لاشك أن الميزة الأكثر بروزا في الدستور الجديد هي كونه جاء في شكل ميثاق للحقوق و الحريات يؤسس لمواطنة كاملة اختفى معها مصطلح الرعايا في وثيقة دستورية لم تورد وصفا للمغاربة غير المواطينين. مشروع الدستور الجديد، الذي سيعرض على المواطنين للاستفتاء عليه يوم الجمعة المقبل، كرس سدس فصوله ( 30 فصلا من أصل 180) لتعداد حقوق و حرايات توزعت بين إلغاء جميع أنواع التمييز، تنصيص صريح على حياد الدولة بين الفرقاء السياسين في انتخابات توجب الوثيقة الدستورية المقبلة أن تكون حرة و نزيهة، تكريس للمساواة بين الرجل و المرأة، حرية المقاولة و المنافسة، مع فتح سبل التعبير عن الرأي أمام المواطنين من خلال الحق في التقدم باقتراحات تشريعية وفي الحصول على المعلومة من الإدارات العمومية. حقوق و حرايات تظل قائمة حتى في حالة الحرب على حد تعبير الفصل 59 من الدستور الجديد الذي يخول للملك إعلان حالة الاستثناء بظهير « إذا كانت حوزة التراب الوطني مهددة، أو وقع من الأحداث ما يعرقل السير العادي للمؤسسات الدستورية». وإذا كان الفصل 59 الذي « يخول الملك صلاحية اتخاذ الإجراءات، التي يفرضها الدفاع عن الوحدة الترابية، ويقتضيها الرجوع، في أقرب الآجال، إلى السير العادي للمؤسسات الدستورية قد ربط الإعلان عن حالة الاستثناء ب« استشارة كل من رئيس الحكومة ورئيس مجلس النواب، ورئيس مجلس المستشارين، ورئيس المحكمة الدستورية وتوجيه خطاب إلى الأمة»، فإنه اشترط مقابل ذلك أن «تبقى الحريات والحقوق الأساسية المنصوص عليها في هذا الدستور مضمونة». أكثر من ذلك فقد فرض الدستور أن « لايحل البرلمان أثناء ممارسة السلطات الاستثنائية» التي يحب أن ترفع « بمجرد انتفاء الأسباب التي دعت إليها، وباتخاذ الإجراءات الشكلية المقررة لإعلانها». الفقرة ماقبل الأخيرة من الفصل 59 من مشروع الدستور الجديد، التي نصت على بقاء الحريات والحقوق الأساسية المنصوص مضمونة إبان حالة الاستثناء، لم تضع الدستور المغربي في ريادة دساتير الدول العربية، التي عاشت في ظل قوانين للطوارئ ألغت الحقوق و الحريات لعشرات السنين كما هو الحال بالنسبة للجزائر ومصر و سوريا، فقط بل حقق تقدما حتى في مواجهة عدد من الدساتير الأوروبية. الدستور الفرنسي على سبيل المثال لا يقيد سلطة رئيس الجمهورية عند إقدامه على إعلان حالة الظروف الإستثنائي إلا بشرطين لا ثالث لهما، موضوعي : وجود تهديد أو خطر يمس بسلامة الدولة و يمنع السير المنتظم للسلطات الدستورية، وآخرشكلي يتثمل في استشارت كل من رؤساء الجمعية الوطنية، الحكومة و مجلس الشيوخ إضافة إلى إعلان الأمة، وطبعا دون أذني إشارة من الفصل 16 من الدستور الفرنسي المؤطر لحالة الاستثناء إلى وضعية الحقوق و الحريات خلالها ياسين قُطيب