استطاعت القاضية المغربية التي كانت سباقة لاعتلاء كرسي القضاء بالعالم العربي، أن تتبوأ مكانة متقدمة في سلك القضاء عن جدارة واستحقاق، مما أهلها للتدرج في مراكز المسؤولية حيث أثبتت كفاءتها وتفانيها وجديتها في العمل. وأجمعت مسؤولات قضائيات في تصريحات لوكالة المغرب العربي للأنباء بمناسبة تخليد اليوم العالمي للمرأة (8 مارس)، أن القاضية أثبتت قدرتها على القيام بهذه المهمة على أحسن وجه رغم أن القضاء يعد من المهن الصعبة التي تتطلب جهدا كبيرا وصبرا وتضحية وتفانيا في العمل.
وأوضحت سعيدة بنموسى رئيسة الغرفة المدنية بمحكمة النقض (القسم الثاني) أن القضاء من المهن التي تتطلب من الممتهن لها الجهد الكبير والصبر والتضحية والتفاني في العمل بالاضافة الى التكوين القانوني الرصين، مبرزة أن القاضية أثبتت قدرتها على القيام بهذه المهمة على أحسن وجه، كما تمكنت من التوفيق بين عملها كقاضية و مسؤوليتها كربة بيت تسهر على تدبير حياتها الأسرية إلى جانب زوجها وأبنائها. وبخصوص نظرة المجتمع للقاضية، أوضحت أن النظرة التي كانت في الستينيات وبداية السبعينيات والتي كانت تتسم بنوع من التحفظ والرفض في بعض الأحيان، تغيرت بعد تزايد عدد القاضيات اللواتي أثبتن كفاءة ومهنية عالية في العمل، مؤكدة أن هذا التفاني جعل القاضية سواء في النيابة العامة أو القضاء الجالس تحظى بالاحترام والتقدير سواء من قبل المتقاضين أو مساعدي القضاء.
من جهتها، أكدت فاطمة بنسي رئيسة الغرفة التجارية بمحكمة النقض ( القسم الأول )، أن المجتمع ينظر للقاضية بشكل مختلف عن نظرته لباقي النساء ، بحيث يعتبرها قدوة، لذلك فهي مطالبة بأن تكون مثالية في كل شيء، في بيتها كزوجة وأم ومع محيطها، إلى غير ذلك من الأمور المرتبطة بحياتها العملية والأسرية، وبالتالي فهي تصارع على جبهتين، جبهة العمل وجبهة الأسرة، من جهة عليها أن تثبت ذاتها كقاضية وكفاءتها وأنها لا تقل عن زميلها في تحمل هذه المسؤولية الكبيرة، ومن جهة ثانية هي مطالبة بأن تكون ربة بيت تحسن تدبير حياتها. واعتبرت المسؤولة القضائية أن نجاح القاضية رهين الى جانب الكفاءة، بتوفير بيئة سليمة ومحيط اجتماعي متفهم يكون سندها في مشوارها المهني. وبالنسبة لمليكة بن زاهر رئيسة الغرفة الاجتماعية الأولى بمحكمة النقض، فإت مهنة القضاء هي مسؤولية وأمانة على عاتق القضاة نساء ورجالا وتستوجب من القاضي التفكير والتروي والبحث المستمر والتكوين المستمر والاستشارة والاطلاع على القوانين المقارنة ، مبرزة أن القاضية تمكنت من تحقيق مجموعة من المكتسبات التي لم تتوفر سابقا ، في الثمانينيات حيث كانت هناك خمس قاضيات من بين 80 قاضيا ، أما الآن فان المرأة القاضية تمثل 30 بالمائة بمحكمة النقض و70 بالمائة في كتابة الضبط . وترى بن زاهر أنه بالرغم من كل ما حققته المرأة بصفة عامة من مكاسب فإنها لازالت لم تحقق ذاتها مائة بالمائة بحيث أن الفكر الذكوري لا يزال يسيطر على العقلية المغربية حتى في المجال القضائي الذي لم ينصف المرأة ، مبرزة أن هناك قاضيات أثبتن كفاءتهن بشكل متميز وأفنين شبابهن في خدمة العدالة ، ومع ذلك لم تعط لهن الفرصة لتحمل المسؤولية ، كوكيلات الملك في المحكمة الجنحية مثلا ، ورئيسات أولى لمحكمة عادية ، فالفرصة التي تعطى للقاضي ليست هي نفسها التي تستفيد منها القاضية. أما عتيقة السنتيسي رئيسة غرفة القسم الجنائي السادس المكلفة بجرائم العقارات بمحكمة النقض ، فتعتبر أن القاضية تعرف بجديتها وتفانيها وإتقانها لعملها رغم أنها لم تحقق كل ما ترجوه مشيرة إلى أن مهمة القاضية ، ليست بالسهلة ، لان عملها مختلف عن عمل باقي النساء ، فهي تبت في حقوق الناس ، وهذا يتطلب منها وقتا كافيا لدراسة الملفات واستيعاب النزاعات المعروضة عليها ، و مطالعة النصوص القانونية ، و الاطلاع على الا جتهادات القضائية ، والآراء الفقهية ، وتحرير ذلك في شكل تعليلات تصل بها إلى الحكم العادل الذي تراه مناسبا في كل قضية تعرض عليها ، وهذا في رأيها ليس بالأمر الهين.