الدكتور محسن بنيشو طبيب اختصاصي في الأمراض النفسية والعصبية تلجأ الكثير من النساء إلى المشعوذين والسحرة من أجل إيجاد حلول وعلاجات لمشاكل وأمراض يعانين منها مثل العقم، فيصرن عرضة للاستغلال والتلاعب بمشاعرهن من أجل الحصول على المال مقابل بيع الوهم لهن. في الحوار التالي يحاول طبيب الأمراض النفسية والعصبية الدكتور محسن بنيشو شرح الأسباب النفسية التي تدفع النساء العاقرات للاستعانة بخدمات المشعوذين. لماذا تقوم بعض النساء باللجوء إلى المشعوذين والأضرحة من أجل علاج العقم؟ مشكلة العقم متشعبة ولها أسباب عضوية ونفسية وجنسية، وأولا ينبغي أن نعرف أنه لا يمكن أن نتكلم عن العقم إلا بعد سنتين من الزواج. ثانيا، يتمثل العقم في المشاكل الجنسية المتعددة مثل وجود اضطراب في الانتصاب أو القذف السريع أو انعدام الرغبة أو عدم الاستهلاك الجنسي أو استهلاك غير طبيعي، وبذلك يستحسن زيارة طبيب مختص في الاضطرابات الجنسية لأن الإحصائيات أثبتت أن خمسين في المائة من حالات العقم ناتجة عن اضطرابات جنسية، وللأسف الشديد نجد أن هناك انعداما للتنسيق بين الأطباء العضويين والأطباء المختصين في الاضطرابات الجنسية. ثالثا، المشاكل النفسية تلعب دورا مهما في مشاكل العقم عند أغلب الناس، وحتى الأطباء العضويون لا يعطون -بدورهم- الأسباب النفسية القيمة الفعالة، فعندما تحب أن تنجب قهرا لن تنجب وكل أسباب الضغط تلعب دورا سلبيا، ويستحسن كذلك أن يلعب الطبيب النفسي أو الأخصائي النفسي دورا مشاركا في علاج مشاكل العقم. في مفهوم الناس، يكون الاتجاه إلى المشعوذين والأضرحة ردا على مشكلة العقم لحلها بأسرع وقت، وأغلب الناس يحملون هذه الاعتقادات القائلة بأن الأضرحة والسحرة يمكن أن يلعبوا دورا فعالا، كما أنهم يؤمنون بوجود الثقاف وفعاليته في خلق مشاكل زوجية أو اضطرابات جنسية أو حتى عدة أمراض يمكن حلها عن طريق المشعوذين، خاصة عندما تغلق جميع أبواب الأطباء في وجوههم، لإيمانهم أن كل المشاكل التي تصيبهم مصدرها الناس عن طريق العين والسحر، وبذلك كان المشعوذون من قديم الزمان يحتلون مكانة خاصة لدى الناس للإجابة عن أسئلتهم المحيرة التي لا يجدون لها أجوبة منطقية وعلمية. ما هو تأثير هذه الأمور على نفسية المرأة العاقر عندما تفشل كل محاولاتها في الإنجاب؟ عندما يكون مصير كل محاولاتها في الإنجاب هو الفشل، تصاب المرأة باضطرابات نفسية عديدة أبرزها الاكتئاب مع انعدام الثقة، وتأنيب الضمير والشعور بالذنب، وخصوصا أن قيمة المرأة في جل الأوساط سواء تعلق الأمر بالبادية أو المدينة تختزل في الإنجاب، وإن كانت غير قادرة على الإنجاب، فهي تشعر بأنها لم يعد لها مكان في بيت الزوجية، وتخشى بالتالي من الطلاق، ومن نظرة الناس، وحتى من أسرتها. تعاني المرأة وتتأزم مع كل دورة شهرية لأنها تتأكد من كونها ليست حاملا. غير أن العقم لا يخص المرأة بمفردها، وقد يكون الرجل السبب في عدم الإنجاب لأنه يعاني من مشكلة ما، وعلى أي حال الحياة بدون أبناء ليست هلاكا لأن أسباب الهلاك اليوم هم الأبناء. إلى أي حد تساهم الضغوط العائلية في الدفع بالمرأة العاقر إلى البحث عن الحل خارج الطب؟ الضغوط العائلية قوية ولها تأثير مباشر، بحيث أن جميع أفراد العائلة يحاصرون المرأة بالأسئلة عن أسباب تأخر الإنجاب، وينظرون إليها بشفقة، وهاته التساؤلات تؤزم نفسية المرأة وتتسبب لها في مجموعة من العقد النفسية إلى جانب التوتر القوي، والمعروف أن التوتر يقلل من فرص الإنجاب، فكل أنواع القلق والضغوط النفسية يمكن أن تؤدي إلى مشاكل العقم، ولهذا يجب على الأسرة أن تلعب دورا إيجابيا من خلال تقديم الدعم النفسي للمرأة، وعدم تحميلها مسؤولية عدم الإنجاب، وخصوصا أنه في أغلب الأسر المغربية يكون الرجل هو السبب وليس المرأة، ولكن العقلية الذكورية السائدة داخل المجتمع المغربي تجعل من المرأة السبب الوحيد في العقم. حاورته مجيدة أبوالخيرات