ارتديا بزتهما العسكرية المزيفة كما اعتادا على ذلك ، شحنا سيارتهما ذات الدفع الرباعي “كات كات” بمادة الحشيش، انطلقا من مدينة فاس باعتبارها المركز الرئيسي والمحوري لأفراد هذه العصابة لتجميع البضاعة هناك ، قبل العمل على توزيعها في جميع الاتجاهات، سارت السيارة تطوي المسافات في اتجاه ضواحي مدينة وجدة ، تتجاوز الحواجز القضائية الأمنية بأمان، دون أن تسترعي وتثير انتباه رجال الدرك الذين كانوا يبادرون إلى تحية ركابها، خصوصا أن السائق يرتدي لباسا عسكريا برتبة كولونيل إلى أن وصلت إلى المكان المحدد أين كانت تنتظر البضاعة عربة لعصابة أخرى لتفريغ حمولتها من المخدرات. وحدها الصدفة التي كانت وراء إجهاض هذه العملية وكشف المستور، الذي أدى إلى تفكيك عصابة إجرامية خطيرة تتاجر في ترويج المخدرات على الصعيد الوطني بشكل منظم ومهيكل، إذ استطاع أفرادها تنفيذ العديد من العمليات في مختلف المدن المغربية دون لفت الانتباه، وبالتالي السقوط في شباك الأجهزة الأمنية، إلى أن حان وقت تفكيكها صبيحة يوم الخميس 18 أبريل الجاري، حينما وصل العسكريان إلى ضواحي مدينة وجدة لتفريغ حمولتهما من المخدرات في سيارة أخرى كانت في انتظارهما بالطريق المداري المحاذي للمدخل الغربي لمدينة وجدة، تزامن ذلك مع مرور دورية تابعة للقيادة الجهوية للدرك الملكي، إذ لاحظ عناصرها سيارتين رباعيتي الدفع متوقفتين في وضع غير طبيعي بجانب الطريق ، في الوقت الذي كان ركاب السيارتين منهمكين في تنقيل وتحويل أكياس بلاستيكية من عربة إلى أخرى. وضع أدخل الشك والريبة في نفسية أفراد الدورية، الذين بادروا إلى التوقف من أجل اكتشاف الأمر، وبمجرد اقترابهم من المكان، حتى سارع أصحاب السيارتين نحو الفرار، مما حدا بالدورية بملاحقتهما ومطاردتهما حيث تمكنت من توقيف إحداهما غير بعيد عن المكان المذكور ، وبعد عملية التفتيش للسيارة الموقوفة، تم العثور بداخلها على ما تبقى فيها من مخدرات قدرتها مصادرنا بحوالي 100 كيلوغرام. حاول في بداية الأمر سائق السيارة الموقوفة الذي كان يرتدي بزة عسكرية تحيل على أنه يتبوأ رتبة “كولونيل” في الجيش الملكي بمعية مساعده الذي كان يرتدي بدوره لباسا رسميا عسكريا أقل رتبة من مرافقه، حاول إغراء رجال الدرك بمبلغ مالي مهم من أجل إخلاء سبيلهما، إلا أن كل هذه المحاولات باءت بالفشل أمام إصرار عناصر الدرك الملكي بتوقيفهما وتقديمهما للعدالة لتقول كلمتها بخصوص التهم المنسوبة إليهم، حيث تم إخبار القيادة الجهوية بالحادث، مما عجل بحضور بعض من عناصرها إلى عين المكان، وعلى رأسهم الكولونيل ماجور” نور الدين بنعاشر”القائد الجهوي. وأثناء التحريات والأبحاث الأولية التي باشرها المحققون، اتضح لهم أنهم أمام شبكة إجرامية خطيرة للاتجار في المخدرات تتكون من عدة أفراد ينحدرون من منطقة تاونات وينشطون في مختلف المدن المغربية كطنجة،فاس، الرشيديةووجدة وغيرها من المناطق الأخرى، إذ كان أفراد العصابة يستعينون بالزي العسكري برتب سامية وسيارات فاخرة في تنقلاتهم لتنفيذ عملياتهم الإجرامية بكل طمأنينة وأمان لتمويه و عدم إثارة الشكوك بمختلف نقاط المراقبة الخاصة بالدرك الملكي والأمن الوطني . عملية تعميق البحث مع الموقوفين من طرف المحققين، أفضت إلى اعتقال عسكري حقيقي يقيم بإحدى مدن الجنوب، تقاعد من خدمته في الجيش الملكي في وقت سابق برتبة رقيب أول، إذ كان يعتبر الممول الرئيسي لعناصر هذه المجموعة باللباس العسكري التي كانت تتستر وراءه لتنفيذ مخططاتها الإجرامية، وأثناء عملية تفتيشية لمنزله تم العثور على مبلغ مالي قدر بحوالي 85 ألف درهم تم حجزه ومصادرته، وفي السياق ذاته، كشفت مصادر لجريدة «الأحداث المغربية» من داخل القيادة الجهوية للدرك الملكي بوجدة، أن العمليات التي قامت بها عناصر هذه المجموعة فاقت 20 عملية وهمت مجموعة من المدن المغربية، كما جاء في اعتراف الشخصين الموقوفين. ولم تقف التحقيقات التي مازالت مستمرة عند هذا الحد، بل تم الاهتداء والوصول أيضا إلى الرأس المدبر لهذه العصابة والعمل على توقيفه، ويتعلق الأمر بشقيق الكولونيل المزيف ، إذ يقيم بضواحي مدينة تاونات و يعتبر المزود الرئيسي لعناصر المجموعة بمادة المخدرات، إذ كان يتكلف بإيصال البضاعة من هناك نحو مدينة فاس على أن يتولى باقي أفراد العصابة توزيعها وترويجها في بعض المدن المغربية بتنسيق مع عصابات أخرى تشتغل في هذا المجال ، ومن خلال عملية تفتيش دقيقة لبيت زعيم العصابة، تم العثور على مبالغ مالية مهمة جدا فاقت 700 مليون سنتيم كانت مخبأة بإحكام داخل صندوق حديدي كان مركونا في إحدى غرف المنزل، كما تمكنت عناصر الدرك الملكي من مصادرة وحجز حوالي 30 خرطوشة خاصة ببندقية صيد، إضافة إلى كمية صغيرة من الشيرا قدرت بحوالي 50 غراما عبارة عن “شانتيو”. ومن جهة أخرى، كثفت مصالح الدرك الملكي بوجدة، أن كل المجهودات منكبة ومنصبة لحد الآن من أجل العثور على السيارة الأولى التي تمكن ركابها من الفرار إلى وجهة غير معلومة، وعلى متنها أكثر من 200 كيلوغرام من مخدر الحشيش حسب اعترافات الموقوفين،إذ من شأن هذه العملية أن تطيح برؤوس أخرى لها علاقة وصلة مباشرة بهذه العملية.. وجدة : ادريس العولة