واشنطن تعفي الهواتف والحواسيب من الرسوم الجمركية على الصين لتخفيف أعباء المستهلكين    رشيد المرابطي يتوج بلقب ماراطون الرمال    طقس الأحد: أجواء غائمة و نزول أمطار ضعيفة    تيفلت.. شخصان في حالة تخدير ينتهكان حرمة مسجد والأمن يتدخل    كأس إفريقيا للأمم لكرة القدم داخل القاعة – سيدات (المغرب 2025)..الناخب الوطني يوجه الدعوة ل 14 لاعبة للمنتخب الوطني المغربي    كرة القدم.. أكاديمية محمد السادس تفوز بمونديال سان بيير لأقل من 15 سنة بنانت    زلزال بقوة 5.6 درجات يضرب سواحل ميانمار    احتراق سيارة على الطريق الساحلية بين الجبهة والحسيمة    طنجة.. حملة أمنية واسعة في عدد من الأحياء الشعبية (فيديو)        هاكرز جزائريون يخترقون موقعي وزارة الفلاحة ووزارة العلاقات مع البرلمان بالمغرب    علماء ودعاة مغاربة يُدينون رسوّ سفن أمريكية تحمل عتادًا موجّهًا للاحتلال الإسرائيلي        المغرب يستقبل 4 ملايين سائح في الربع الأول من 2025    تحسن ملحوظ في نسب امتلاء سدود المغرب مقارنة بالعام الماضي    لوموند: فتح تحقيق قضائي بفرنسا حول تورط النظام الجزائري في اختطاف المعارض أمير دي زد    مستقبل الصحافة في ظل التحول الرقمي ضمن فعاليات معرض GITEX Africa Morocco 2025    بالصور : تفاصيل حول عملية توسعة المركب الرياضي محمد الخامس    مسرحية ديموغرافية بإخراج جزائري: البوليساريو يخدع الأمم المتحدة    ماذا لو توقفت الأرض عن الدوران فجأة؟    الجزائر تحتج على قرار قضائي فرنسي    أمطار تربك حركة المرور في تنغير    لا غالب ولا مغلوب في قمة ديربي الدار البيضاء    اجتماع هام بالرباط لدعم وتطوير البنية التحتية الرياضية بوزان    بعد فضيحة تسريب البيانات.. CNSS يتنصّل من المسؤولية ويكتفي بعبارات الأسف!    البطولة: الديربي البيضاوي ينتهي بلا غالب ولا مغلوب والوداد يفوت فرصة الارتقاء إلى الوصافة    التازي ومورو يشاركان في اجتماع هام مع وزير الداخلية    تدشين فضاء الذاكرة التاريخية للمقاومة والتحرير بالفنيدق    مقاييس التساقطات المطرية خلال يوم واحد.. وهذه توقعات الأحد    ما صحة الأنباء المتداولة حول تغيير موعد الانتخابات الجهوية والتشريعية؟    إيران والولايات المتحدة سيستأنفان محادثات البرنامج النووي الأسبوع المقبل    حادث مطار فاس : راعي غنم مصاب يهمل وطاقم الطائرة يعالج في مصحة خاصة    حاجيات الأبناك من السيولة فاقت 131 مليار درهم خلال مارس 2025    الدوزي يمنع من دخول أمريكا بسبب زيارة سابقة له للعراق    مندوبية التخطيط: تراجع قيم الواردات مدفوع بانخفاض أسعار الطاقة والمواد الغذائية    بين أعمدة الأطلس وأروقة برلين .. شراكة اقتصادية تولد من رحم التحديات    بنسعيد: المغرب يخطو بثبات نحو الحداثة والتقدم    أمسية فنية استثنائية للفنان عبد الوهاب الدكالي بمسرح محمد الخامس    تزامنا مع المعرض الدولي للكتاب.. قضايا الصحافة والخطأ القضائي والعدالة الرقمية في صلب اهتمامات العدد الجديد من مجلة "محاكمة"    التكنولوجيا تفيد في تجنب اختبار الأدوية على الحيوانات    غموض يكتنف انتشار شائعات حول مرض السل بسبب الحليب غير المبستر    أهازيج الرمال توحد القلوب في محاميد الغزلان    بحضور سفير الهند.. الإخوة بلمير يطلقان فيديو كليب 'جاية'    الصناعة التقليدية بإقليم العرائش في قلب تنظيم المغرب لكأس العالم 2030 سبل النهوض وتجاوز الإكراهات والمعيقات التحديات والفرص    عبد الصمد المنصوري يحصل على شهادة الدكتوراه بميزة مشرف جدا    "كارولينا الجنوبية" تواصل تنفيذ أحكام الإعدام بالرصاص    فرنسا توجه الاتهام لموظف في قنصلية جزائرية باختطاف أمير ديزاد.. قنبلة دبلوماسية في قلب باريس    فراقشية الصحافة.. من يوقف هذا العبث؟    الولايات المتحدة وفرنسا تمران للسرعة القصوى بتنسيق مع المغرب لإغلاق ملف الصحراء المغربية بشكل نهائي    الوداد يحتفل بمشاركته في مونديال الأندية بمهرجان فني    الذئب الرهيب يعود من عالم الانقراض: العلم يوقظ أشباح الماضي    السلطات الصحية بجنوب إسبانيا تتأهب لمواجهة "بوحمرون" القادم من شمال المغرب    سلطات مليلية تحتجز كلب "مسعور" تسلل من بوابة بني انصار    العيد: بين الألم والأمل دعوة للسلام والتسامح    أجواء روحانية في صلاة العيد بالعيون    طواسينُ الخير    تعرف على كيفية أداء صلاة العيد ووقتها الشرعي حسب الهدي النبوي    الكسوف الجزئي يحجب أشعة الشمس بنسبة تقل عن 18% في المغرب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سناء العاجي: هل ننتمي للعالم العربي؟

في دورته الأخيرة، نظم منتدى أصيلة الدولي ندوة من ثلاثة أيام، عنوانها: "العرب، نكون أو لا نكون؟"، بمشاركة سياسيين وديبلوماسيين وباحثين من المغرب، مصر، العراق، اليمن، الكويت، السعودية، موريتانيا وغيرها من دول المنطقة. كنت أستمع للمداخلات وأتساءل: لماذا نتحدث عن المنطقة وكأنها وحدة متجانسة؟ على المستويات السياسية، الاقتصادية التاريخية والاجتماعية، ما الذي يجمع دولا مثل الجزائر، قطر، المغرب، مصر والكويت مثلا؟ هناك بالفعل مكونات مشتركة، لكن تجارب وتاريخ هذا الدول تختلف كثيرا عن بعضها البعض. لذلك، فالحديث عن "السياسيين في العالم العربي"، و"الإعلام في العالم العربي"، و"المرأة في العالم العربي"، وغيرها، فيه خطأ معرفي كبير… وإن تأملنا التفاصيل سنُدرِك ذلك. هذا لا يعني بالتأكيد إلغاء القواسم المشتركة الكثيرة بين الدول؛ لكن الأكيد أن المنطقة لا تشكل وحدة متجانسة.
في مداخلة لي من وسط القاعة، طرحت سؤال تعدد الهوية في كل بلد، وأعطيت النموذج المغربي لكي أقول بأني، كمغربية، هويتي تشمل المكون العربي، الإسلامي، لكن أيضا الأمازيغي، الإفريقي، اليهودي، المتوسطي، المغاربي وغيرها. فلماذا ألغي كل هذا لكي أحصره في الهوية العربية والإسلامية فقط؟ أضفت بأني أُفضِّل التسمية المحايدة التالية: "شمال إفريقيا والشرق الأوسط"، بدل الحديث عن "العالم العربي"؛ لأن الأخير يلغي، على مستوى التسمية، باقي المكونات الأمازيغية والكردية والآشورية وغيرها (للإشارة، فالأمر نفسه وارد بالنسبة لتسمية "العالم الإسلامي"، لأنه يلغي المكونات المسيحية واليهودية). لا أدري ما هو الخطأ التعبيري الذي ارتكبته ليجعل الكثير من المشاركين يعتبرون مداخلتي دفاعا شرسا عن الأمازيغية؛ بينما تحدثت عن مكونات هوياتية أخرى إلى جانب الأمازيغية. هل كان هناك بالفعل سوء تعبير محتمل من طرفي، أم أن سؤال التعدد الهوياتي، وإن كان البعض يتداوله على مستوى الخطاب، لا يشكل جزءا فعليا من تكويننا وتصورنا للأمور؟
الأسماء ليست مجانية ولا اعتباطية… الأسماء قد تحمل مكونات طائفية إقصائية. والذين يقولون بأننا نتحدث أيضا بشكل تعميمي عن أوروبا وعن الأوروبيين، يخطئون المقارنة، لأن "أوروبا" بقعة جغرافية ولا تشكل انتماء إثنيا، خلافا للحمولة التي يحملها الانتماء لما نسميه العالم العربي. انتماء المغرب لإفريقيا أو انتماء سوريا لآسيا ليس فيه أي حمولة إثنية، بينما الحديث عن المغرب أو العراق أو مصر أو سوريا كدول عربية إسلامية فيه إلغاء لباقي المكونات الهوياتية لهذه البلدان.
سألني البعض إن كنت أمازيغية. أجبت بأني، رسميا، من أصول مغربية عربية. لكني أضفت بأن الاختلاط في المغرب يجعل المغربي عموما غير قادر على الجزم بأنه عربي أو أمازيغي مائة بالمائة. السؤال إذن ليس نفعيا. ليس دفاعا عن الأمازيغية من طرف مغربية أمازيغية. شخصيا، لا أدافع عن الأمازيغية بقدر ما أدافع عن تعدد الهوية.
هذا التعدد فيه غنى للبلد وللمجتمع، وإلغاؤه فيه تفقير وفيه خطر أيضا. دستورنا المغربي اليوم حسم الأمر وهو يعترف بهذا التعدد، متحدثا عن المكونات الهوياتية العربية والإسلامية والأمازيغية والإفريقية والصحراوية الحسانية والعبرية والمتوسطية.
من جانب آخر، لنتذكر أن الباحث محمد أركون كان يتحدث عن "ما يسمى بالعالم الإسلامي"، لأن دول المنطقة تشمل أيضا مسيحيين ويهود. فكيف نلغي وجودهم، وإن على مستوى المسميات؟ كيف يمكن للكردي والأمازيغي واليهودي والمسيحي أن يحس بالانتماء لمنطقة تلغي هويته في تسميتها؟ كما أن هؤلاء أنفسهم، شاؤوا أم أبوا، تتأثر ثقافتهم بالمكونات العربية الإسلامية لأنهم يتعايشون معها بشكل يومي.
اليهودي المغربي والمسيحي المصري اليوم، وإن كانوا -دينيا- غير معنيين بصيام رمضان مثلا، فالأخير يشكل جزءا من ثقافتهم ومن تكوينهم. كما أن الأمازيغي والكردي والآشوري عموما ينتمون أيضا للثقافة العربية أدبا ولغة وفنا. لذلك فنحن جميعا نتفاعل ونتأثر بهذه المكونات الهوياتية التي تسكننا ونسكنها. إن قبلناها أغنتنا، وإن ألغيناها دمرتنا -والكلمة ليست مبالغة-.
لست أرفض طبعا هذا المكون العربي والإسلامي من ثقافتي ولا أقصيه، لأنه مكون مهم. جزء أساسي من هويتنا ينتمي إليه، لكنه ليس الجزء الوحيد. ومن الخطير، في المغرب لكن في دول أخرى، إلغاء مكونات هوياتية على حساب أخرى. لأننا هكذا صرنا اليوم نسمع مثلا عن احتمال تقسيم العراق إلى ثلاث دول: كردية ومسيحية وسنية. ماذا سنفعل إذن بالأكراد السنيين؟ وماذا سنفعل بزيدييهم وبشيعتهم؟
علينا أن نعي بأن الديمقراطية لا تعني استبداد الأغلبية… الديمقراطية هي التدبير السلمي لاختلافاتنا السياسية، لكن أيضا العرقية والدينية والثقافية. وسأختم هنا، كما ختمت مداخلتي القصيرة في منتدى أصيلة، بجملة تعجبني لزياد الرحباني: "بعد 5 دقائق من ولادتك ، سيقررون إسمك ، جنسيتك ، دينك وطائفتك… وستقضي طول حياتك تقاتل وتدافع عن أشياء لم تخترها".
سناء العاجي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.