هل كانت هناك لجنة ضيقة تجتمع على هامش اللجنة الاستشارية لمراجعة الدستور٬ قصد الحسم في قضايا حساسة ترتبط باختصاصات الملك وقضايا الدين والهوية وتوزيع السلط؟ وهل كانت تضم شخصيات من المحيط الملكي هي رشدي الشرايبي وسعد حصار وياسين المنصوري مدير الدراسات والمستندات؟ . وهل كان عبد اللطيف المانوني يوجه بطريقته أعضاء اللجنة الاستشارية التي كان يرأسها٬ في الاتجاه الذي كان يتم الاتفاق عليه في اللجنة الموازية والذي كان يحضر اجتماعاتها؟”. الإجابة بنعم على هذه الأسئلة لاتخلو من خطورة، فهي تعني أن تحايلا وقع في وضع الدستور ذهب ضحيته أعضاء اللجنة الاستشارية والمغاربة الذي صوتوا لصالح مشروع الدستور، وهو ما تريد أن توحي به الأخبار التي نشرت مؤخرا باعتبارها أسرارا «مؤكدة» لكن ثلاث شخصيات وازنة من الواردة أسماؤهم في الخبر الذي نشرته يومية «أخبار اليوم» بالإضافة إلى محمد معتصم الرئيس السابق للآلية السياسية للمتابعة وتبادل الرأي بشأن مراجعة الدستور٬ انتفضوا دفاعا عن استقلالية اللجنة العلمية لمراجعة الدستور ونزاهة العملية الاستشارية الي انتهت إلى وضع دستور فاتح يوليوز 2011. عبد اللطيف المنوني المستشار الملكي الحالي، والرئيس السابق لللجنة الاستشارية المكلفة بمراجعة دستور 1996، وياسين المنصوري مدير مديرية الدراسات والمستندات، ومحمد معتصم ومحمد رشدي الشرايبي لم يتقبلوا خطورة الأخبار المتداولة ما حدا بهم إلى النفي القاطع. عبد اللطيف المانوني، قال في بيان له عممته قصاصة لوكالة المغرب للأنباء أن اللجنة الاستشارية التي عينها الملك لمراجعة دستور المملكة، اشتغلت باستقلالية كاملة وبحرية ودن تدخل من أي كان، وقرارتها اتخذت تبعا للمشاورات الواسعة التي جرت بكل ديمقراطية. المنوني أضاف في نفس البيان “إنني بصفتي رئيسا سابقا لهذه اللجنة٬ أؤكد مرة أخرى بأن هذه الهيأة، التي كان مرجعها الوحيد هو الخطاب الملكي التاريخي لتاسع مارس٬ قد مارست مهمتها بدون أي تدخل كان٬ وفي جو ساده النقاش الحر٬ وأن كل قراراتها قد تم الحسم فيه داخلها بعد نقاشات مستفيضة وديمقراطية”. المستشار الملكي اعتبر أن التشكيك في استقلالية اللجنة الاستشارية أضر “بالعمل التاريخي٬ الذي قامت به ومست بكرامة وسمعة أعضائها٬ بعدما ما بذلوه من جهود وطنية صادقة”. ولم تكد تمض غيرساعات قليلة على البلاغ الذي عممه المستشار الملكي، حتى لحقه بيان ثاني هذه المرة من محامي ياسين المنصوري المدير العام للإدارة العامة للدراسات والمستندات. بيان ياسين المنصوري، الذي استغرب مبرر إقحام اسمه في المقال في موضوع لا علاقة له به، اعتبر أن خطورة الاتهام لم تكن موجهة فقط للجنة العلمية التي أشرفت على تهيئ مشروع الدستور، وإنما إلى الشعب المغربي بكامله الذي صوت عليه بما يقرب من الاجماع باعتباره تحولا تاريخيا في بناء الدولة المغربية الحديثة في ظرفية اقليمية وعربية مضطربة. ياسين المنصوري الذي نفى أي علاقة له بالتدخل في سير أشغال اللجنة الاستشارية الملكفة بمراجعة الدستور باعتبار أن ذلك لا يدخل لا من قريب ولا من بعيد في الاختصاصات الموكولة له ولا المهام المنوطة به، قال إنه يطالب «أخبار اليوم» بإثبات صحة تدخله في وضع الدستور بغض النظر عن الصيغة التي كتب بها الخبر والمواضيع التي تم تفضيل الإشارة اليها فيه وكذا الظرف السياسي الذي تم فيه اختيار توقيت النشر ٬« خصوصا وأن الدستور تم اعتماده منذ ما يزيد عن سنة ونصف بانخراط فعلي لكل القوى السياسية والحزبية والمجتمعية » محمد معتصم الرئيس السابق للآلية السياسية للمتابعة وتبادل الرأي بشأن مراجعة الدستور٬قال بدوره ٬ إنه ينفي «نفيا قاطعا هذه الادعاءات التي لا أساس لها من الصحة» مضيفا أن جلالة الملك محمد السادس «كان قد كلف٬ بصفة حصرية٬ اللجنة الاستشارية بإعداد مشروع مراجعة الدستور. كما أحدث جلالته الآلية السياسية للمتابعة وتبادل الرأي بهذا الشأن تركيبة واختصاصات كل من اللجنة الاستشارية والآلية السياسية كانت محددة٬ بكل وضوح وشفافية٬ ولم تكن هنالك أي لجنة “ضيقة أو موازية” لا سرية ولا علنية٬ تشتغل على هامشهما» فبجانب اللجنة الاستشارية لم تكن هنالك إلا الآلية السياسية٬ التي كانت تعقد اجتماعاتها بصفة رسمية٬ بعضوية زعماء كل الأحزاب السياسية الوطنية والمنظمات النقابية التي ساهمت بكل التزام ومسؤولية وروح الوطنية العالية٬ في بلورة مشروع المراجعة الدستورية» ويضيف معتصم أن هذه الآلية السياسية كانت تشتغل بكل شفافية وفي واضحة النهار٬ وكانت تنشر بلاغاتها عقب كل اجتماع٬ بإجماع كافة أعضائها. وشدد رئيس الآلية السياسية على أن مثل هذه «الإدعاءات المغرضة لن تنال من مصداقية المسار الديمقراطي الذي ميز إعداد الدستور الجديد للمملكة٬ بمضامينه المتقدمة٬ والذي هو محط إجماع الشعب المغربي٬ وموضع تنويه دولي واسع» وفي المساء جاء بيان الحقيقة من الشخصية الرابعة التي ورد اسمها في المقال، ويتعلق الأمر بعضو الديوان الملكي محمد رشدي الشرايبي، الذي نفى هو الآخر، نفيا قاطعا ما أوردته «أخبار اليوم المغربية». وأكد الشرايبي، في بيان حقيقة توصلت وكالة المغرب العربي للأنباء بنسخة منه٬ عدم وجود أية لجنة موازية كانت تجتمع على هامش اللجنة الاستشارية لمراجعة الدستور للحسم في “القضايا الحساسة التي ترتبط باختصاصات الملك وقضايا الدين والهوية وتوزيع السلط”٬ مشددا على أنه يحتفظ بما يخوله القانون من حق المتابعة القضائية عند الاقتضاء. الجيلالي بنحليمة.