الزائدة الدودية من أكثر أمراض الجهاز الهضمي إنتشارا، حيث لا يمر يوم دون تسجيل عملية جراحية لإستئصالها وفقا لما أشار له الدكتور اليقوتي محمد، جراح اختصاصي في أمراض الكلى والمسالك البولية، الذي يبرز فيما يلي خطورة هذا المرض، ويتحدث عن أعراضه التي تبدو عادية جدا، غير أنها تنتهي بالموت في حال تطور تداعياتها التي تتلاحق في إطار زمني لا يتعدى ساعات. تقع الزائدة الدودية في بداية الأمعاء الغليظة، وهي بمثابة قطعة مسدودة النهاية يبلغ معدل طولها 10 سنتيمترات، لها دور دفاعي حيث تضم مجموعة من الميكروبات الصديقة للجسم، أو ما يعرف بالميكروبات النافعة التي تفيد عملية الهضم، كما تمد جهاز الهضم بهذه البكتيريا النافعة عند الحاجة إليها، ويرى الدكتور اليقوتي أن المستقبل قد يكشف أدوارا إضافية لها بشكل أكثر دقة. لكن لحد اليوم يكفي القول أن دورها هو حماية الأمعاء، كما هو الحال بالنسبة للوزتين اللتين تعملان على حماية الجسم مما يعرضهما لإلتهابات متكررة تنتهي بإزالتهما، غير أن الوضع مختلف تماما مع الزائدة الدودية، لأن إلتهابها لمرة واحدة قد يعرض حياة المريض للخطر، وذلك بسبب مضاعفاتها الخطيرة على الجسم. * أسباب إلتهاب الزائدة الدودية يرى الدكتور اليقوتي أن أسباب إلتهاب الزائدة الدودية غير محددة، لكن على العموم من الممكن القول أنها تتعرض للإلتهاب في حال وصول بعض البكتيريا المتواجدة في المعي الغليظ بسبب الإمساك أو الإسهال، مما يسبب تكاثرا بكتيريا يؤدي إلى إلتهاب الزائدة وتقيحها بسبب استقرارها داخل الزائدة التي تعد مكانا مغلقا ذو منفذ واحد وهو الذي يصلها بالمعي الغليظ. من الأسباب المرجحة وجود الدود بالأمعاء، لأن الأطباء يكتشفون بعد إجراء بعض عمليات إستئصال الزائدة أنها تحتوي على دود. من الممكن أيضا التهاب الزائدة بعد تعرض الشخص للحمى التي يمكنها أن تتمركز داخل الدودية مما يتسبب في إلتهابها، و في أحيان أخرى لا يمكن الوقوف على السبب الحقيقي للإلتهاب. * الأعراض آلام خفيفة في البداية من الممكن أن تكون جهة المعدة، أو تبدأ من السرة وتنتقل باتجاه أسفل البطن من الجهة اليمنى، وتزداد وتيرة الألم عند الحركة، أو أخذ نفس عميق، أو الضغط على مكان الألم. - القيئ مع الشعور بحمى منخفضة بمعدل يتراوح ما بين 38 و 38,5 - الإسهال أو الإمساك مع عدم القدرة على إخراج الغازات - انتفاخ البطن، وهو علامة متأخرة تستلزم تدخلا جراحيا على وجه السرعة - من الممكن أن يشعر المريض بآلام جهة الكبد أو الكلى، لأن الزائدة تتواجد في بعض الحالات خلف المعي بدل أن تكون أمامه، ويصاحب الألم بارتفاع حرارة المريض، وفي هذه الحالة وحدها الفحوصات تكشف عن مكان تواجدها، حيث يعتقد البعض بعد التشخيص الأولي أن الأمر يتعلق بتقيح على مستوى الكبد، غير أن الجراحة تكشف تواجد للزائدة في مكان غير متوقع، وتعود دقة التشخيص في العموم إلى خبرة الطبيب. مراقبة هذه الأعراض ضروري جدا، خاصة بالنسبة للأشخاص الذين تتراوح أعمارهم ما بين 10و 30 سنة، لأنهم الفئة الأكثر تعرضا للإصابة، غير أن الدكتور اليقوتي يرى أن هذا المعطى لا يعني أن الفئات الأخرى في مأمن من الإصابة، لذا ينصح بزيارة الطبيب الذي يطلب من المريض إجراء فحوصات غير قابلة للتأجيل، أهمها فحص يكشف عن إرتفاع عدد لكريات البيضاء في الدم مما يسمح للأطباء بتشخيص المرض بسرعة، والعمل على إزالة الزائدة من خلال عملية جراحية بسيطة. * مضاعفات تأخر التشخيص يتعامل جل المرضى بالكثير من اللامبالاة مع الأعراض السابقة، إعتقادا منهم أنها أعراض مزعجة سرعان ما تزول، لذا يلجؤون إلى علاجها من خلال تناول أدوية من الصيدليات بشكل عشوائي بعد تشخيصهم الفردي لحالتهم الصحية، إعتقادا منهم أن الأمر حمى، أو إمساك يتطلب ملينات… ويصبح الوضع أكثر سوءا عندما يتعلق الأمر بالأطفال الذين يشتكون لآبائهم آلام على مستوى البطن فيعمدون إلى علاجهم بطرق تقليدية، أو إقتناء أدوية من الصيدلية. مع الوقت تزداد حدة الإلتهاب الذي يسبب تعفنا وتقيحا داخل الزائدة مما يعرض المريض لمضاعفات خطيرة أهمها إنفجار الزائدة وخروج القيح نحو الأمعاء الدقيقة، مما يسبب إلتهاب الغشاء “البريتوني”، وهو عبارة عن غشاء رقيق يدافع ويحمي الجسم، وهي مرحلة تعرض المريض للموت بنسبة 50 في المائة، على الرغم من لجوء الجراح إلى شق بطن المريض من أجل تنظيف أمعائه. من المضاعفات الخطيرة نجد انتشار الميكروب في الجسم مما يحدث ارتفاعا في درجة الحرارة وذلك بعد خروج الميكروب من الزائدة إلى الدم، ومن الممكن أن يتوجه للمخ ويحدث حالة تقيح بداخله مما يتسبب في الوفاة. وينضاف للائحة المضاعفات عجز الأمعاء عن العمل بطريقة عادية بعد ارتفاع درجة حرارتها، ليصبح المشكل أكثر تعقيدا. * العلاج المناسب يبقى العلاج الوحيد الذي من شأنه الحد من إلتهاب الزائدة الدودية هو استئصالها في الوقت المناسب من خلال التوجه للطبيب عند ملاحظة الأعراض. وتكون الجراحة بسيطة جدا من خلال إحداث فتحة بالبطن لا تتعدى أربعة سنتيمترات، أو من خلال عملية بديلة عبر السرة من أجل تجنب الندوب بالنسبة للأشخاص الذين لا يرغبون في آثار الجراحة، وعادة ما تلجؤ عارضات الأزياء لهذه الطريقة. لكن في حال إهمال المريض لتتبع الأعراض التي يشعر بها، تتدهور حالته لتنفجر الزائدة مما يضطر الجراج لشق البطن بشكل طولي حتى يتمكن من إخراج الأمعاء وتنظيفها، مع تعقب انتشار الميكروب في الجسم، ولجوء الأطباء إلى استعمال المضادات الحيوية التي يضعف تأثيرها في حال كان المريض من الذين يواظبون على استعمالها بطريقة عشوائية، لأن الجسم يتعرف عليها بسهولة ولا يستجيب لها، مما يضطر الأطباء إلى استحضار أدوية أخرى من الخارج ذات تكلفة أعلى، مع إدخال المريض إلى غرفة الإنعاش بسبب وضعه الصحي الحرج. بعد إستئصال الزائدة يكون من اللازم إخضاعها للتحليل من أجل الوقوف على طبيعة الإصابة، حيث يتم اكتشاف سرطان يستوجب إجراء عملية ثانية من أجل إزالة محيط الزائدة المرتبط بالمعي الغليظ، كما أن الفحص يكشف سبب الإلتهاب ودرجة تطور المرض. بعد العملية تتم زيارة الطبيب بشكل منتظم من أجل مراقبة الجرح، حتى لا يتعرض لأي نزيف، كما يعمل المريض على تنظيفه مع تناول المضادات التي يصفها له الطبيب. بعدها يعيش حياة طبيعية. * الوقاية ترتبط أهم الخطوات الوقائية من الزائدة الدودية في الاهتمام الجيد بالصحة حتى لا يكون الجسم عرضة للميكروبات، لذا ينصح بالإهتمام بكل الأعراض التي من شأنها أن تشير لوجود مشكل ما في الجسم من أجل الوقوف على حقيقتها. ينصح المريض بمراقبة صحة أسنانه، وباختيار نظامه الغذائي وممارسة الرياضة، خاصة إذا كان شخصا ضعيف البنية، حيث يلاحظ أن أغلب مرضى الزائدة الدودية ضعيفي البنية مما يعني أن مناعتهم ضعيفة، الشيء الذي يجعل منهم عرضة للميكروبات التي تسبب إلتهاب الدودية. ومن أجل المزيد من الوقاية، يلجأ الجراحون إلى إزالة الزائدة الدودية وإن لم تكن مريضة، وذلك أثناء إجرائهم لعمليات جراحية كبيرة تهم أعضاءا أخرى، ويكون هذا الإجراء من باب وقاية المريض من أي تداعيات قد تعقب الجراحة. سكينة بنزين