ساعات قليلة على مقتل معمر القذافي، الذي أجمعت الأخبار المتدوالة بين الثوار الليبيين أنه عاش أيامه الأخيرة محتميا بمليشيات من الأجانب من بينهم مقاتلون من البوليساريو، أعلنت الخارجية الإسبانية أن ثلاثة أشخاص، اثنان منهم إسبان بالإضافة إلى مواطنة إيطالية، يعملون في إطار بعثة طبية تابعة لإحدى المنظمات الإنسانية، قد تم اختطافهم في وقت باكرمن صباح أمس الأحد، من منطقة الرابوني بتندوف . الأمر يتعلق بكل من «إينوا فيرناندث دي رينكون» إسبانية الجنسية ومواطنها «إينريك غونيالونس»، بالإضافة إلى المتعاونة الإيطالية روسيلا أورو، تعرضوا أثناء ممارستهم لعملهم الإنساني لهجوم من قبل مسلحين على متن سيارات رباعية الدفع تم إرغامهم على الصعود قبل المغادرة في اتجاه المجهول. الصحافة الإسبانية التي أوضحت أن « أحد الرهائن أصيب بجروح خلال تبادل لإطلاق النار مع الخاطفين» ، كشفت عن الحرج الكبير الذي وقعت فيه السلطات الجزائرية التي توجد منطقة الاختطاف ضمن نطاق نفوذها الترابي، وبأن الخارجية الإسبانية تواصل اتصالاتها المكثفة بمسؤولي السفارة الجزائرية بمدريد قصد التوفر على المعلومات الكافية للبدء في التعاطي مع العملية . محمد ضريف الجامعي المتخصص في الجماعات الإسلامية ربط بين الحادث والمستجدات التي تعيش على إيقاعها المنطقة خاصة سقوط النظام الليبي ومقتل زعيمه السابق معمر القذافي، معتبر أن ذلك يدخل في «تعداد المؤشرات التي تبين أن الكثيرين ممن كانوا يستفيدون من الريع البيترولي للقذافي عن طريق القتال إلى جانبه ضد الثوار الليبيين سيعودون إلى مناطق نشاطهم، وسيحاولون تعويض خسارتهم في وفاة القذافي، وطبعا على رأس هؤلاء مقاتلو البوليساريو» . الباحث المغربي لم يتردد في التأكيد على أن «الجنوب الجزائري، بما في ذلك مخيمات البوليساريو، أصبحا جزء لا يتجزأ من منطقة عدم الاستقرار ببلاد الساحل والصحراء، التي ازدهرت فيها تجارة اختطاف الرهائن إضافة إلى تجارتي المخدرات و السلاح»، معتبرا أن ما يقوم به تنظيم القاعدة في المنطقة وخاصة في موريتانيا ومالي والنيجر من اختطاف للرعايا الأجانب والمطالبة بمبالغ كبيرة كفدية «سيغري مليشيات البوليساريو من أجل التزود بالمال خاصة بعد القذافي». الهروب إلى الأمام كان هو الحل أمام البوليساريو التى أعلنت على أن الخاطفين «تسللوا من الأراضي المالية المجاورة ليهاجموا مقر ضيافة الأجانب بمخيمات اللاجئين الصحراويين غربي تندوف، مستخدمين سيارة رباعية الدفع وأسلحة نارية. ليعودوا من حيث أتوا بعد عملية الاختطاف»، وذلك رغم الحصار المحكم الذي تضربه مليشيات محمد عبد العزيز على المخيمات مدعومة بعناصر من المخابرات العسكرية الجزائرية. ليست هذه هي العملية الإرهابية التي تقوم بها مليشيات البوليساريو، فقبل أن يُرغمها قرار الأممالمتحدة بوقف إطلاق النار على التواري، لم يكن المغرب وحده يعاني من تسللات «كوموندوهاتها»، على امتداد سنوات السبعينيات والثمانينيات قامت عصابات البوليساريو بعمليات إرهابية في حق مواطنين أبرياء عزل من موريتانيا ومن جزر الكناري كذلك. معاناة الكناريين مع إرهاب عصابات البوليساريو بدأت في نونبر 1978 عندما تم استهداف باخرة الصيد الإسبانية « كروز ديل مار»، ثم لم تمض إلا سنة واحدة بعد ذلك ، حتى جاء الاختفاء الغامض لباخرة إسبانية أخرى «مينسي دي ابونا» في عرض مياه أرخبيل الكناري، عمليات خلفت مقتل 14 بحارا كناريا . ياسين قُطيب