بعدما اجتاز امتحاني مجلس الحكومة والمجلس الوزاري، يستعد صلاح الدين مزوار وزير الاقتصاد والمالية لتقديم مشروع القانون المالي لعام 2012 إلى البرلمان، في 19 من شتنبر الحالي الذي يوافق الاثنين المقبل، وذلك في أفق بداية مناقشته من قبل ممثلي الأمة انطلاقا من الثلاثاء المقبل، قبل المصادقة عليه.لكن قبل ذلك سيكون على مشروع القانون المالي المرور عبر المجلس الحكومي من أجل تقديمه بشكل مستفيض قبل المصادقة عليه. الإجراء فرضته مقتضيات الدستور الجديد التي تحث على ضرورة أن تتم المصادقة على الخطوط العريضة لقانون المالية من قبل مجلس الحكومة قبل عرضه على أنظار المجلس الوزاري، وبعد المصادقة عليه من طرف هذا الأخير سيكون من الضروري أيضا العودة إلى مجلس الحكومة للمصادقة على المشروع برمته. وإذا كان المجلس الحكومي الذي سيعقد يومه الخميس، لم يدرج في جدول أعماله المصادقة على مشروع القانون المالي، فإن إمكانية عقد مجلس حكومي في بداية الأسبوع المقبل قبل عرضه على البرلمان سيكون أمرا واردا. جدل كبير رافق إعداد مشروع القانون المالي للعام المقبل. فبعد إقرار تاريخ 25 نونبر المقبل لإجراء انتخابات تشريعية سابقة لأوانها، وما رافق ذلك من جدل حول تاريخ تقديم المشروع إلى البرلمان، وكذا بعدما تم الاتفاق حول إجراء دورة استثنائية لمجلس النواب من أجل المصادقة على عدد من مشاريع القوانين التي أقرها مجلس الحكومة، جاء الدور هذه المرة على جدال واسع تأكد بعدما لم يتضمن جدول أعمال الدورة الاستثنائية مناقشة مشروع القانون المالي. في هذا الوقت أخبار كثيرة تناسلت. مصادر تشير إلى أن مزوار يبحث عن صيغ يضمن من خلالها مصادقة فرق الأغلبية على المشروع عند عرضه على البرلمان، مادام أنه يواجه صراعات سياسية طاحنة مع بعض أحزاب الأغلبية التي لا تنظر بعين الرضا إلى تحالفات حزبه، التجمع الوطني للأحرار، مع أحزاب من المعارضة. أخبار أخرى تؤكد أن الوزير سيبحث أيضا عن تأجيل موعد تقديم المشروع إلى البرلمان إلى أكتوبر المقبل، الذي قد يصادف غياب العدد الأكبر من البرلمانيين لانشغالهم بالتحضير للانتخابات التشريعية، وبذلك يضمن مزوار تصويتا على المشروع بالأغلبية. “كل ما قيل غير صحيح”، يقول مصدر من وزارة الاقتصاد والمالية، قبل أن يضيف “لقد سبق لوزارة الداخلية أن حددت تاريخ 19 من شتنبر الحالي كتاريخ لتقديم مشروع القانون المالي للعام المقبل، وذلك في إطار دورة استثنائية للبرلمان، وإلى يومنا هذا لم يطرأ أي تغيير، سيقدم الوزير مشروع القانون المالي يوم الاثنين المقبل”. لكن قبل ذلك كان صلاح الدين مزوار أول أمس الثلاثاء على موعد مع فرق الأغلبية لتقديم المشروع ومناقشته، وبذلك يكون الوزير قد استنفذ جميع المراحل التشريعية الضرورية التي تسبق تقديم المشروع إلى البرلمان. اجتماع الوزير مع الأغلبية الحكومية كان، على ما يبدو، مناسبة من أجل الاتفاق على إعادة إدراج قانون المالية في جدول أعمال الدورة الاستثنائية الحالية، لكن أيضا مناسبة من أجل تذويب جميع الخلافات الحاصلة بين مكونات الأغلبية الحكومية، لكن أيضا من أجل أن يحظى المشروع بموافقة الأغلبية، وهو ما كان له. فيما تشير مصادر إلى أن عباس الفاسي الوزير الأول أشرف بنفسه على إنهاء جميع هذه الخلافات، ليضمن بذلك مرورا سلسا لعمل الحكومة خلال هذه الفترة الانتقالية. تدارك جاء في وقت تناسلت فيه التأويلات، القائلة بوجود خلافات داخل الأغلبية الحكومية، حتى أن البعض ذهب إلى حد الاعتقاد بأن مشروع القانون المالي غير جاهز. “فما الذي كان يمنع الحكومة من برمجة مشروع القانون خلال الدورة الاستثنائية؟ ألم تتم المصادقة على توجهاته الكبرى بالمجلس الوزاري الجمعة الماضي؟ ” يتساءل عبر الهاتف خبير قانوني وفاعل سياسي رفض الكشف عن نفسه، متهما الحكومة بسوء التدبير وافتقادها ل”الحكامة الجيدة” حيث كان عليها أن تعي ضيق الوقت وتقوم بتهييئ الظروف وتدع الخلافات جانبا من أجل ضمان مرور المرحلة الانتقالية على أحسن مايرام. “لكن يبدو أن الحكومة تمكنت في آخر لحظة من تذويب خلافاتها” يضيف هذا المصدر، الذي اعتبر أن موقف الحكومة من الناحية القانونية الصرفة، سليم مائة في المائة، إذ يخولها القانون إصدار مرسوم استدراكي، يتم بموجبه إحداث التعديلات التي ترتئيها، لكن قبل ذلك يجب عقد مجلس حكومي يتم خلاله المصادقة على مشروع قانون المالية وكذلك على المرسوم الاستدراكي. خالد الرزاوي/ أحمد بلحميدي