1984 الرابعة. لايتعلق الأمر بقناة تشبه الرابعة المغربية. لا. الحكاية في تلك السنة الثمانينية البعيدة كانت تتعلق بمشروع "أحمق" فعلا يريد اقتحام المشهد التلفزيوني الكلاسكي في فرنسا، ويريد صنع شيء مغاير للقنوات الفرنسية التقليدية الثلاثا: تي إف 1 وأنتين دوالتي ستصبح فيما بعد فرانس 2 ثم لا تروا التي ستصبح فرانس 3. مشروع حالم بالفعل اختار له مهندس فكرته آلان دو غريف الابتعاد تماما عن كلاسيكيات التلفزيون. الكرة والسينما وفيلم إباحي في نهاية الشهر ثم الكثير مما سيعرف في المشهد التلفزيوني وفي المشد السمعي البصري الفرنسي فيما بعد بالكلمة السحرية : روح كنال روح كنال: التحرر أتت القناة الفرنسية إلى مشهد تلفزيوني بدأ الشيب يتسلل إلى كبار أسمائه فاختارت الرهان على الشباب. حملت إلى الشاشة مشاهد لم يتوقعها المشاهد الفرنسي ولم يتخيلها ولم يكن يعتقد أنها ستصله يوما عبر التلفزيون. اختارت كنال البث بالمرموز واختارت الكرة والسينما في فقراتها المرموزة لجلب جمهورها، فيما اختارت في فترات الواضح الرهان على النقاش بشكل متحرر يشبه تلك "الفرنسا" التي وصل اليسار إلى الحكم فيها بداية الثمانينيات والتي عاشت تجربة البث الحر من خلال إطلاق العشرات من الإذاعات التي تخصصت في كل شيء وفي لاشيء والتي حملت عطش الفرنسيين لنوع آخر من الإعلام مغاير لإعلام فاليري جيسكار ديستان وعبارة "أوروفوار" الجامدة التي كان ينهي بها خطبه. وعلى امتداد ثلاثين سنة، كان النجاح في الموعد. تألقت كنال بلوس ببرنامجها الأشهر "فقط هنا" أو "nulle part ailleurs"، أبهرت الجميع بفقرة دماها الإخبارية التي أطلقت من خلالها النار على المشهد السياسي الفرنسي كله "لي غينيول دولانفو" والتي وصلت في تأثيرها حدا لا يمكن تصوره، حتى أصبح كبار المشهد العام الفرنسي يتمنون لو أنهم عبروها يوما لأن المرور منها يعني التكريس ويعني أن صاحب الدمية أصبح إسما لا يمكن تجاوزه في فرنسا. تألقت كنال بلوس في الكرة، وقدمت المباريات بشكل حصري، واستطاعت أن تكون من بين عرابي قانون البيع والشراء الذي تطور في السنوات الأخيرة حتى أضحى المتحكم الأكبر في المشهد الكروي العام حد دفع إمارة غنية مثل قطر إلى إطلاق قناة رياضية متخصصة استوحت نموذج "كنال بلوس" هي "ي إن سبور" من أجل المنافسة بمال لا ينتهي وبرغبة جامحة على كعكة تبدو الأكثر إسالة للعاب وإثارة للهشية في عالم اليوم هي كعكة الكرة. اختارت كنال أيضا النقاش الضاحك، نقاش صنعه بيير ليسكير وآلان دوغريف وبموجبه أصبح ممكنا الضحك من كل شيء من الدين من الجنس من السياسة، وهو ماراق للفرنسيين الذين تهاطلوا على هاته القناة وجعلوا مشروعها المادي الذي كان يبدو خاسرا أفضل مشروع إعلامي على الإطلاق. بعدها دبرت كنال سنواتها بتألق كبير، وطبعا كانت الفقرة الأكثر خصوصية فيها هي فقرة "الزابينغ" التي اخترعها ميشيل دونيزو والتي تقدم من خلالها القناة كل التلفزيون العالمي في بضعة دقائق يوميا وهي فقرة لا توجد في أي قناة أخرى من قنوات العالم الفسيح. دخلت كنال بلوس على خط الإنتاج السينمائي العالمي، وخصوصا الفرنسي، وصنعت لسينما فرنسا وهجها ومسابقة السيزار التي تتوج أفضل أفلامها، وجعلت من مهرجان كان السينمائي لحظة بث حصرية لها ستضيف خلالها كبار نجوم هوليود والعالم السينمائي، وتمكنت وهي تطفى شمعتها الثلاثين اليوم الثلاثاء أن تقدم نموذجا مغايرا بروح شبابية ساخرة من كل شيء قادرة على إبراز وقاحتها الجميلة في وجه الجميع هو النموذج الذي يحتفي به الكثيرون ليس في فرنسا وحدها بل في أماكن كثيرة من العالم ضمنها المغرب الذي يعد من المواظبين على برامج كنال وخصوصا فقرة "لوغران جورنال" الواضحة، وبالتحديد لفقرة "لوبتي جورنال" في انتظار العثور يوما على بارقة أمل أن يكون لدينا تلفزيون يستحق أن نشاهده وأن نتابعه وأن نتحدث عنه في ذكراه الثلاثين لمياء الديلامي