قرروا في لحظة طيش وغضب أن يصادروا حرية ضحاياهم، ويعرضوهم لشتى أشكال المعاناة النفسية والجسدية. تختلف الدوافع وراء إقدامهم على هذا الفعل لكن تجمع بينهم الرغبة في الانتقام التي كانت المحرك لارتكابهم جريمة الاختطاف التي سترمي بهم في غياهب السجن. تمكن أخيرا من العثور على وظيفة، بعد أن تجرع مرارة البطالة لسنوات، ليقرر محمد التقدم لطلب يد زينب التي جمعته بها علاقة حب دامت لسنوات، لكنه سيصطدم برفض أسرتها لطلبه، بسبب دخله المحدود، الذي لا يرقى لحجم طموحات الأسرة الميسورة، بينما وجدت زينب نفسها مرغمة على الانصياع لأموامر والديها بعدم رؤيته مجددا، بل وصارت تمتنع حتى عن الإجابة عن مكالماته. العاشق الخاطف زرع إصرار زينب على تجاهله الشكوك والأفكار السوداوية في نفسه، ما جعله يهددها بالانتقام منها على خداعها له، من خلال جملة من الرسائل التي كان يبعث بها محمد لزينب على هاتفها النقال. لم تأخذ تهديداته على محمل الجد، في قناعة تامة بأن مشاعر الحب التي يكنها لها ستجعله عاجزا عن إيذائها. لن يتأخر الشاب طويلا في تنفيذ تهديداته. ظل يتحين الفرص، إلى أن اكتملت شروط خطة الانتقام المحكمة التي وضعها. انفرد بها بأحد الشوارع الخالية من المارة، حين كانت في طريقها إلى المنزل عائدة في مساء ذلك اليوم من الكلية. طلب محمد من زينب امتطاء سيارة كان على متنها شخص لم يسبق لها رؤيته، ما جعل القلق والخوف يتسللان إلى نفسها. رفضت تلك الدعوة، لكن الشاب لن يمهل زينب الوقت للابتعاد. سحبها من يدها وأرغمها على ركوب السيارة التي ستنطلق بسرعة جنونية نحو وجهة لا يعرفها سوى الخاطفان. حاولت زينب التي حاصرها «العاشق المجنون» في مقعد السيارة الخلفي الاستنجاد بالمارة ومستعملي الطريق لكن زجاج السيارة المدخن حال دون رؤيتهم لها، لتدرك الفتاة في تلك اللحظة بأن مصيرها أصبح بين أيدي خاطفيها. كلما مرت الدقائق تعاظم خوف زينب التي بدأت تفكر في طريقة للانعتاق من قبضة الإثنين، في الوقت الذي كان العاشق يردد على مسامعها عبارة «متحلميش تشوفي داركم مرة أخرى»، لتقرر الفتاة في لحظة ضعف ممزوجة بالأمل في الخلاص أن تقفز من السيارة التي كانت تسير بسرعة جنونية. المجازفة التي أقدمت عليها زينب كلفتها الحرمان من عيش حياة طبيعية، بعد أن فقدت القدرة علي المشي وتحولت إلى فتاة مقعدة على كرسي متحرك، تتجرع مرارة المعاناة من الإعاقة، التي لم يكف لمساعدتها على تجاوزها حتى إلقاء القبض على المختطف العاشق وشريكه، ودفعهما لسنوات من عمرهما بين قضبان السجن ثمنا للجريمة التي ارتكباها في حقها. يختطف ابن الجيران كعادته توجه يوسف ذو الست سنوات إلى منزل الجيران الذي يوجد بمحاذاة بيت الأسرة بإحدى مدن جنوب المغرب. أطلق العنان لشقاوته وبدأ في مشاكسة رفاقه الصغار، قبل أن يقوم ابن الجيران بدفعه على سبيل المزاح، غير أن توازن الطفل سيختل ليقع داخل حمام سباحة في طور الإنشاء، ويرتطم رأسه بجسم صلب، ليفارق الحياة بعد ساعات قليلة من نقله إلى المستشفى. نزل الخبر كالصاعقة على والد الضحية، فهو لم يغادر المنزل في ذلك اليوم ويتجه إلى عمله إلا بعد أن طبع يوسف قبلة على خده، وانضم إلى أقرانه من أبناء الجيران ليتقاسم معهم متعة اللعب. كانت صدمة فراق الابن الوحيد أقوى من أن يتحملها عقل الأب، الذي رفض الاقتناع بأن الأمر يتعلق بحادثة، وبدأ في توجيه الاتهامات لجيرانه وتحميلهم مسؤولية وفاة ابنه، مرجعا السبب إلى الخلافات التي نشبت بينه وبين جاره منذ فترة حول المشروع الذي يجمع بينهما، قبل أن تسيطر عليه الرغبة في الانتقام والثأر لوفاة ابنه. كانت الفكرة هي اختطاف ابن الجيران الذي تسبب في وفاة ابنه. تحين الرجل الأربعيني فرصة مغادرة الطفل للمدرسة، التي لا تبعد بمسافة طويلة عن بيت أسرته، ليعرض عليه اصطحابه إلى البيت على متن سيارته، عرض لن يقابل بالرفض من طرف الطفل، الذي ركب السيارة وتعابير الاطمئنان والارتياح تعلو وجهه، قبل أن تتلاشى بمجرد أن يشعر بابتعاده عن منزل أسرته. لن تتوقف السيارة إلا بعد أن يصبح الرجل والطفل في «بلاصا مقطوعا»، لينزل المختطف ويطالب الطفل بالنزول، وفي اللحظة التي كان يحاول فيها الرجل الإمساك بيده، سيسل الطفل يده بكل خفة ويطلق ساقيه للريح. في مشهد شبيه بالأفلام الهوليودية امتطى «الأب المنتقم» سيارته وظل يطارد الطفل محاولا دهسه لكن الطفل سيتمكن من النجاة بفضل استعماله للرصيف قبل أن يستنجد برجل كان على متن سيارته، تولى نقله إلى بيت أسرته. تنفست أسرة الطفل المختطف الصعداء بعودة ابنها إلى أحضانها سالما، وقررت الاتصال بالشرطة للإبلاغ عن الواقعة، تم إصدار مذكرة بحث في حق الخاطف وألقي القبض عليه بعد أن ظل لأسابيع مختفيا عن الأنظار. شادية وغزو