أي معدل نمو اقتصادي سنوي يستطيع حلحلة عقدة التشغيل بالمغرب؟، كيف السبيل إلى خلق الثروة الضرورية للتشغيل؟ جولة في البرامج الانتخابية للأحزاب السياسية، تسلط الضوء علي تباين تصورات وطموحات الأحزاب السياسية بين من يحدد الممكن في 5 في المائة القادرة علي إنتاج 170 ألف منصب شغل، ومن يذهب إلي حدود 7 في المائة التي تؤدي إلي إنتاج ما يقارب 250 ألف منصب، وبين هؤلاء وأولئك، هناك من يتموقع في الوسط متوقفا عند حدود 6 في المائة التي يقابلها 200 ألف فرصة عمل. لماذا هذا التباين في التقديرات؟، وما حيثيات كل حزب في رفع سقف الطموح أو تخفيضه؟يجيب عن ذلك ، في ندوة «الأحداث المغربية» الخميس الماضي، كل من فتح الله ولعلو عن الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، عادل الدويري عن حزب الاستقلال، عبد الواحد سهيل من التقدم والاشتراكية، إدريس الصقلي ممثل حزب العدالة والتنمية، ثم حفيظ حجي عن التجمع الوطني للأحرار. في حين يناقش التحفظات والمطامح من موقع رجال الأعمال بوشعيب بنحميدة عن الاتحاد العام للمقاولات بالمغرب. أدار الندوة: يونس دافقير أعدها للنشر : احمد بلحميدي ، عبد الواحد الوز *الأحداث المغربية: يلاحظ أن حزب الاستقلال كان أقل الأحزاب فيما يخص توقع معدل النمو( 5في المائة). نفس الشئ بالنسبة لمناصب الشغل(170 ألف). مالذي جعلكم أقل تفاؤلا؟ عادل الدويري : نحن، انطلقنا من عدة معطيات. فهناك ظرفية دولية صعبة وكارثية خصوصا عن شركائنا الأوربيين، انطلقنا كذلك من أن المبلغ الإجمالي للتصدير من سلع وخدمات وسياحة يعادل تقريبا 200 مليار درهم.. أيضا الناتج الداخلي الخام عندنا في مستوى 800 مليار درهم. فنحن واعون أن الظرفية الصعبة التي تجتازها أوروبا قد تمتد إلى ثلاث سنوات قبل أن تعود لتسجيل معدلات النمو المناسبة لنا، والتي تترواح ما بين2,2 و2,3 في المائة حتى يكون لها انعكاس إيجابي وسريع على اقتصادنا. هذا ما جعلنا نتخوف، ولكن في نفس الوقت فإن نسبة 5 في المائة، تبقى واقعية. * الأحداث المغربية: عادل الدويري يقول إن ظرفية الشركاء الأوروبيين جد صعبة وستمح فقط بمعدل نمو 5 في المائة و170 ألف منصب شغل. أستاذ الصقلي، أنتم في العدالة والتنمية تتوقعون تحقيق 7 في المائة. بناء على ماذا ستتمكنون من تحقيق ذلك؟ إدريس الصقلي: متفائلون. هذا صحيح لكن لأننا نؤمن بأن المغرب له من الإمكانات البشرية والطبيعية و من رصيده الحضاري وكذلك موقعه الجغرافي ما يؤهله لتحقيق ذلك. وانطلاقا أيضا من مجموعة من الأرقام لاسيما حصيلة الحكومة الحالية التي كانت قد حدد نسبة 6 في المائة كهدف، لكنها لم تستطع في المحصلة إلا تحقيق نسبة عند حدود4,5 بالضبط وذلك رغم الإمكانيات المتوفرة. بالنسبة إلينا المشكل ليس في الموارد أو الإمكانات بقدر ما يرتبط الأمر في الحكامة الجيدة وذلك على جميع المستويات، اقتصادية اجتماعية، سياسية. في غياب ذلك تبقى أي نسبة نمو يمكن أن يضعها حزب صعبة المنال. وإذن فالإشكال المركزيي الذي يجب أن نناقشه اليوم يجب أن يرتكز على الحكامة الجيدة على جميع المستويات. هناك فوارق اجتماعية كبيرة.. تفشي اقتصاد الريع، المضاربة والمنافسة غير الشريفة. الأحداث المغربية: أستاذ فتح الله ولعلو، الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية يأتي في مرتبة وسط بين الاستقلال والعدالة والتنمية إذ تتوقعون نسبة نمو في 6 في المائة. هناك كما سمعتم، طرح يتعلق بأزمة الشركاء الأوروبيين، هناك أيضا تفاؤل مبني على الحكامة الجيدة. بالنسبة إليكم ما هي الحيثيات التي جعلتكم تحددون هذا السقف؟ فتح الله ولعلو: في الواقع المسألة ليست أرقام. إذا رجعنا إلى الاتحاد الاشتراكي، سنلاحظ أننا نعتبر أن اللحظة الحالية هي «سياسية بامتياز». 2011 هي سنة سياسية حيث نحتاج اليوم إلى نفس جديد من الإصلاحات، فالمكتسبات التي حققها المغرب طيلة 12 سنة الأخيرة هي نتيجة لانخراط المغرب في منطق الإصلاحات، حيث أدخلت المغرب إلى مرحلة جديدة جعلته يتصلح مع ماضيه. هذا النفس السياسي أعطى المغرب مكن المغرب من إصلاح المؤسسات العمومية والمالية العمومية وكذلك إصلاح الموارد الجبائية والجمارك، مما وفر البلاد الإمكانيات التي لم تكن متاحة من قبل. تلاحظون أن معدل النمو ازاداد «عمليا» بأكثر بقليل عن 2 في المائة مقارنة بالمتوسط الذي كان يتم تسجيله قبل ذلك. لذلك فالمغرب في حاجة إلى عودة العنصر السياسي حيث أتذكر في هذا الصدد مقولة لاقتصادي كبير كان له تأثير على شخصي، تقول إلى السياسة، أي السلطة هي العامل الرابع للإنتاج إلى جانب كل من الرأسمال والموارد والعمل. السنة الحالية هي سياسية بامتياز ليس فقط بالمغرب بل على الصعيد الدولي، فنحن نعيش في المغرب كما في الدول المتوسطية العربية على إيقاع مطالب، تسعى لتحقيق مزيد من الحكامة السياسية والحد من الاستبداد، لذلك نحمد الله على أننا في المغرب، استجبنا سريعا للمطالب ودخلنا في منطق الإصلاحات. لذلك أقول إن الأرقام التي حددناها، تظل رهينة بالإصلاحات السياسية أكثر منها مرتبطة ب« التقنية» في الوقت الذي تقدمنا بها كذلك بارتباط مع هوية الحزب. ثانيا يجب أن ننتبه إلى ما تخبئه لنا الخمس سنوات القادمة، فالمحيط الأروبي يعرف أزمة، حيث لن يرتفع معدله نمو عن1 إلى 1,5 في المائة، في الوقت الذي يصل حاليا إلى 0,5 في المائة. معنى هذا يجب أن نهيأ أنفسنا، والبحث عن البدائل، أتحدث هناك عن الاندماج المغاربي، الذي أعتقد أنه أساسي بل ضروري لرفع نسبة النمو. العنصر الأخير يتعلق بالمصداقية، فالأرقام لا تعطى هكذا بل بناء على مصادر التمويل المتوفرة، تحدثت قبل قليل عن الإصلاحات التي قام بها المغرب طيلة 12 سنة الأخيرة، لذلك أعود وأكرر أنه هذه الأخيرة هي التي وفرت التمويل كما أنها هي التي مكنت المغرب من رفع وتيرة النمو بنقطتين، كما يمكن رفع هذه الوتيرة بنقطتين أخرييتين في عشر سننوات القادمة. الأحداث المغربية: أستاذ حفيط حجي، تحدث فتح الله ولعو عن الرافعة السياسية للنمو إلى جانب استحضار الأزمة لدى الشركاء الاقتصاديين. أستاذ حفيظ حجي، أنتم في التجمع الوطني للأحرار وضعتم إلى جانب حلفائكم في «جي 8» نسبة نمو في حدود 6 في المائة. من خلال ما ذكر ماهو تصوركم؟ حفيظ حجي: وضعنا لهذه النسبة، نابع من إيماننا بما يمكن أن توفره المبادرة الخاصة في ظل دولة متيقظة، اركزنا كذلك على سؤال عن الهدف الذي نريد، استحضرنا ذلك عن إعدادنا للبرنامج، الأزمة الأروبية، قلنا إذاك شركاؤنا يعيشون ظرفية صعبة وهي لها بدون شك تأثير علينا وكان بإمكان المغرب أن يحقق نسبة نمو في 6 في المائة لو لم تكن هذه الأزمة لكن رغم ذلك تمكنا في المغرب من تحقيق نسب نمو ترواحت بين4و4,5 في المائة، لهذا اعتبرنا إمكانية الاستفادة من الأزمة الأوروبية عبر استقطاب المقاولات المتوجسة من الوضع الاقتصادي هناك والباحثة عن رفع تنافسيتها بعيدا عن بلدان الأزمة. العامل الثاني الذي سمح لنا بتحديد هذه النسبة هي الإصلاحات التي تمت مباشرتها بالمغرب خلال السنوات الأخيرة. منها ما حصدنا ثماره الآن ومنها ما يتطلب كثيرا من الوقت والإصرار من أجل قطف نتائجه. انطلاقا من كل كذلك نرى أن تحقيق هذه النسبة بالأمر غير الخيالي. الأحداث المغربية: أستاذ عبد الواحد سهيل، بالنسبة إليكم في التقدم والاشتراكية متقاربون مع التجمع في توقع 6 في المائة، كما تعدون بإحداث 250 ألف منصب شغل سنويا وتقليص معدل البطالة إلى 7 في المائة. بدوركم على مذا بنيتم لتحقيق هذه التوقعات؟ عبد الواحد سهيل:6 في المائة تبقى هدفا وفيه جزء كبير من «الإرادية» وكما قال فتح الله ولعلو، هناك عوامل غير اقتصادية. نحن نعتبرها أساسية وقد تجسدت بشكل كبير مع مجيء حكومة التناوب التي وفرت الموارد كما جاء ذلك على لسان ولعلو. صحيح هناك اليوم معطى جديد يتمثل في الأزمة التي يعيشها شركاؤنا الأوروبيون ونحن واعون بذلك في التقدم والاشتراكية، لكننا مقابل ذلك نقول إننا لم نقم بتعبئة كل الإمكانيات التي نتوفر عليها للاستفادة من هذه الأزمة. من دون شك أن سوء الحكامة و انعدام التخطيط والتجانس في الاستراتيجيات القطاعية التي باشرها المغرب يساهم في بطئ معدل النمو، لكننا في المقابل نقول إننا نتوفر اليوم على دستور جديد منح صلاحيات وسلطات واسعة للحكومة ولرئيسها وللبرلمان، في الوقت الذي وفر آليات للاشتغال من أجل التفعيل الأمثل للإمكانيات. هناك مسألة أخرى أود الإشارة إليها، تتعلق بالاستثمارات العمومية، هذه الأخيرة لم يسبق لها مثيل في تاريخ المغرب، لكنها تشكو من بطئ في آجال التنفيذ بعض المشاريع وكذلك من مشاكل التمويل، لذلك يجب البحث عن مصادر إضافية للدولة عبر القيام بإصلاح جبائي لكي تقوم بمهمتها كمستثمر و كراعي للتضامن الاجتماعي. من دون شك أن الاستثمارات العمومية ورفع الأجور كان لهما دور في ارتفاع الطلب الداخلي، لكن مع الأسف هذه الأخير لم يأت من الداخل، لذلك لذلك يجب في المستقبل التفكير في سن سياسات تعطى الأسبقية في الصفقات العمومية للمقاولات المغربية خصوصا الصغرى منها والمتوسطة. بتفعيل ذلك أعتقد أننا سنقترب من تحقيق 6 في المائة ونحن محتاجون إليها من أجل التشغيل خصوصا وسط حاملي الشهادات. الأحداث المغربية: أستاذ بوسشعيب بنحميدة، أنتم في الاتحاد العام للمقاولات بالمغرب، متحررون عمليا من الضغط الانتخابي. استقبلتم الأحزاب ،اضطلعتم على برامجها، استمعتم إلى ما قيل الآن. من جانبكم ماهي ملاحظاتكم على طموحات الأحزاب؟ بوشعيب بنحميدة : أطرح سؤالا دائما وهو أن المسألة ليست في الأرقام بقدر ما هي آليات تحقيق هذه الأرقام؟ والتي تجعل الحكومة تحافظ على الأقل على الويترة الحالية بالنظر إلى الأزمة الاقتصادية لدى الشركاء الأوروبيين. بكل تواضع أظن أن نسبة من 5 إلى 6 في المائة تبقى واقعية. بالفعل لايجب لايجب أن نتجاهل المناخ الحالي، هناك زبناء على حافة الإفلاس، لكن كما قال قبل قليل عبد الواحد سهيل، فإن تجاوبا بين الحكومة والقطاع الخاص، يمكن أن يمثل فرصة من أجل الرفع من معدل النمو. نعلم جميعا أن «رأس المال خجول» ولايغامر. نحن في حاجة إلى رؤية للمستقبل في عدد من الميادين، كما هو الحال بالنسبة للمجال الجبائي مثلا، حيث لسنين عديدة كنا ننادي بجعل نظامنا الجبائي أكثر مرونة ويتماشى مع ظرفية كل سنة، كما كنا ننادي في نفس الوقت بضرورة اتخاذ إجراءات لتأمين السلم الاجتماعي، في الوقت الذي يجب إعطاء الأولوية للمقاولات المغربية التي تعيش حاليا صعوبا حقيقية، وهي تواجه منافسة شرسة من طرف مقاولات أجنبية متهافتة على الظفر بصفقات المشاريع الكبرى في الوقت الذي «حنا كنعطيو خيرنا لغيرنا» وياليتها كانت ملتزمة، إذ بينت التجربة أنها في كثير من الأحيان تتنصل من مسؤليتها وتحمل أغراضها لتغادر دون رجعة. الأحداث المغربية: الاستاذ الدويري، كما سمعت جل المتدخلون يقول إنه من الممكن تجاوز سقف 5 في المائة. إذا استحضرنا دور العوامل غير الاقتصادية. في نظركم ما هي الوسائل لتحقيق ذلك؟ عادل الدويري : التزمنا بإحداث 170 ألف منصب شغل سنويا منها 20 ألف في الوظيفة العمومية أي 100 ألف وظيفة على مدى خمس سنوات القادمة وهذا قرار سياسي. قد يقول قائل أن هذا كثير بالنسبة لبلد لاقى صعوبات مالية ولكننا نجيب أن هذا القرار مدروس ويأتي للاستجابة لخصاص في عدد من القطاعات التي نعتبرها حيوية نظير الأمن الذي يمثل إشكالا في مغرب اليوم، أيضا التعليم والصحة والعدل، ثم هناك ورش الجهوية الموسعة الذي سيباشره المغرب والذي سيكون في أمس الحاجة إلى أطر محلية لإنجاحه ومساعدة المجالس الجهوية في تنفيذ القرارات. فيما يتعلق ب 150 ألف منصب المتبقية، نعتقد أنها ستكون تلقائية وميكانيكية كنتيجة لتحقيق معدل نمو بنسبة5 في المائة التي نعتزم تحقيقها. أود التذكير فقط أن الحكومة الحالية تمكنت من إحداث 120 ألف منصب شغل على مدى أربعة سنوات، لذلك فتحقيق 170 ألف منصب يبقى مطمحا ممكنا إذا ما توفرت شروط نجاحه وهي تتجسد كما أجمع على ذلك الكل في اعتماد الحكامة الجيدة وهو أمر متوفر حاليا مع الدستور الجديد الذي يؤمن آليات تسريع تنفيذ المشاريع ولقد جربت العمل الحكومي عندما كنت وزيرا للسياحة وكنت أقف على حجم العراقيل التي قد تقوم بها وزارة معينة تحول دون تنفيذ مشروع معين وهذا ما يعمل على تبطيئ معدل النمو بنسبة 1 في المائة. نموذجنا الاقتصادي لتحقيق نسبة 5 في المائة ينطلق أيضا من حرصنا أن يظل الاستثمار العمومي في حجمه الحالي وهو 170 مليار درهم وذلك رغم الارتفاع التدريجي للمديونية في السنوات الثلاثة الماضية. نحن نقول إن ارتفاع نسبية المديونية ب5 في المائة تبقى معقولة وذلك بالمقارنة مع ما يسجل لدى بعض شركائنا. أما المنطلق الثاني، فيتعلق بالاستراتيجيات القطاعية التي لا تطرح إشكالا على مستوى المضمون الذي يبقى جيدا وذلك بحسب خبراء مغاربة وأجانب ولكنها تطرح إشكالا على مستوى التنسيق وهنا نعول كثيرا على تنزيل الدستور الجديد من أجل تحقيق التجانس وكذلك الرفع من الموارد البشرية لتنفيذ ذلك. بقي أن أشير كذلك قبل الختم إلى الإجراءات الأفقية التي نعتزم اتخاذها فيما يتعلق بتحسين مناخ الاستثمار نظير تبسيط للمساطر الإدارية وتحسين تنافسية المقاولات الصغرى والمتوسطة وكذلك إجراء مرونة أكبر على النظام الجبائي. الأحداث المغربية: أستاذ الصقلي، استمعتم إلى وسائل حزب الاستقلال . عندما نقرأ برنامجكم لانعثر على عدد محدد فيما يخص مناصب الشغل، لكن التزامكم بتخفيض معدل البطالة إلى 7 في المائة يجعلنا نتحدث تقريبا عن 250 ألف منصب شغل. ما هي وسائلكم في الدعلاة والتنمية، لتحقيق هذا السقف، إذا ما أحذنا بعين الاعتبار التحفظات التي عبر عنها الاتحاد العام للمقاولات بالمغرب؟ إدريس الصقلي: الحكامة. عندما شخصنا الوضع داخل العدالة والتنمية وجدنا أن إشكالية الحكامة بالمغرب تتجسد على ثلاثة مستويات: أولا هناك المستوى السياسي بما يطرحه من مشاكل متعلق بمصداقية المؤسسات المنتخبة بالمغرب، لذلك أعتقد أن محطة 25 نونبر سوف تحدد مستقبل ومسار المغرب. المستوى الثاني يتعلق بالحكامة الاقتصادية وذلك بكسب رهان القضاء على اقتصاد الريع والمضاربة وكذلك المنافسة غير الشريفة هذا بالإضافة إلى تبني رؤية تنموية مندممجة تقوم على خلق التجانس والانسجام بين السياسات القطاعية. فيما يتعلق بالمستوى الاجتماعي، نرى أنه حان الوقت لجعل المواطني كمحور للسياسة بالمغرب، لذلك توصلنا بعد تشخيص للوضع داخل العدالة والتنمية إلى تحديد ثلاثة خيارات كبرى تتعلق أولا بجعل الدولة في خدمة المواطن وثانيا بإطلاق المبادرة الحرة فيما يتعلق الخيار الثالث بإرساء نظام فعال للتضامن الاجتماعي، لهذا وضعنا ثلاثة دعائم لتحقيق هذا الهدف وذلك من خلال تجديد نظام القيم انطلاقا من المرجعية الإسلامية والهوية المغربية وإصلاح كل من القضاء والتعليم. صحيح أننا لم نحدد سقفا للتشغيل ولكننا قلنا إنه بإمكاننا تخفيض البطالة بنقطتين وهو أمر جد ممكن إذا ما انطلقنا من الحصيلة الحكومية الحالية التي كانت تتوقع تحقيق 250 ألف منصب شغل خلال مدة ولايتهاوالتي كان كان بإمكانها تحقيقها لو أنها قامت باستغلال أمثل لما توفره الحكامة الجيدة. الأحداث المغربية : استمعتم لما قاله الصقلي، هو يقول أنكم لم تتمكنوا من إحداث250 ألف منصب كما التزمتم بذلك في التحالف الحكومي مشيرا إلى إمكانية تحقيق ذلك عن طريق الدعامة السياسية ودعامة القيم. إلى أي حد يستقيم هذا التحليل؟ فتح الله ولعلو: بكل تواضع. قبل حكومة التناوب. كانت الوتيرة مرتبطة بالأساس بعنصرين مازالا حاضرين إلى الآن، العنصر الأول هو الأمطار والثاني هو المحيط الدولي أي الطلب الخارجي، خصوصا بأوروبا. لكن الجديد بالمغرب مع أواسط التسعينيات وبداية الألفية الحالية، دخل عنصر ثالث جديد وهو الإصلاحات، حيث بات معدل النمو مرتبط بها، لذلك فرهاننا هو المزيد من الإصلاحات لتحقيق الاستقلال عن تأثير الأمطار وعن تأثير المحيط الخارجي، لكن مع مواصلة التعامل مع العاملين الأولين. بالنسبة للسياسة الفلاحية الحالية رغم أنهم يقولون إنها بدأت مع المغرب الأخضر إلى أن أرى أنها بدأت في 2000 في ندوة نظمت على عهد عبد الرحمان اليوسفي والوزارة أعدت آنذاك البرنامج، الاسم فقط هو الذي تغير. على أي أنا لست متقينا لحد الآن أن النتائج الفلاحية مرتبطة بالإصلاحات. من خلال تجربتي المتواضعة أومن أن أي سياسة لايمكن أن تنضج إلا بعد مرور ثمان سنوات على الأقل ولكن يجب أن تواكبها وتظل في منطقها. جيد ما نفعله الآن ولكننا يجب أن نضع نصب أعيننا هدف جعل هذه الفلاحة مستقلة عن الأمطار. أما بالنسبة للمحيط الدولة فيجب على الحكومات القادمة أن تتوفر على القدرة للتفاوض مع هذا المحيط سياسيا واقتصاديا بالطبع يجب أن نضع في أذهاننا الخمسة سنوات. الخطاب الملكي الأخير كان جد مهم، حيث أعلن جلالة الملك أن يد المغرب ممدودة للجزائر، يجب أن لانستصغر ذلك لأن ذلك يمثل جزءا من معد النمو، فبالإضافة إلى الفوسفاط الذي نحمدالله عليه هناك بجوارنا الأمونياك الذي يستخرج من الغاز وهذا حظ سيكون قاطرتنا جميعا نحو النمو ثم هناك أيضا المحيط المتوسط و إفريقيا، لست في حاجة للتذكير بأن العالم هو عالم التكتلات. تبقى الآن النقطة الأخيرة والمتعلقة بالإصلاحات، فهناك الإصلاحات الكبرى المتعلقة بماذكرنا قبل ثم هناك ثم هناك شروط تنزيل مقتضيات الدستور الجديد الذي يجعل الحكومة هي المسؤولة عن السياسة العمومية، أتحدث هنا عن دور التجانس. الأحداث المغربية: أستاذ حجي ، استمعتكم إلى ممثل الاتحاد العام لمقاولات المغرب، أنتم تتحدثون عن أرقام مرتفعة نسبيا، السؤال نفسه يبقى مطروحا، ما هي الآليات والوسائل لتنزيلها علي أرض الواقع؟ حفيظ حجي: ليس هناك اختلاف كبير بيني وبين الزملاء حول ما أثير من أفكار، هناك فقط بعض النقط التي أشار إليها السيد الدويري بخصوص الوظيفة في القطاع العام، فنحن نرى ارتفاع مستويات الأجور في هذا القطاع أسهم إلي جانب نفقات التسيير في عجز الميزانية، باعتبار أن النفقات المرتبطة بهما أضحت تمثل 10,7 في المئة من الناتج الداخلي، وهدفنا نحن في التجمع الوطني للأحرار هو أن نخفضها إلي 10 في المئة فقط ، وهذا مهم للتوازن الماكرو اقتصادي لاقتصادنا. قلنا بأننا سنخلق 200 ألف منصب سنوي خلال الولاية التشريعية المقبلة، حيث انطلقنا من نفس رؤية الإتحاد العام لمقاولات المغرب في هذا الصدد، واعتبرنا بأن 120 ألف منصب شغل التي يخلقها الإقتصاد الوطني اليوم من الممكن أن ترتفع إلي 150 ألف إذا عملنا إلي رفع معدل النمو بنقطة مئوية عما هي عليه اليوم، ومع أوراش الجهوية المفتوحة ومما تتطلبه من وظائف سنصل إلي مئتي ألف منصب التي نراهن عليها. أنا أتفق مع ولعلو بأن خلق النمو ل يوفر الوظائف بشكل فوري، إلا أنني أعتبر بأنه بدون نمو اقتصادي لا يمكننا الحديث عن إمكانية خلق المناصب. أضيف إلى هذا إشكالية التوظيف الذاتي التي لم تحقق لحد الآن النتائج المرجوة، بفعل غياب مواكبة وتتبع الشباب الطامح إلى خلق مقاولة ذاتية، كذلك هناك إشكالية غياب التناسق بين منظومة التكوين والتعليم مع ما متطلبات سوق الشغل وانتظارات المقاولات التي تشتكي من غياب الكفاءات والتخصصات المطلوبة في قطاعات واعدة، وهنا يتوجب العمل على تمتين الشراكات والتعاقدات بخصوص تعميم برامج التكوين المرتبط بالإجازة والماستر المهنيين. الأحداث المغربية: هل من تعقيب الأستاذ سهيل، كيف تنظرون داخل التقدم والاشتراكية إلي ما ورد في تدخل التجمع الوطني للأحرار؟ عبد الواحد سهيل: مامن شك أنني أتقاسم مع الإخوة عددا من الأفكار التي تم التطرق إليها، ويظهر لي بأن إشكالية التنمية والتشغيل يجب أن ننظر إليها من خلال واقع اقتصادنا الوطني. فالمغرب يذهب في اتجاه ديمغرافيع يجعل النسبة الأوفر من ساكنته تعيش بالوسط الحضري، ليس دائما في ظروف ملائمة، وهذا واقر يجب أن نقر به.ما أتمناه هو أن يسهم مخطط المغرب الأخضر من خلال برامج العصرنة التي جاء بها في تحفيز الفلاحين على خلق التنمية بالوسط القروي لتفادي الإشكالات الإشكالات الإقتصادية والإجتماعية التي قد تطرح بالقرى خلال السنوات القادمة. هناك كذلك مشكل البطالة الذي يدفعني إلي التساؤل حول كيفية التعامل معه مستقبلا ارتباطا بارتفاع مستويات التعليم والتمدرس وأن هناك أفواج هامة من طالبي العمل ستلج سوق الشغل خلال الأعوام الستة المقبلة، وأتساءل أيضا حول مدى قدرة الإقتصاد الوطني خلال هذه الفترة على جلب الإستثمارات الكفيلة باستقطاب هذه الأفواج. يجب في نظري التفكير في إطار السياسات العمومية وكذلك أوراش وبرامج الجهوية المتقدمة التي انخرط فيها المغرب، في كيفية جلب هذه الإستثمارات لخلق التنمية الإقتصادية، وخاصة بالعالم القروي، فتهيئة التراب والجهوية المتقدمة ستطرح إشكالات جديدة، ونحن في حزب التقدم والإشتراكية نرى بأن هناك خزان للتشغيل تخلقه في منظورنا برامج التشجير والسقي وحماية التراب واقتصاد الواحات ومحاربة التصحر، إلي جانب لصيد البحري التقليدي، إضافة إلي خزانات التشغيل المرتبطة بالتعليم الأولي، وهنا أعتبر بأن الدولة لها دور جديد تستمده من إيجابيات الدستور الجديد يمكنها من التوفر على وسائل العمل على ضمان حماية الحقوق و ضمان العدالة الإجتماعية والمجالية، وهذا يجب أن يترجم إلي استثمارات وأعمال ذات طابع اجتماعي وتضامني كفيل بخلق الثروة والنمو حتى لا تكون النتائج التي ستترتب عن استراتيجية المخطط الأخضر كارثية. هناك مسألة أخرى أساسية ترتبط بالتكوين المهني، وأتصور كيف كان سيكون المغرب لولا برامج التكوين المهني التي انخرط فيها خلال السنوات الأخيرة رغم بعض المآخذات عليه، المهم هو تأهيل الموارد البشرية والإنفتاح على آفاق جديدة للتعاون مع إفريقيا وبلدان أخرى في مجالات متعددة، هذا بالإضافة إلي وحدة المغرب العربي التي أرى بأن تعطلها يضيع على اقتصادنا الوطني نقطة إلي نقطتين من معدل النمو الإضافي. أنا أتفق بأن العنصر السياسي مهم، وأن الإندماج فيما بين الأحزاب يطرح آفاقا تنموية كبيرة. الإتحاد العام لمقاولات المغرب قال بأنه إذا أردنا المضي في نسق البلدان الناشئة يلزمنا خلق ما بين 2,5 إلى 3,5 مليون فرصة عمل خلال السنوات العشر المقبلة، ورؤية اتحاد مقاولات المغرب في هذا الصدد، إيرادية إذا أردنا المرور إلي مرحلة جديدة من التنمية. حقيقة نحن في حاجة إلي كل هذه الأشياء، وأيضا نحتاج إلي دولة ديمقراطية لها حكامة جيدة. صحيح أننا في حاجة إلي مؤسسات لها مصداقية تعتمد على التقويم والمحاسبة والتمثيلية الحقيقية، ونحتاج كذلك إلي حكومة فعلية تقوم بدورها التنفيذي دون تشويش، وإلي تعاقد اجتماعي يضمن لكل مغربي الحق في الحياة الكريمة. غير معقول اليوم أن نعمل جاهدين على خلق معدل نمو سنوي في حدود 6 في المئة، ونرى بأن 20 في المئة فقط قد استحوذت على ثمار هذا النمو، وأن الشرائح والفئات المتبقية لم ترى منه شيئا. نحن محتاجون في الواقع إلي كل هذه الأمور ذات الطابع غير الإقتصادي، باعتبار أنها تكتسي طابعا مجتمعيا وسياسيا وتآزريا، وهذا هو صلب النقاش داخل المجتمع، لكن لا يتم للأسف تسليط الضوء عليه بالكيفية المطلوبة والقدر اللازم، ونشكركم كثيرا على إتاحة هذه الفرصة لنا لإثارة هذا الموضوع ذو الأهمية البالغة. الأحداث المغربية: الاستاذ بوشعيب بنحميدة، تساءلت قبل قليل عن وسائل الأحزاب لتحقيق ما تعد به، الآن وقد استعرض كل متدخل حيثيات تفاؤله أو تحفظه، هل تبدو الأمور مقنعة لكم في الاتحاد العام للمقاولات بالمغرب؟ بوشعيب بنحميدة: ما استخلصته من مداخلات الأساتذة هو أن تناسق الإستراتيجيات القطاعية يكتسي أهمية كبيرة. وأنا أتفق تماما مع هذا الطرح وأتساءل بخصوص استراتيجية مخطط المغرب الأخضر حول مدى تناسقها مع أهداف الرؤية الوطنية للحفاظ على الموارد المائية في الوقت الذي أضحت تشهد فيه المياه الجوفية تراجعا بحوالي متر إلي ثلاثة أمتار من سنة إلي أخرى. أنا أتفق مع كلام فتح الله ولعلو عندما قال بأن القفزة النوعية هي سياسية بالأساس، فرئيس الحكومة المقبلة أصبح بموجب الدستور الجديد مسؤولا حقيقيا للفصل في مختلف القضايا الخلافية. وهذا أساسي. هناك مشاكل لازلنا نعاني منها ولم نتطرق إليها في هذا النقاش، هناك الرشوة والقطاع غير المهيكل، فالرشوة أضرت بصورة البلد، وهي لاتزال متفشية إلي يومنا هذا ويلزم علينا محاربتها بإجراءات صارمة كفيلة بإعطاء نتائج عاجلة وسريعة، أما القطاع غير المهيكل فينتشر بشكل يضر بالإقتصاد الوطني ويساعد أصحاب المقاولات الفاعلة فيه على التهرب الضريبي وعدم التصريح بالأجراء. فالمغرب مطالب باعتماد حزمة من الإجراءات والإصلاحات العاجلة إن هو أراد تجاوز العديد من الإشكالات المطروحة اليوم. الإصلاح الأول في نظري يجب أن يستهدف منظومة التكوين لملائمتها مع متطلبات مهنيي مختلف القطاعات الإقتصادية ومن ضمنها البناء والأشغال العمومية، الإصلاح الثاني يجب أن يطال الضريبة وخاصة منها المتعلقة بالأجر، حيث يلزم في تصوري خلق عدالة ضريبية تراعي قدرة محدودي ومتوسطي الأجر. أما الإصلاح الثالث فيجب أن يهم الحوار الإجتماعي لتفادي حدوث شلل في منظومة الإنتاج الوطني، فلا يعقل أن نقوم بحوار اجتماعي مرتين في السنة ونبقي نحوم في دائرة مفرغة، في الوقت الذي يلزمنا التأسيس لحوار اجتماعي مسؤول ينبني على تعاقد جدي بين الأطراف المعنية به، قد يمتد لعشر سنوات أو أكثر. هناك إصلاحات أخرى مستعجلة لا تقل أهمية عن سابقاتها ويتوجب الإسراع في القيام بها، ومن أبرزها إصلاح القضاء والإدارة، فأنا أؤكد لكم بأن جهاز القضاء لازال يصدر أحكاما غير عادلة في الوقت الذي لا زالت فيه المساطر الإدارية لا تساعد المقاول على الإستثمار، وهنا لا بد أن أتطرق إلي أهمية الإفتحاص في تقييم الصفقات العمومية، وهو ما نفتقده للأسف في كثير من الحالات. هذا من جهة، ومن جهة أخرى أرى بأن المغرب ملزم بأن يكون لديه شركاء أجانب في إطار اتفاقيات التبادل الحر، إلا أن هذه التبادل لا يجب أن يكون متوحشا وفي اتجاه واحد، فالتبادل الحر مهم، لكن أهميته لا يجب أن تكون على حساب المقاولة المغربية.