بصيحات صاخبة، وعلى أنغام الأهازيج الشعبية، استقبل المئات من رواد معرض "الفَرَس" المقام بمدينة الجديدة (شمال غرب)، فرسانا من قبائل "زيان" الأمازيغية، قدموا من مدينة الخنيفرة (شمال وسط)، ممتطين صهوات أحصنتهم، حيث قطعوا مسافة تزيد عن 390 كلم على مدى 7 أيام، لاستعادة ذكريات سفر القوافل على امتداد الجغرافيا المغربية منذ مئات السنين. وحرصت هذه الفرقة الشعبية من الخيالة، المكونة من 20 فارس وفارسة، على القدوم للمشاركة في فعاليات معرض الفرس، على متن صهوات الخيول البربرية الأصلية، مصحوبة بفرقة موسيقية شعبية، وجالت في رحلتها قرى الشمال الغربي للببلاد. واستقبل أهالي تلك المناطق بحسب رواية هؤلاء الفرسان، بالترحاب وكرم الضيافة، وتوفير ما يحتاجونه خلال إقامتهم بهذه القرى للاستراحة، استعدادا لقطع باقي المسافة التي تنتظهرهم خلال رحلتهم إلى المعرض . الطريق من ضواحي مدينة الخنيفرة، موطن قبائل زيان ومستقرها منذ مئات السنين، إلى مدينة الجديدة، يمكن قطعها في أقل من أربع ساعات على متن وسائل النقل الحديثة، فيما اختار هؤلاء الفرسان قطعها راكبين أحصنتهم، عابرين السهول والجبال والوديان، كحال أجدادهم الذين كانوا يرتحلون بالأحصنة في الطرق الوعرة. وعلى إيقاعات أغاني وألحان من تراث قبائل زيان الأمازيغية المُستوطنة للجبال الأطلس المتوسط (شمال البلاد)، رقصت أحصنتهم المروضة خلال العرض الذي قدموه، في مشهد يعيد إلى الذاكرة الاحتفالات الشعبية التي تُقام في مواسم الحصاد والأعراس، والتي يعد الفرس عنصرا أساسيا لها. وقُدم خلال الاستعراض، تجسيدا لزفاف أمازيغي حسب طقوس وعادات قبائل "زيان" المغربية، حيث حملت عروس ترتدي اللباس التقليدي على ظهر الحصان مُزين بسرج فخم بألوان زاهية، في استعادة للعادات التي دأبت هذه القبائل على إحيائها خلال هذه المناسبات، حيث تنتقل العروس إلى بيتها الجديد محمولة على الحصان ومتبوعة بالزغاريد والتبريكات. ويقول القائمون على معرض الفرس بمدينة الجديدة المغربية، إن هذا الحدث الثقافي الرياضي، يهدف لإحياء تراث الفروسية الشعبية والحفاظ عليها، وإبراز أصالة الحصان البربري العربي، والدور المحور الذي كان يلعبه في مختلف الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية الحربية. ويستقبل المعرض خلال دورته السابعة الجارية فعالياتها منذ الثلاثاء الماضي، وإلى غاية الأحد القادم، عددًا من مربي خيول القادمين من دول أفريقية وذلك بهدف تبادل الخبرات بين هذه البلدان والمغرب في مجال تربية الخيول وتطوير سلالاتها. ويشارك في هذه الدورة 450 فارسا وخيول من 810 أصناف تمثل 30 دولة عربية وأفريقية، ويعد معرض حدثا رياضيا وثقافيا مميزا في المغرب، انطلقت دورته الأولى سنة 2008 برعاية العاهل المغربي الملك محمد السادس، وينظم سنويا، بهدف تطوير قطاع تربية الخيل والفروسية.