتكز على نجاعة الأداء.