انطلقت السبت بطنجة، عروض المسابقة الرسمية للأفلام الطويلة في إطار المهرجان الوطني للفيلم بعرض فيلم " نصف سماء" للمخرج عبد القادر لقطع. ويندرج الفيلم ضمن سلسلة أفلام الذاكرة بتناوله لمرحلة حافلة بالأحداث والتحولات في سياق ما سمي ب "سنوات الرصاص" من خلال سيرة ذاتية بمثابة شهادة فردية على هذه المرحلة. فالفيلم الذي يعرض أمام الجمهور للمرة الثانية بعد برمجته من طرف مهرجان مراكش الدولي للفيلم، في إطار فئة " نبضة قلب"، يستعيد فصولا من مسار الكاتب والناشط المغربي عبد اللطيف اللعبي في مرحلة السبعينيات من القرن الماضي، لكن بلسان زوجة اللعبي، جوسلين. إنه بهذا المعنى فيلم يراهن على الأبعاد الإنسانية لهذا الفاصل التاريخي، أكثر منه فيلما سياسيا بالمفهوم المتعارف عليه، فهو يعطي الكلمة للزوجة المفجوعة باعتقال زوجها، بسبب أفكاره السياسية، ومن خلالها للأمهات والأطفال والأسر التي عانت من سلب الحرية لشريحة من الناشطين السياسيين الراديكاليين. هنا تكمن خصوصية هذا الفيلم، السابع في فيلموغرافيا عبد القادر لقطع، بعد خمسة أفلام روائية وفيلم وثائقي، إذ يروي هذا العمل توترات هذه المرحلة، أساسا من خارج أسوار السجن، على خلاف جل النماذج المغربية من الأفلام التي تناولت موضوع الاعتقال السياسي في الماضي. هكذا يغدو فيلم " نصف سماء" سيرة معاناة مروية بلسان الزوجة الفرنسية للكاتب المغربي، عبد اللطيف اللعبي، هي بمثابة احتفاء واعتراف بالدور الحيوي الذي لعبته عائلات المعتقلين والمعاناة التي تحملتها في انتظار يوم الإفراج عن أبنائها. ببطولة ثنائية لصونيا عكاشة في دور جوسلين وأنس الباز في دور عبد اللطيف اللعبي، يجمع الفيلم بين الشهادة الفردية المستقاة من سيرة ذاتية ألفتها جوسلين حول تجربتها المريرة أثناء اعتقال زوجها، وتوثيق ذاكرة جماعية لمرحلة ساخنة في التاريخ السياسي للمغرب. وهو رهان بالغ الحساسية كونه يتعلق بكتابة تاريخ حديث مازال العديد من الفاعلين فيه على قيد الحياة، يغذون المجال العام بروايات مختلفة وأحيانا متضاربة بشأن بعض الأحداث والمواقف. " لست مؤرخا، أنا سينمائي" يقول عبد القادر لقطع مؤكدا اعتماده في باب الواقعة التاريخية على رواية شريكه في السيناريو، عبد اللطيف اللعبي، مع ما يقتضيه العمل السينمائي من خصوصية في بناء الحكاية وهندستها الدرامية. وبينما نوه جمهور الفيلم بالإضافة التي يقدمها الفيلم في باب أفلام الذاكرة الوطنية الجماعية ، فإنه قوبل خلال جلسة النقاش التي أعقبت العرض، بمؤاخذات عديدة همت توسيع مساحة استخدام الفرنسية كلغة رئيسية للشخصيات، وعدم دقة بعض الوقائع التاريخية واعتماد صيغة حكي كرونولوجية شبه تسجيلية غابت عنها اللمسة الإبداعية في التعبير البصري، فضلا عن تفاوت في الأداء لدى الطاقم التمثيلي، وخصوصا بين بطلي الفيلم. يذكر أن عبد القادر لقطع قدم للسينما المغربية، انطلاقا من 1992 "حب في الدارالبيضاء"، "بيضاوة" (1998)، "الباب المسدود" (2000)، "وجها لوجه" (2003)، "ياسمين والرجال" (2007)، والوثائقي التلفزيوني "بين عشق وتردد".