هل فات الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة القطار للتحول إلى مقاولة اقتصادية حديثة؟ لحد الآن التحول من دار البريهي إلى الشركة الوطنية، لم يواكبه تحول في العقلية التسييرية للمسؤولين. فعقلية الوظيفة العمومية تعشش في رؤوس الجميع، والتدبير المعقلن الحديث القائم على المردودية والكفاءة لم يجد طريقه بعد إلى دواليب دار البريهي، أما التحول فاقتصر على الشكل ولم ينفذ إلى الجوهر؟ هل هو نقص في التكوين أم ثقافة تجذرت على مدى سنوات، ومن الصعب محو أثرها بين ليلة وضحاها؟ففي الوقت الذي ينتظر فيه العاملون فتح باب المغادرة الطوعية (أنظر المؤطر) يقرر فيصل العرايشي أن يخضع جيشه العرمرم من المدراء والمسؤولين إلى دورة تكوينية تشرف عليها مؤسسة أمريكية لها باع طويل في مجال التدبير المعقلن للمقاولة واقتراح السبل الناجعة لبلوغ المردوية. المؤسسة تحمل اسم «دايل كارنيي ترينينغ». تشتغل في المغرب منذ عشر سنوات، وسبق لها مواكبة عدد من المؤسسات الإعلامية، وتنتشر فروعها في 85 دولة. هل تنفع المدرسة الأمريكية وبراغماتياتها في تخريج مسؤولين يقطعون مع عهد «زايد ناقص» ؟ ما لا يقل عن 150 مديرا ومسؤولا داخل الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة يستفيدون من ورشات للعمل كمرحلة أولى منذ الإثنين الماضي إلى غاية الأربعاء، إذ جرى تقسيمهم إلى خمس مجموعات بمعدل ثلاثين مسؤولا في كل مجموعة. منهجية اشتغال «دايل كارنيي» كما شرحتها المكونة كوثر كريكع في هذه الورشة تنقسم إلى شقين، الأول يقتصر على الاستماع لجميع المسؤولين عن أجواء الاشتغال داخل الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة هل هم راضون عنه أم لا، ماذا يلمسون كنقط مضيئة في أسلوب التدبير، كيف عاشوا التغييرات سواء التي عرفتها الشركة الوطنية تكنولوجيا وإنسانيا ومهنيا أو الفضاء السمعي البصري عموما، وفي هذا المحور الأول عبرت كوثر أن جميع المدراء واعون بأنهم الفاعل الأساسي في عملية التغيير. الشق الثاني ويبدو أنه الأهم، إذ تنكب المجموعات الخمس على بلورة ميثاق للقيم يكون كفيلا بالمضي بالمؤسسة إلى الأمام. «دايل كارنيي» لم تفرض أي قيمة من القيم، يقتصر دورها على الاستماع وجمع زبد النقاش لتقديمه في ورقة رسمية ستتحول إلى خارطة طريق للقيم يوم سادس أكتوبر القادم بحضور الرئيس المدير العام للشركة الوطنية فيصل العرايشي، نقطة أساسية يجب التأكيد عليها في هذا الإطار، أن ميثاق القيم لن يكون حبرا على ورق يعلق على الجدران يتضمن شعارات رنانة، ففي ورشة العمل كان الجمع بين النظر والعمل، إذ اقترح المستفيدون وسائل لترجمة هذه القيم على أرض الواقع ليراها الجميع في الداخل والخارج حية تسعى...