شكل حزب العدالة والتنمية الفائز الأكبر بأول انتخابات جهوية تجري عبر الاقتراع العام المباشر بالمغرب، وذلك بحصوله على 174 مقعدا (25,66 بالمائة)، أي ربع المقاعد المتنافس عليها. وحسب النتائج المؤقتة المتوفرة التي أعلن عنها وزير الداخلية السبت، فقد هيمن حزب "المصباح" على أكبر المراكز من خلال حصوله على الأغلبية المطلقة أو المرتبة الأولى في مدن أساسية، كالرباط والدار البيضاء وفاس وطنجة وأكادير. واعتبر الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، عبد الإله ابن كيران أن هذه النتائج الإيجابية تفسر بتجربة الحزب وعمله داخل الحكومة التي يقودها، ولكن أيضا بفضل نزاهة مرشحيه ومثابرتهم في خدمة مصلحة الأمة. وأشار السيد ابن كيران إلى أن الحزب، الذي ولج غمار المشهد السياسي بالمغرب منذ عشرين سنة، نجح في الاندماج، بشكل تدريجي، في محيطه السياسي واستطاع كسب ثقة المواطنين، مذكرا بأن عدد نوابه انتقل من تسعة إلى 107 خلال الانتخابات التشريعية ل2011 في الوقت الذي انتقل عدد مستشاريه الجماعيين من 600 إلى 1500 في 2009. من جهته، أعرب رئيس المجلس الوطني للحزب، سعد الدين العثماني، عن ارتياحه للنتائج المحققة التي خولت للحزب الحصول على المزيد من المقاعد في معظم الجهات الحضرية، خاصة في المدن الكبرى، ما يشهد، يضيف السيد العثماني، على "الثقة التي يضعها المواطنون في العمل السياسي والتواصل الذي قام به الحزب خلال الأيام الأخيرة". واعتبر، من جانب آخر، أن "النتائج الجيدة" التي حققتها أحزاب التحالف الحكومي، خلال هذا الاقتراع، تجسد ارتياح المواطن المغربي إزاء العمل الحكومي. وتأتي هذه الانتخابات الجهوية في إطار تنزيل مقتضيات دستور 2011 المتعلقة بالجهوية المتقدمة، التي منحت اختصاصات واسعة لمجالس الجهات والجماعات المحلية. وبذلك، وطبقا لمقتضيات الفصل 143 من القانون التنظيمي فإن الجهة تتبوأ، "تحت إشراف رئيس مجلسها، مكانة الصدارة بالنسبة للجماعات الترابية الأخرى، في عمليات إعداد وتتبع برامج التنمية الجهوية، والتصاميم الجهوية لإعداد التراب". وقد شكلت رهانات الجهوية المتقدمة محور البرامج الانتخابية، التي رفعت شعار "جماعات ترابية قوية لكسب رهان التنمية". ولهذا الغرض، وفي إطار برنامجه الانتخابي، التزم الحزب بتفعيل الجهوية المتقدمة وتحقيق مبدأ التدبير الحر والفعال للجماعات الترابية، من خلال تعزيز الديمقراطية والحكامة المحلية، وإحداث أقطاب للتنمية وتحسين خدمات القرب في إطار مقاربة تشاركية بانخراط مجموع الفاعلين. ويقترح الحزب، أيضا، التركيز على تعزيز المسلسل الديمقراطي وتفعيل الإصلاحات التي تخدم التنمية المندمجة والمستدامة والمتضامنة. وإلى جانب هذه الأهداف العملية، راهن حزب العدالة والتنمية، أيضا، على "الصفات الأخلاقية لمرشحيه، الذين عملوا بجهد لإقناع الناخبين المشككين، بكفاءتهم ومصداقيتهم ونزاهتهم وقدرتهم على القطع مع ظاهرة "تبذير الأموال العمومية والاغتناء غير المشروع". وبالنظر للنتائج المحققة التي تظهر أن حزب العدالة والتنمية تصدر نتائج انتخابات أعضاء المجالس الجهوية وضاعف ثلاث مرات نتائجه على مستوى الانتخابات الجماعية، فإن الحزب نجح على ما يبدو، في "الحفاظ على ثقة" المغاربة، الذين كانوا قد أوصلوه سنة 2012 إلى تصدر نتائج الانتخابات التشريعية، مما مكنه من قيادة الحكومة والاحتفاظ بالأمل بالنسبة لانتخابات 2016.