الغموض يكتف دور الجزائر في منطقة الساحل والصحراء وطبيعة دورها تحديدا في أزمة مالي وعلاقتها الحقيقية بجماعات الإرهاب الموالية للقاعدة. في تقريرها الأخير ل «مجموعة الأزمات الدولية» ببروكسيل البلجيكية، دعت المجموعة السلطات الجزائرية إلى وضع حد للغموض الذي يكتنف موقفها من الأزمة المالية والإعتراف بخطورة تواجد جماعات إرهابية في شمال مالي. بعد أن قامت بتشريح للنزاع الدموي في شمال مالي وسيطرة الجماعات الإرهابية على أقاليمه الثلاث، دعت مجموعة البحث الدولية في التقرير المعنون ب «مالي: تفادي التصعيد» الجزائر إلى إعطاء إشارة واضحة لتأييدها لعودة السيادة إلى مالي على مجمل ترابها الوطني، وتقديم المساعدة لجارتها الجنوبية لتحييد خطر الجماعات الإرهابية وإنهاء تواجد تلك الجماعات التي تهدد الأمن الجماعي للمنطقة. ولطبيعة عملها المتمثل في تشخيص الأزمات في مختلف بؤر التوثر في العالم وتقديم الحلول والتوصيات لأطرافها، دعت المنظمة غير الحكومية «أنترناشيونال كريزيس غروب» إلى إعادة التعاون الجهوي فيما يخص محاربة الإرهاب والجريمة العابرة للقارات وتوسيع هذا التعاون ليشمل نيجيريا ودول الإتحاد المغاربي من بينها المغرب وليبيا وتونس. تلك الدول مدعوة، حسب التقرير، إلى جانب دول الساحل لوضع استراتيجية موحدة لفتح قنوات الحوار مع المجموعات المسلحة بشمال مالي ومساعدة هذه الأخيرة على استعادة قدراتها العسكرية وتعبئة كل الوسائل الممكنة ومنها العسكرية لتحييد القاعدة في المغرب الإسلامي والجماعات الإجرامية الأخرى في الشمال المالي. قبل حل الأزمة المالية لابد من تجفيف منابع تمويل الجماعات الإرهابية، لذلك أوصى التقرير بتعيين خبراء محايدين للقيام بدراسة لتحديد مصدر تمويل الجماعات المسلحة ومسالك التزود بالمؤونة والمواد الأساسية والسلاح، وتحديد هوية الأشخاص الماليين والأجانب الذين يمكن أن يكونوا موضوع متابعات قضائية. ليس تلك هي المرة الأولى التي تتثار فيها مسزلة غموض الموقف الجزائر تجاه الجماعات اإرهاب. فقد أثار استبعاد المغرب المستمر من حضور اجتماعات دول الساحل والصحراء بدريعة أنه ليس من دول الميدان. وحتى بعد انعقاد اجتماعات لدول الإتحاد المغاربي حول الإمن تصر الجزائر على عدم حضور المغرب لمثل تلك الإجتماعات. يوم أمس عقد الاجتماع الوزاري لما يسمى «دول الميدان» بنيامي (النيجر) دون حضور المغرب مرج أخرى، وتناول الوضع الراهن في المنطقة على الصعيد الأمني لاسيما مكافحة الارهاب والجريمة المنظمة العابرة للأوطان على ضوء اجتماعات وحدة الدمج والربط ولجنة قيادة الأركان العملياتية المشتركة، كما أن الأزمة المالية كانت بدورها على طاولة النقاش. حسب المنظمة غير الحكومية «أتترناشيونال كريزيس غروب» لبروكسل فإن أي تدخل عسكري خارجا في مالي ينطوي على «مخاطر معتبرة»، ودعت دالمجموعة الدولية الى تغليب الحوار للحفاظ على حظوظ الخروج من الأزمة السياسية في هذا البلد. وفي نظرها فإن السيطرة على شمال هذا البلد من منطقة الساحل من طرف حركة تحرير الأزواد ثم من طرف الجماعات المسلحة المنتمية إلى تنظيم القاعدة في الغرب الإسلامي بعد الانقلاب الذي أدى الى ابعاد الرئيس أمادو توماني توري « أدخلت البلد في أزمة غير مسبوقة تهدد التوازنات السياسية و الأمن في المنطقة. وحذرت المنظمة من أن هذه المنطقة «قد تصبح فضاء لاستقبال مقاتلين جهاديين من أصول مختلفة». علاقات الجزائر الخفية بجماعات الإرهاب شمال مالي، سبق أن أثيرت بعد الصفقة الغامضة، التي بموجبها أفرج تنظيم التوحيد والجهاد في غرب افريقيا عن ثلاثة من الدبلوماسيين الجزائريين السبعة الذين اختطفوا في الخامس من أبريل من القنصلية الجزائرية في غاو شمال شرق مالي دون أن يتم الكشف إن تم بدفع ب15 مليون يورو التي يطالب بها الإرهابيون أواطلاق سراح اسلاميين في سجون جزائرية. الجزائر ذاتها تتكثم عن علاقة عناصر البوليزاريو المتواجدين في مخيمات تندوف تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي المسؤولين عن الإختطافات والتهريب.