قال وزير الشؤون الخارجية والتعاون، صلاح الدين مزوار، أمس الجمعة بأصيلة، إن موسم أصيلة الثقافي الدولي يشكل مناسبة لتسليط الضوء على النموذج المغربي، وبحث الظروف الجيو-استراتيجية التي يعرفها العالم أجمع. وأضاف مزوار، في كلمة ألقتها بالنيابة عنه امبركة بوعيدة، الوزيرة المنتدبة في الشؤون الخارجية والتعاون، خلال افتتاح الندوة الأولى لموسم أصيلة الثقافي الدولي السابع والثلاثين، أن اختيار الحرب الباردة موضوعا لهذه الندوة "يأتي في سياق جيو-سياسي دقيق، من خلال تضاعف أعداد الحركات المتطرفة العنيفة التي تهدد المجموعة الدولية برمتها وتضعف هياكل الدول". واستعرض مزوار، في كلمته، الوضعية القاتمة التي يعرفها المجتمع الدولي، مشيرا بالمناسبة إلى تحديين أساسيين يتعين على المجموعة الدولية مواجهتهما، يتمثل أحدهما في التغيرات الديمغرافية وتأثيراتها على الهجرة واتساع رقعة الفوارق، ويتجسد الآخر في التطرف العنيف الذي يتجلى في الإرهاب العابر للأوطان والشبكات المافياوية. ومن جهة أخرى، توقف الوزير عند السياسة الخارجية التي يعتمدها المغرب مع مختلف شركائه، سواء على المستوى الأورو-متوسطي أو الأطلسي أو المتعدد الأطراف، مشيرا إلى الرؤية الاستراتيجية التي تحكم هذه السياسة على كافة الأصعدة المغاربية والعربية والإسلامية. وفي مداخلة مصطفى الخلفي، وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة، قال إن منتدى أصيلة "ينعقد في ظرفية حرجة ومقلقة، وذلك بفعل تقدم تيارات التجزئة والتطرف وضرب الهوية والوحدة وزعزعة الاستقرار بدول المنطقة العربية والقارة الإفريقية". وأشار الخلفي، استنادا إلى معطيات رقمية أوردتها مجلة "ذي إيكونوميست" هذا الأسبوع، إلى أن عدد ضحايا عمليات التفجير والإرهاب في إفريقيا تضاعف بسبع مرات وذلك في أزيد من عشر دول، لينتقل من حوالي 2000 في سنة 2009 إلى أزيد من 14 ألفا في 2014 ، بل وهو مرشح للتضاعف أكثر في هذه السنة، والتي سجل فيها لغاية 11 يوليوز 2015 أزيد من 11 ألف قتيل. ورأى الوزير أنها "وضعية صعبة ومفتوحة على مستقبل مظلم، وضعية غير مسبوقة تنامت فيها الحروب الأهلية وعمقتها حالة التبعية للنموذج الذي يراد تسويقه عالميا، (…) وهو نموذج قائم على الفردانية وتعميق الفوارق الطبقية واحتقار ثقافة الشعوب وضرب اللغات الوطنية وجعل العالم تحت رحمة الاحتكارات العالمية الكبرى". وقال الخلفي إنه بالرغم من ذلك "هناك أمل، واجتماعنا اليوم هو جزء من وعي يتنامى في العالم، ويدعو لبناء مستقبل مغاير، وهنا يبرز النموذج المغربي باعتباره نموذجا ديناميا ومتجددا، يمثل نقطة مضيئة بالمنطقة وشكلت إجاباته طوق نجاة لعدد من مشكلاتها". وأوضح أنه نموذج قائم على "رؤية ملكية استباقية" يقودها صاحب الجلالة الملك محمد السادس، وانخرطت فيها القوى السياسية الوطنية ودعمتها القوى المدنية الحية، واستطاع أن يطرح إجابات متعددة على قضايا حارقة، وآخرها سؤال الهجرة، مشيرا إلى أنه بمبادرة ملكية سامية، تم إطلاق سياسة إنسانية ومسؤولة جديدة، تقوم على الاستيعاب الإيجابي، وتلقت إشادة دولية باعتبارها المبادرة الوحيدة في القارة الإفريقية. وأضاف الخلفي أن من تجليات هذه الرؤية الملكية الاستباقية أيضا مبادرة أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس المتعلقة بإطلاق مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة، "كمحطة في مسار الإصلاح العميق والشمولي للحقل الديني، والذي يمثل إطارا لمواجهة التطرف ونشر الاعتدال، وأصبح اليوم مصدر تطلع من قبل العديد من الدول لاستلهامه والاسترشاد به في مواجهة آفة الإرهاب". وخلص الوزير إلى أن النموذج المغربي "نموذج قائم على الاستقرار والإصلاح الدائم الذي لا يتوقف، كما يتعزز بالتنوع في إطار الوحدة ويستند على التاريخ لبناء المستقبل، والحرص على الإنصات والجرأة والحسم وعدم التردد والنفس الطويل والتدرج، وهي أخلاقيات أساسية لمواجهة أسئلة المستقبل". وفي كلمة افتتاحية لهذه الدورة، قال محمد بن عيسى، رئيس المجلس البلدي لأصيلة، أمين علم مؤسسة منتدى أصيلة، إن "برنامج الدورة الحالية يحتوي على أهم المسارات التي اعتادها المشاركون في المواسم السابقة، باعتبارها الوجبة الأساس، أضفنا إليها التنويعات التي يتطلبها انفتاح الموسم على عصره ومحيطه في الداخل والخارج". وأضاف بن عيسى أن ندوات جامعة المعتمد بن عباد الصيفية في دورتها السابعة والثلاثين "تلامس الانشغالات الراهنة للدوائر التي يتوجه إليها الموسم، ونعني بها دول الجنوب، وتحديدا إفريقيا والعالم العربي وأمريكا اللاتينية، دون إغفال العوالم الأخرى وما يحدث فيها لأننا في عصر تجاوز قطرية المشاكل وإغلاق الأبواب على الذات الوطنية ".