قصة هذا المتقاعد الستنيني من سلك التعليم، الذي تحول بعصاميته وذكائه إلى رجل أعمال، وكون بعد سنين من الكفاح ثروة مهمة، سوف تنتهي على مدار السنتين الأخيرتين بفصل درامي، حيث أصيب بشكل مفاجئ بشلل نصفي. هذه المأساة التي طوقت المريض بالعجز البدني وجعلته تحت رحمة زوجته الثانية، التي كانت قبل أن يقترن بها تشتغل خادمة بيوت لديه، كما آلمت أبناءه القاصرين وأشقاءه ووالديه جراء الحرمان من رؤيته وعيادته ب«فيلته» بالرباط، وحالت دون سيعهم إلى البحث له أن أفضل سبل العلاج. هؤلاء الأهل المتضررين من تحكم زوجة الأب في مصير الوالد المريض، سيدخلون مكرهين في دوامة من النزاعات أمام القضاء لطلب إنقاذه مما يعتبرونه مخططا مدبرا لوضعه في دائرة الموت البطئ لغاية الاستحواذ على أمواله وعقاراته ومشاريعه التجارية. مرض وحجر يحرمان الأبناء من كل شيء حاول الأبناء القاصرون أن يكونوا إلى جنب والدهم وهو على فراش المرض، لكن زوجته الثانية أوصدت باب «فيلته» في وجههم، ومنعتهم من رؤيته والتصرف في أمواله مثلهم مثل غيرهم من ذوي الحقوق. وبعد أن أعيتهم كل المساعي لحل هذا النزاع بشكل عائلي، اضطروا إلى طرق أبواب القضاء للدخول في معركة ضارية سلاحها بالنسبة لهم طلب العدل علاقة البنوة الشرعية، أما بالنسبة لخصمهم فهي ما يسمونه «حق أريد به باطل» واستقواء باسم القانون. ففي بعض شكاياتهم إلى وكيل الملك يشرحون من تلقاء آلامهم وإحساسهم بالغبن ما تعرضوا له من حيف من طرف زوجة أبيهم قائلين بالحرف «إننا الآن مطرودون من بيتنا، الذي تربينا ونشأنا فيه، وتم حرماننا ظلما من البقاء الى جانب والدنا الطريح الفراش، والمصاب، في ظروف غامضة وملتبسة، بشلل نصفي..، لقد طردتنا زوجة أبينا التي كانت تشتغل عندنا كخادمة لمدة خمس سنوات، إنها الآن تقيم مع أفراد عائلتها ببيتنا..، إننا نريد العودة الى بيتنا فورا، والمكوث كما كنا إلى جانب أبينا الذي نحبه كثيرا ويحبنا بدرجة أكبر. وهو الذي لم يبخل عنا يوما في منحنا جرعة زائدة من حبه الكبير العفوي والتلقائي..». دخل في خضم هذه المعركة أيضا والدا المريض، وإخوانه وأخواته، الذين تقدموا بدورهم إلى النيابة العامة، بطلب رفع «الحجز» عن زيارة أخيهم، وإخضاعه لعلاج منتظم. وأمام خطورة الوضع الصحي لرجل الأعمال المريض، الذي يزداد سوءا وتدهورا يوما بعد يوم. ومخافة من تعرضه لمضاعفات جراء ما يتعرض له حسب أقوال أهله من إهمال قد يودي بحياته، رفع أفراد العائلة نداء إلى الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالرباط، يناشدونه بالتدخل الفوري والعاجل من أجل تنفيذ القرار القضائي بإيداعه ب«مؤسسة نور» للترويض الطبي. ويذكر أن عائلة «المريض المحجور عليه» كانت قد تقدمت في أكتوبر 2010 بطلب إلى رئيس المحكمة الابتدائية بالرباط قسم قضاء الأسرة، قصد إيداعه بشكل اسعجالي بالمؤسسة الصحية المذكورة؛ وذلك بناء على تقرير الخبرة الطبية المنجزة من طرف دكتورة اختصاصية في الأمراض العقلية والنفسية، التي خلصت فيه إلى «أن حالة المريض تتطلب مساعدة طبية بما فيها مراقبة القلب والشرايين من طرف طبيب مختص، وكذا ترويض طبي لحركات العضلات، وترويضه في النطق والكلام، حيث تتطلب وضعيته، إلى جانب ذلك، عناية خاصة من كافة أقربائه». والغريب في أمر هذه القضية أن المحكمة استندت في أمر إيداع المحجور عليه بالمصحة إلى تقرير طبيبة مختصة، بينما كانت المحكمة ذاتها قد استندت في الحجر والتقديم على هذا المريض المصاب بشلل نصفي إلى تقرير خبرة طبية فريدة، ل «طبيب أمراض النساء والتوليد» يقول فيه: «إن المرض الذي يعاني رجل الأعمال أثر بشكل كلي على ملكة تمييزه وعلى تصرفاته وسلوكاته، وأن هذا التأثير سيكون بصفة دائمة ومستمرة إلى أن توافيه المنية». بداية قصة مرض رجل أعمال في منتصف إحدى ليالي يونيو 2009 استفاق الأبناء جميعهم دوي صراخ وغضب حاد لأبيهم قادم من غرفة نومه، ليسود بعد ذلك صمت في كل أرجاء «الفيلة»، حيث اعتقد من سمع هذا الضجيج الخاطف أن يكون الأمر مجرد شجار عابر بين الوالد زوجته.الفصل الآخر من المفاجأة سيكون في صباح اليوم الموالي حين وجدوا والدهم عند تفقدهم له كالعادة، وقد أصيب بشلل نصفي، وأصبح عاجزا عن الكلام والحركة والمشي. لتبدأ فصول أخرى من نقل المريض إلى إحدى الصحات الخاصة وعرضه على خبرات طبية من طرف زوجته الثانية لإثبات عجزه وبالتالي استصدار أحكام قضائية للحجر عليه والتصرف بمفردها في أمواله. لم يكن هذا المتقاعد من سلك التعليم ورجل الأعمال الناجح، الذي ولد سنة 1951 بمراكش، يعتقد لحظة ما أن الفتاة التي جاء بها كخادمة في بيته وتسهر على راحة ابنائه القاصرين، أن يجد نفسه لظروف خاصة في سنة 2007 مجبرا على عقد قرانه بشابة من مواليد 1981. وبعد حوالي سنتين ستصبح في الشهور الأخيرة من 2009 بموجب حكم قضائي في ملف شرعي متقدمة عليه وتتولى تبعا لذلك إدارة شؤون أعماله والإشراف عليها كاملة. فحسب رواية أهله المتضررين من حكم الحجر، أن الجميع سواء الأبناء والوالدين والأشقاء وحتى بعض رجال القانون، لم يصدقوا ما حدث حين استندت المحكمة في بناء حكمها إلى تقرير خبرة لطبيب أخصائي في أمراض النساء والتوليد وأمراض الثدي والعقم، علما بأن المحكمة حددت من جانبها وجهة الخبرة، في إجراء فحص دقيق على الضحية، والتأكد إن كان المريض يعاني من خلل عقلي، أو اضطرابات نفسية، وتحديد مدى انعكاس ذلك على ملكة تمييزه وعلى تصرفاته وسلوكاته الشخصية، والحال هنا الشبيه بمشهد فكاهي في نظر المتضررين، أن هذا المريض المصاب بشلل نصفي، لا يعاني من أي أمراض ذات صلة مشبوهة بأمراض النساء مثل (سرطان الرحم، الثدي، العقم، الإجهاض، اضطربات الدورة الشهرية...). أحكام قضائية تنفذ وأخرى تبقى معلقة أبناء رجل الأعمال المحجور عليه من طرف زوجته الثانية، استصدروا هم أيضا أمرا قضائيا من القاضي المكلف بشؤون القاصرين بالمحكمة الابتدائية بالرباط، قسم قضاء الأسرة لملف النيابة الشرعية، شعبة القاصرين بإيداع هذا الأب المريض بمؤسسة «نور» للترويض الطبي بالدار البيضاء لمدة 15 يوما بداية من 18 أبريل الماضي قابلة للتمديد، وذلك بناء على التقارير الطبية التي سينجزها الأطباء المختصون المعروض عليهم حالته، إلا أن الزوجة المتنازع معها، امتنعت لحد الآن عن تنفيذ هذا الأمر القضائي، مما يعتبره الأبناء وأقاربهم أنه «يشكل خطورة على الوضع الصحي لوالدهم، الذي تتدهور حالته يوما بعد يوم، قد يصل به الأمر إلى الموت تحت طائلة »الإهمال المتعمد..». أفراد عائلة المريض المحجور عليه وأبناؤه، مازلوا لحد الآن يخوضون معركة التقاضي والاحتجاج من حين لآخر أمام باب المحكمة الابتدائية بالرباط قسم قضاء الأسرة، من أجل «الإفراج» والدهم «المحتجز» في نظرهم من قبل الزوجة، والمحروم من العلاج والاستشفاء العاجلين، الذين تم إقرارهما بقوة القانون، حيث لم يعد أمامهم إلا مناشدة الجهات المعنية من أجل التدخل الفعلي لكشف ملابسات ما يصفونه ب«التلاعب بالقرارات والأحكام القضائية الواردة في هذا الشأن..»، التي تحرم المريض «عمدا» من استعادة عافيته. كما يطالبون بمساءلة ومتابعة قضائية للمستفيدين من الحجر. ومعربين أيضا عن شكوكهم أن ما وصل إليه هذا الأب من إصابة نفاجئة بشلل نصفي، هو «عمل مدبر بفعل فاعل خصوصا أنه لم يكن يعاني من أية أمراض تؤدي به إلى هذه الحالة الصحية السيئة. وما يؤكد شكوكهم إصرار زوجته الثانية و«المقدمة عليه» على رفض زيارة كل أفراد أسرته له وعدم تنفيذها للقرار القضائي القاضي بإيداعه مؤسسة النور لمتابعة العلاج؛ لذلك تطالب أسرة الضحية بإنقاذ ابنها من موت محقق، وذلك بإخضاعه لخبرة طبية بعيدا عن الزوجة، التي يتهمونها أنها تمكنت في زمن قياسي وضدا على الطعون التي تقدم بها الأبناء من الحصول وبإذن قضائي على أزيد من 90 مليون سنتيم. كما أن المحكمة قضت لصالحها بنفقة شهرية حددها قاضي المحاجر في 40 ألف درهم، بينما لم يتجاوز مبلغ النفقة لدى الأطفال ال 500 و700 درهم، حيث لاتزال المواجهة مفتوحة بين ورثة رجل أعمال أصبح محجورا عليه بعد إصابته بشلل نصفي.