لم يكن للحادث الإرهابي الذي استهدف اغتيال وزير الداخلية التونسي لطفي بنجدو وإعلان الرئيس منصف المرزوقي أيام حداد وطني تأثير على برنامج الزيارة الملكية. وفيما ينتظر أن تستأثر تطورات الساحة العربية والإقليمية بالمباحثات السياسية بين جلالة الملك والدكتور منصف المروزقي، استبق رجال الأعمال المغاربة والتونسيون موعد الزيارة برسم خارطة طريق للارتقاء بالعلاقات الاقتصادية بين البلدين. الزيارة الملكية لتونس والتي تأتي عقب زيارة مماثلة قام بها الرئيس التونسي للمغرب، ستعرف إلقاء جلالة الملك لخطاب أمام المجلس التأسيسي الذي يعتبر مصدر القرار السياسي المحدد لمحطات الانتقال الديمقراطي في هذا البلد، الذي انتهى بوضع دستور أثار إعجاب العواصم العالمية، في انتظار استكمال حلقات العملية السياسية بإجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية. وتعبر الزيارة الملكية لتونس في هذه الفترة الدقيقة من تاريخها عن دعم مغربي لمسار الانتقال الديمقراطي في تونس التي تتقاسم مع المغرب سمات تجربة سياسية متفردة جعلت البلدان ينجحان في الخروج من تقلبات الربيع العربي بمشروع سياسي يوازن بين متطلبات الاستقرار الأمني وحاجيات الدمقرطة في ظل تنامي التهديدات الإرهابية. وينتظر أن تشكل الحالة الليبية والحالة الأمنية في منطقة الساحل والصحراء محور المباحثات السياسية بين جلالة الملك والرئيس التونسي، خصوصا وأن الوضع الأمني في ليبيا أصبح مثار تهديد إقليمي يثير مخاوف دول الجوار. كما أن اهتمام قائدي البلدين ببناء اتحاد مغاربي جديد سيجعل بحث إمكانية عقد قمة مغاربية في صلب هذه المباحثات. لكن وفيما تتميز العلاقات المغربية التونسية بالمتانة السياسية والتقارب في التحليلات للإشكالات العربية والدولية المطروحة، ماتزال العلاقات الاقتصادية بين البلدين في مستوى أقل من الإشعاع الذي يتميز به تقاربهما السياسي. وهو ما يؤكد عليه الفاعلون الاقتصاديون المغاربة والتونسيون الذين وبعدما أشادوا بمتانة العلاقات السياسية المتميزة بين الرباطوتونس، أكدوا في ختام أشغال المنتدى الاقتصادي المغربي التونسي الذي انعقد بتونس العاصمة تحت شعار «التكامل من أجل النمو والتشغيل»، أن المبادلات الاقتصادية الثنائية، لا ترقى إلى مستوى العلاقات السياسية التي تجمع بين البلدين. ومن أجل الرفع من حجم المبادلات التجارية الثنائية، أوصى رجال الأعمال المغاربة ونظراؤهم التونسيون، خلال الورشات المنظمة بالمناسبة، بسلسلة من التدابير بهدف الرفع من وتيرة المبادلات البينية، وتقوية الاستثمارات في كلا البلدين حيث دعا الفاعلون الاقتصاديون في البلدين إلى تكثيف الزيارات الميدانية المتبادلة بهدف استكشاف فرص الأعمال الواعدة في المغرب وتونس، وتعزيز التواصل البيني (بي تو بي) وتقليص الكلفة المالية للعمليات التجارية ذات الصلة بين المغرب وتونس. كما شددوا على ضرورة إنشاء لجنة لتنمية المبادلات والمنتوجات والخدمات ذات القيمة المضافة المرتفعة وإطلاق دليل مشترك لإجراءات التصدير والاستيراد.وفي مجال الاستثمارات، دعا الفاعلون الاقتصاديون إلى إنشاء بنك للمعلومات حول فرص الاستثمار في المغرب كما في تونس، وأوصوا بإجراء دراسة تهم الإجراءات التكاملية في ميدان الاستثمار برعاية مجلس الأعمال المغربي التونسي، وإشراك الهيئات المختصة في البلدين للنهوض بهذا المجال الحيوي. وبهدف تسهيل الولوج إلى المعلومة الموجهة إلى رجال الأعمال ، دعا المشاركون في المنتدى لإطلاق موقع إلكتروني مشترك بين الاتحاد العام لمقاولات المغرب والاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعة التقليدية .كما أوصوا بأهمية إنشاء صندوق مشترك لتمويل تنمية قطاعي التجارة والاستثمار في البلدين. وفي هذا الأفق، ينتظر أن يشرف جلالة الملك والرئيس المنصف المرزوقي على توقيع العديد من اتفاقيات الشراكة بين القطاعين العام والخاص في البلدين.