بمقر رئاسة الحكومة بالرباط كان شكيب بنموسى رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي يقدم أؤل أمس الثلاثاء لعبد الإلاه ابن كيران تقريرا عن تنامي النزاعات الجماعية داخل المقاولة، وخلال نفس اليوم وفي ضيافة الاتحاد العام لمقاولات المغرب، جلست الباطرونا والحكومة والمركزيات النقابية لتبادل الرأي بحثا عن تقريب وجهات النظر في موضوع «الحق في الإضراب : ضرورة سن قانون بشأنه»، وما بين التحذير من تنامي النزعات الجماعية في مقر رئاسة الحكومة، والبحث عن التوافق لاستصدار القانون التنظيمي للإضراب في مقر الباطرونا، تبقى التحفظات بين الفرقاء الاجتماعيين وأرباب المقاولات مصدر مزيد من الإنتظار. بالنسبة للدراسة التي أنجزها المجلس الاقتصادي والاجتماعي حول آليات تسوية النزاعات الجماعية٬دق شكيب بنموسى ناقوس الخطر من تنامي النزاعات داخل المقاولات، سنة 2011٬ ولذلك فهو يدعو إلى تطبيق الاتفاقيات الجماعية داخل المقاولات بشكل يحافظ على السلم الاجتماعي وعلى تنافسية النسيج الاقتصادي.لكن وقبل ذلك، يؤكد على ضرورة الرسراع بوضع القانون التنظيمي للإضراب. وقال في تصريح للصحافة عقب لقائه مع رئيس الحكومة «أكيد أن الرضراب حق يضمنه الدستور، إنما ينبغي كذلك وضع القانون التنظيمي الذي نص عليه الدستور» في الدارالبيضاء، وبالموازاة مع اللقاء بين بنموسى وابن كيران ، لاخلاف بين الباطرونا والنقابات حول هذا المبدأ ، فبلغة الديبلوماسية العامة كان هناك اتفاق حول «أهمية تكثيف الحوار والتواصل بين الفرقاء الاجتماعيين والفرقاء الاقتصاديين٬ بغرض تنزيل هذا القانون التنظيمي الذي نص عليه الدستور» لكن لغة الحذر والتحفظات لم تغب عن أجواء التقارب وإبداء حسن النية. بالنسبة لعبد الإله حفظي عن الاتحاد العام لمقاولات المغرب هناك حاجة «للإستعجال في تنزيل هذا القانون التنظيمي بمشاركة الجميع ٬ في القريب العاجل ٬ وذلك في إطار من الاتفاق بين الفرقاء الاجتماعيين والاقتصاديين». وهو يؤكد أن الاتحاد استقبل ممثلي النقابات الخمس الكبرى٬ وحصل ” تقريبا ولأول مرة توافق مبدئي حول القضايا الكبرى المتعلقة بالإضراب “٬ موضحا أن الأمر يتعلق ب ” صيغة توافقية مبدئية ” يمكن الاشتغال على ضوئها بين مختلف الفرقاء. وقال حفظي بلغة المتفائل «بدأنا نبني تصورا جماعيا بين النقابات والاتحاد حول القضايا الكبرى التي تهم العلاقات بين أرباب العمل والشغيلة٬ خاصة ما تعلق بالتقاعد وحق الإضراب والمرونة ٬ والتعويض عن فقدان الشغل» ، وليعطي لذلك التقارب طابعا رفيع المستوى ، أشار إلى أن هذه المقاربة٬ التي ثمنها الكتاب العامون للنقابات الخمس الكبرى أثناء استقبالهم مؤخرا من طرف رئيسة الاتحاد العام لمقاولات المغرب ٬ «ستعطي سلما اجتماعيا من أجل مزيد من التنافسية للاقتصاد المغربي». أحمد بوهرو مدير الشغل بوزارة التشغيل والتكوين المهني اتفق بدوره على٬ أن الدستور الجديد المصادق عليه يعتبر الإضراب حقا مضمونا على أن يصدر قانون تنظيمي لتحديد شروط وشكل ممارسته. لكنه اكتفى بالإحالة عى المرجعيات الدولية التي توفر مصادر متعددة لتقييد هذا الحق٬ حتى لكي لا يكون هناك تعسفا في ممارسة هذا الحق من طرف النقابات أو العمال ٬ ولكي لا تكون بالمقابل عرقلة لممارسة هذا الحق من طرف المقاولات. لغة التحفظات وعدم الثقة حضرت في تدخلات ممثلي الاتحاد المغربي للشغل٬ والاتحاد العام للشغالين بالمغرب والاتحاد الوطني للشغل بالمغرب ٬ والكونفدرالية الديمقراطية للشغل ٬ والفدرالية الديمقراطية للشغل٬ فالبنسبة لهؤلاء المركزيات النقابية كانت دوما تصر على ضرورة تطبيق القانون من جانب المقاولات التي لا تحترمه ٬ وضمان حقوق العمال والحريات النقابية. وفيما أبرز النقابيون أن المركزيات النقابية تفضل المفاوضات قبل اللجوء للإضراب شددوا على أن بعض المقاولات ترفض أساسا الحوار والمفاوضات ، لذلك فهم يشددون على ضرورة الجلوس مع أرباب العمل للاتفاق على منهجية تهم كيفية إخراج قانون الإضراب. وفي نهاية المطاف، التخوف العام في أوساط المركزيات النقابية هو من أن تتحول عملية تقنين الإضراب المرتقبة في القانون التنظيمي ٬ إلى وسيلة ل” حرمان العمال من ممارسة هذا الحق ” الذي يعد وسلة للدفاع عن حقوقهم.