أشلاء لحوم وأمعاء حيوانية نتنة. قطع مكومة من الشحوم القذرة. بقايا جلود ومخلفات الدجاج المتعفنة. أوساخ وروائح كريهة وحشرات ضارة وقطط ضالة، تتجاور كلها في مكان واحد يبعث على التقزز. هذا المنظر المريع لحاستي البصر والشم، ليس مطرحا مهملا للنفايات والقاذورات، أغفلته لمدة طويلة شاحنات جمع الأزبال، بل هو مجرد كوخ صفيحي ب«كاريان سانطرال» بالحي المحمدي، كانت تهيئ داخله كميات كبيرة من النقانق المغشوشة، التي توزع يوميا على محلات بيع «كاصكروطات الصوصيص» الرخيصة.كانت الساعة قد تجاوزت بقائق معدودة الرابعة عصرا من يوم أول أمس الخميس، عندما حلت بشكل مفاجئ مجموعة من عناصر الدائرة الأمنية 35 دار لمان مرفوقة بأفراد من الشرطة القضائية لأمن الحي المحمدي عين السبع، حيث داهمت هذه الفرقة «براكة» تحمل رقم 13 بالزنقة 3 ب«كاريان الخليفة». أول مشهد راع المقتحمين، هو تناثر أكياس بلاستيكية على أرضية المحل المتعفن مكانا وهواء، تفوح منها روائح باعثة على الغثيان. وبعد فتحتها تم اكتشاف عشرات الكيلوغرامات من اللحوم الفاسدة والأمعاء والشحوم المتعفنة، التي قدرت مصادر أمنية وزنها بحوالي طن ونصف. فهذا الكوخ الصفيحي، كان عبارة على مصنع عشوائي موبوء بالمكروبات، يضم آلة فرم متسخة ومبردين متقادمين وصدئين ومواد أخرى ملونة ومتبلة، حيث ظل صاحبه يهيئ فيه لعدة سنوات كميات كبيرة من النقائق الغريبة والخطيرة المكونات، ويوزعها بواسطة سيارة «بارتنير» على محلات بيع الأكلات الخفيفة بالعديد من أحياء الدارالبيضاء. عملية المداهمة واكتشاف مصنع «الصوصيص الخانز»، جاءت على إثر معلومات توصلت بها مصالح الشرطة بالدائرة الأمنية 35 دار لمان، حول شخص يتخذ من براكة ب«كاريان الخليفة» محلا لتصنيع النقانق المغشوشة منذ خمس سنوات، في غياب ملتبس لمراقبة مصالح حفظ الصحة التابعة لمقاطعة عين السبع ومجلس المدينة. مصادر أخرى من أبناء الحي المحمدي، تقول أن هذا «النقانيقي» الخطير، كان يمارس نشاطه المعروف للعام والخاص بحي سعيدة لمدة سبع سنوات، قبل أن ينتقل إلى أحد أحياء «كاريان سنطرال». ورغم تمكن الشرطة من إيقاف مساعده بعين المكان، الذي بينت التحريات الأولية أنه من مواليد 1985 بالصويرة، فإن صاحب المحل ذو 32 سنة من العمر، والمنحدر أيضا من مدينة موكادور لازال في حالة فرار. بعد ظل لسنين طويلة يصنع هذه المأكولات القذرة، ويزودها بها العديد من زبنائه، الذين يقدمونها بدورهم على شكل «سندوتشيات» رخيصة لمشتهي ما يطلق عليه في الأوساط الشعبية ب« بنين وخانز»، ولكنه حسب ما عثر عليه من «عفونة» لا توصف في مصنع النقانق بالحي المحمدي، فإن الأمر يستدعي من المستهلكين لوجبات أصحاب الشويات بكل أحياء العاصمة الاقتصادية أن يحذروا ويحتاطوا مما يتناولونه من لحوم فاسدة وشحوم نتنة وبقايا دجاج متعفن، محشوة في أمعاء حيوانية ملونة من أجل إخفاء أضرارها البالغة على صحة البشر.