الخطاب الملكي لذكري ثورة الملك والشعب،هو «رؤية عميقة وخارطة طريق لاصلاح التعليم»، هو «ثورة ستعيد للمدرسة العمومية وظيفتها»، هو «تعبير عن رغبة للقطع مع التجارب الاصلاحية السابقة»، بين متفائل وحذر، توزعت ردود أفعال مسؤولي نقابات التعليم، وذلك بعدما أحيى الخطاب النقاش من جديد داخل صفوفها حول اصلاح منظومة التعليم. وإذا كان خطاب ثورة الملك والشعب قد أحدث ثورة في مجال اصلاح التعليم ووضع خارطة طريق لإصلاح المدرسة العمومية، فإن عبد الاله دحمان نائب الكاتب العام للجامعة الوطنية لموظفي التعليم العضو بالاتحاد الوطني للشغل، وإن كان قد لمح إلى التجارب الاصلاحية السابقة، فإنه كان من أكبر المتفائلين، حيث لم يتردد في اعتبار الخطاب «ثورة مهيكلة لنظام التعليم ودعوة صريحة إلى تحريره من وظيفته القديمة والرقي به إلى مستوى الابداع والاتبكار»، وهنا توقف المسؤول النقابي عند عبارة «تحويل المدرسة من فضاء لشحن الذاكرة إلى صقل الحس النقدي وتفعيل الذكاء»، التي وردت في الخطاب، التي اعبترها دحمان بمثابة «قطيعة مع مسارات الاصلاحات السابقة التي جعلت عن أداء هذه المهمة». غير أن دحمان أحد قيادات نقابة الاسلاميين بقطاع التعليم، والذي رأى في الخطاب المكلي خارطة طريق جديدة لحل اشكالات منظومة التعليم، فإنه حمل كل العبء ووضعه على كاهل حكومة أخيه عبد الاله ابن كيران، بعدما أناط بها مهمة «تسطير البرامج على ضوء الخطاب وتنزيلها على أرض الواقع تماشيا مع الوظيفة الجديدة للمدرسة العمومية». وإذا كان عبد الاله دحمان متفائلا بخصوص آفاق اصلاح التعليم على ضوء الخطاب الملكي، فإن رفيقه في العمل النقابي حمادي بلعياشي من النقابة الوطنية للتعليم العضو الكنفدرالية الديموقراطية للشغل، لم يصل إلى درجة التشاؤم، بعدما مل من التجارب الاصلاحية التي وصفها ب«الفاشلة»، وإنما كان حذرا في قراءته لهذ التجربة الاصلاحية، فهو وإن رأى في الخطاب «تعبيرا عن رغبة في الاصلاح»، شدد كثيرا على ضرورة «ربط الخطاب بالممارسة»، وهنا وضع المسؤول النقابي الكنفدرالي يده على مكمن الخلل، فقد أعد فشل الميثاق الوطني للتربية والتكوين والمخطط الاستعجالي إلى«غياب الارادة الحقيقية لاصلاح التعليم». إلا أن حمادي بلعياشي، الذي حمل مسؤولية فشل مشاريع اصلاحية ضخمة إلى غياب الربط بين الخطاب والممارسة، لم يفقد كل أمله في عملية اصلاحية ناجحة تخرج بالمنظومة التعليمة من النفق الذي ظلت تتخبط فيه لعقود طويلة، فبعد الخطاب الملكي، يرى بلعياشي أن الكرة الآن، هي بيد الحكومة، فقد باتت ،حسب المسؤول النقابي ذاته، مطالبة ب«فتح حوار وطني شامل في وجه جميع المتدخلين في مجال التعليم لتفعيل مبدأ الربط بين الخطاب والممارسة».