بعد ساعات من الاعتداء الذي استهدف صحيفة "شارلي إيبدو" الأربعاء، وصل الدعم المادي واللوجيستي من جهات مختلفة لإنقاذ الصحيفة الساخرة في تحد لكل من أراد إسكاتها. لا ينوي الناجون من الاعتداء على "شارلي إيبدو" الساخرة أن تنقطع صحيفتهم عن الصدور. فقرروا نشر عدد جديد من مليون نسخة الأربعاء المقبل (والأربعاء هو الموعد الأسبوعي لصدور الصحيفة)، مقارنة ب 60 ألف نسخة في العادة. فقد أكد باتريك بيلو أحد صحافيي "شارلي إيبدو" أن "الغباء لن يخرج منتصرا ". وسيضم العدد المقبل من "شارلي إيبدو" 8 صفحات عوضا عن ال16 المعتادة. ومنذ السابع من يناير/كانون الثاني الجاري، تاريخ الاعتداء، عبرت العديد من الجهات عن استعدادها لمساندة الصحيفة الساخرة. فدعت صحيفة "ليبيراسيون" الناجين من الهجوم إلى العمل في مقرها وذلك "طالما احتاجوا إلى ذلك" حسب ما صرح الخميس المدير التنفيذي ل"ليبيراسيون" بيار فريدنرايش لوكالة الأنباء الفرنسية. وأضاف "نضع بتصرفهم طابقا كاملا في المبنى وكل الأدوات والوسائل الضرورية لإنتاج نسخة الأسبوع المقبل، والنسخ الأخرى المقبلة، طالما احتاجوا إلى ذلك". وأكد أن "هذا البيت بيتهم. اتصلت بمكتب برنار كازنوف (وزير الداخلية) وبمديرية الشرطة في باريس، وستتخذ كل الإجراءات الأمنية اللازمة ابتداء من صباح الغد". وكانت "ليبيراسيون" قد احتضنت "شارلي إيبدو" أسابيع عديدة في السابق بعد الحريق الإجرامي الذي طال مقرها عام 2011 إثر نشرها لكاريكاتيرات للنبي محمد. وأضاف فريدنرايش "آمل أن شارب وكابو وكل الآخرين يرون هذا من فوق: المساندة والمظاهرات... يجب أن لا يكونوا قد ماتوا عبثا". اقتراحات دعم كثيفة ولم تقتصر اقتراحات الدعم على يد المساعدة التي قدمتها "ليبيراسيون" فمدراء إذاعة فرنسا و"لوموند" و"فرانس ميديا موند" و"آرتي" و"فرانس تلفزيون" وغيرها أعلنوا في بيان مشترك استعدادهم "لوضع كل مواردهم البشرية والمادية بخدمة شارلي إيبدو وفريق الناجين حتى تواصل شارلي إيبدو حياتها". وأعلنت بعض وسائل الإعلام الأجنبية أيضا مساندتها ل"شارلي إيبدو" على غرار مجموعة "ذي غارديان" البريطانية التي قالت الخميس أنها تمنح مئة ألف جنيه بريطاني للصحيفة المنكوبة. وقالت وزيرة الثقافة فلور بلرين الخميس لقناة فرانس5 أنها قررت "تسخير" نحو مليون يورو "عاجلا" لفائدة "شارلي إيبدو" حتى "تضمن ديمومتها". وعلى أثير إذاعة "فرانس أنفو" اعتبرت كريستيان توبيرا أن "تقديم مساعدة عمومية لدعم شارلي مسألة مبررة. فلا يمكن أن نتصور اختفاء شارلي إيبدو". ووحد الموزعون أيضا صفوفهم، فقررت كامل حلقات شبكة التوزيع أن تتخلى ل "شارلي إيبدو" عن نصيبها من أرباح بيع العدد الأخير من الصحيفة والتي تقدر ب 50 بالمئة من المداخيل (وسعر الصحيفة 3 يورو)، حسب ما قال أحد هياكل الطباعة لوكالة الأنباء الفرنسية. أما العدد المقبل من "شارلي إيبدو"، فسيحظى بنفس السند إضافة إلى دعم إشهاري مجاني حسب نفس المصدر. وأكد الموزع "بريستاليس" من جهته أنه لن ينتفع من توزيع العدد المقبل حسب صحيفة "لي إيكو". وقال صندوق "صحافة وتعددية" الذي يمكن وسائل الإعلام من تبرعات غير خاضعة للضرائب أن بإمكانه في مرحلة أولية تسخير مئة ألف يورو لصالح "شارلي إيبدو" ثم جمع التبرعات في فترة لاحقة حسب مصدر قريب من الملف. ولعل المفاجأة الأكبر جاءت من العملاق غوغل، إذ أعلن صندوق غوغل/ناشرين "للابتكار الصحافي الرقمي" على لسان مديره لودوفيك بلاشر نيته "المشاركة في المبادرة الجماعية" دون أن يكشف عن المبلغ. وستكون المساعدة أيضا في شكل اشتراك في الصحيفة. فاشترى البنك العمومي للاستثمار بفرنسا 50 اشتراكا لمقره الرئيسي وفروع الجهوية ال42. وأعلن صندوق الودائع والتسجيل فتح صفحة على الإنترنت تتيح لرواد الشبكة تقديم تبرعات ل"شارلي إيبدو". وداعا للمشاكل المالية وأكد الخميس لإذاعة فرانس إنتر" فيليب فال المدير السابق ل"شارلي إيبدو" أن "العديد من الناس، العديد من المثقفين والفنانين" مستعدون لمساعدة الصحيفة. وقبل الاعتداء، كانت "شارلي إيبدو" على حافة الإفلاس وتخشى أن تغلق أبوابها بسبب مبيعات ضعيفة. فلم تكن "شارلي إيبدو" تبيع سوى 30 ألف نسخة، أي نصف العدد المنشور، في حين كان يجب أن تبيع على الأقل 35 ألف لتحقيق التوازن كما صرح فال سابقا لوكالة الأنباء الفرنسية. وكان أطلق حملة في نونبر الماضي لجمع التبرعات لكنه لم يجمع سوى بعض عشرات الآلاف من اليورو في حين كان يأمل جمع مليون. وأضاف فال "عائدات بيع العدد القادم ستكون من نصيب عائلات الضحايا. في حين ستستثمر التبرعات من أجل استمرار شارلي إيبدو". وقالت "مراسلون بلا حدود" أن حملة التبرعات ستنشر أيضا في الخارج. لا، لن تموت "شارلي إيبدو". مها بن عبد العظيم