تلجأ الكثير من الأسر المغربية لتزويج أبنائها ، الذين يعانون من انحرافات نفسية وسلوكية، ظنا منهم بأن الزواج يمكن أن يكون حلا مثاليا لمشاكل أبنائهم، قبل أن يتفاجؤوا بمشاكل عديدة تزيد من تعقيد حياتهم، وتزيد من مشاكل الأسرة. في الحوار التالي يقدم الطبيب والمحلل النفسي عبد الله زيوزيو تحليلا للدوافع التي تجعل الأسر تزوج أبنائها الطائشين وانعكاسات ذلك على حياتهم وحياة أسرهم. ما هي الدوافع التي يمكن أن تدفع الأمهات لتزويج أبنائهن الطائشين للتخلص من أعبائهم؟ عمليا فالإنسان عندما تكون له استقلالية مادية واقتصادية، تتوفر له العديد من العوامل، يكون الدخول في تأسيس أسرة تعبيرا عن نوع من النضج ولمرحلة خاصة في حياة الإنسان، وهذه المسألة تجعل الإنسان أكثر مسؤولية ونضجا، والآن نظرا لعدد من العوامل كالبطالة ومشاكل السكن وطول فترة التعليم، لذلك فسن المراهقة حصل فيه التمديد، لأننا نجد بعض الأشخاص بالرغم من إكمالهم لدراستهم، وتوظيفهم إلا أنهم مازالوا يعيشون المراهقة. لذلك تظن الأسرة أن تزويج الإبن رغم كل مشاكله سيكون حلا مثاليا للحد منها، وللأسف هناك بعض الأسر التي تفعل أكثر من ذلك بتزويج أبنائها المرضى النفسيين ظنا منهم أن الزواج سيعيد إليه رشده، مما يزيد من تعقيد المشكل، فإذا كان الشخص غير منضبط ويعيش حياة نفسية غير عادية، أو مراهقة متأخرة، فإن الأسرة هي التي تتحمل مسؤوليته ومسؤولية أبنائه وزوجته، لهذا عمليا فالزواج لا يمكن أن يكون بحال من الأحوال حلا مثاليا لإصلاح تصرفات انحرافية، أو مرض عقلي، أو مراهقة متأخرة. ما هي انعكاسات ومشاكل تزويج شاب يعاني من تصرفات انحرافية؟ بطبيعة الحال فالانعكاسات لا يمكن إلا أن تكون سلبية، لأن الشخص إذا كان غير مسؤول، ولا يتمتع بالاستقلال المادي، فمن الضروري أن تكون هناك مشاكل وخلافات مع الزوجة التي تفاجأ بوضع لم يكن بحسبانها قبل الزواج، لأن أسرة الزوج لا تصارح العروس بالمشاكل التي يعاني منها ابنها سواء كانت سلوكية أو نفسية، أي انعدام الشفافية في الزواج. وتضطر أسرة الزوج بالتدخل من أجل مساعدته ماديا ومعنويا، والتكفل به وبزوجته وأولاده، لذلك فالزواج في هذه يزيد من تعقيد الموقف بدل أن يشكل حلا له، والأولاد أيضا يعانون من هذا الوضع الذي ينعكس في المستقبل على شخصياتهم ونفسياتهم. كيف يمكن للآباء أن يجدوا الحل الأمثل لمشاكل أبنائهم بعيدا عن تزويجهم؟ ليس هناك وصفة خاصة، لكن إذا كان الشخص يعاني من مرض نفسي فيجب أن تستعين الأسرة بطبيب نفسي من أجل تلقي العلاج المناسب، وإذا كان يعاني من مراهقة متأخرة، أو انحراف سلوكي فيجب على الأسرة أن تستعين بأخصائي نفسي من أجل تشخيص حالته، وتقويم سلوكه، لذلك فكل حالة على حدة يجب أن يكون لها تشخيص خاص انطلاقا من وضعها النفسي والاجتماعي والاقتصادي، وليس بالزواج الذي لا يزيد الأمور إلا تعقيدا، ولا يخلف إلا المشاكل بالنسبة للأسرة ككل. وللأسف العديد من الناس في المجتمع المغربي يعتقدون أن الزواج يمكن أن يحل مشاكل أبنائهم النفسية والانحرافية، ليكتشفوا متأخرين العكس. مجيدة أبوالخيرات طبيب ومحلل نفسي