بنعلي تكشف عن إطلاق طلب اهتمام لإنشاء أول محطة لاستقبال الغاز الطبيعي المسال بالناظور    طنجة تستعد لكأس إفريقيا للأمم ببرنامج تنموي بقيمة 130 مليار سنتيم.. وهذه أبرز مشاريعه    تعزيز التعاون الأمني المغربي الإسباني    وزراء أفارقة يتفقون بمكناس على خطة زراعية ودعم تفاوضي موحّد للقارة    الأردن يتهم "الإخوان" بتصنيع الأسلحة    "توريد أسلحة لإسرائيل" يفجّر استقالات بفرع شركة "ميرسك" بميناء طنجة    وزير الزراعة الفلسطيني يشيد بالدعم المتواصل لوكالة بيت مال القدس الشريف للمزارعين المقدسيين    خبراء ينادون بتدريس التنشيط الرياضي    الاستقلال يفوز بانتخابات جزئية ببوجدور    شباب الريف الحسيمي يراهن على جماهيره في مواجهة وداد صفرو    رئيس الحكومة يشرف على انطلاق جولة أبريل من الحوار الاجتماعي    سابقة قضائية.. محكمة النقض تنتصر لشابة تعاني اضطرابات عقلية أنجبت طفلا من شخص بالحسيمة    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها بأداء إيجابي    وزراء الخارجية العرب يرحبون بانتخاب المغرب لرئاسة التحالف العالمي للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان    بعد حوادث في طنجة ومدن أخرى.. العنف المدرسي يصل إلى البرلمان    الوقاية المدنية تواصل البحث عن تلميذ جرفته المياه في شاطئ العرائش    تعزيز التعاون المغربي الفرنسي، في صلب مباحثات بوريطة ورئيسة جهة «إيل دو فرانس»    السعودية توافق على اتفاقيات تسليم المطلوبين ونقل المحكومين مع المغرب    الابتكار في قطاع المياه في صلب نقاشات الملتقى الدولي للفلاحة بالمغرب    اتفاقية شراكة بين "الكاف" وشركة للنقل واللوجستيك كراعية لكأس إفريقيا المغرب 2025    بالتعاون مع وزارة الصحة والحماية الاجتماعية.. نقل سيدة إيفوارية من الداخلة إلى مراكش عبر طائرة طبية بعد تدهور حالتها الصحية    في حضرة الوطن... حين يُشوه المعنى باسم القيم    المغرب يجذب مزيدا من الفاعلين الاقتصاديين والمستثمرين الدوليين (صحيفة فرنسية)    الإتحاد الأوروبي يخاطر بإثارة غضب ترامب    وزراء الخارجية العرب يؤكدون على مركزية اتفاق الصخيرات كإطار عام للحل السياسي في ليبيا    بطلة مسلسل "سامحيني" تشكر الجمهور المغربي    الكتاب في يومه العالمي، بين عطر الورق وسرعة البكسل    إلغاء ضربة جزاء أعلنها الحكم تفجر غضب جمهور فتح الناظور    "التقدم والاشتراكية" ينتقد خوف الأغلبية من لجنة للتقصي حول "دعم الماشية" ويستنكر وصف أخنوش المعارضة ب"الكذب"    "طنجة المتوسط" يؤكد دعم الصادرات في المعرض الدولي للفلاحة بمكناس    وفاة الإعلامي الفني صبحي عطري    وزير الداخلية يحسم الجدل بخصوص موعد الانتخابات الجماعية والتقسيم الانتخابي    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الخميس    زلزال بقوة 6.2 درجة يضرب إسطنبول    وزارة التعليم العالي تدرس إمكانية صرف منحة الطلبة شهريا    نادي "الكاك" يعتذر لجمهور القنيطرة    نادي مولودية وجدة يحفز اللاعبين    عباس يطالب "حماس" بتسليم السلاح    تراجع أسعار الذهب مع انحسار التوترات التجارية    القضاء يستمع إلى متزوجين في برنامج تلفزيوني أسترالي    إصابة الحوامل بفقر الدم قد ترفع خطر إصابة الأجنة بأمراض القلب    الحل في الفاكهة الصفراء.. دراسة توصي بالموز لمواجهة ارتفاع الضغط    أمريكا تتجه لحظر شامل للملونات الغذائية الاصطناعية بحلول 2026    هذه أغذية مفيدة لحركة الأمعاء في التخلص من الإمساك    المغرب يعزز منظومته الصحية للحفاظ على معدلات تغطية تلقيحية عالية    في الحاجة إلى مغربة دراسات الهجرة..    نقل نعش البابا فرنسيس إلى كاتدرائية القديس بطرس    توقيع شراكة استراتيجية ومذكرة تفاهم لبحث الفرصة الواعدة في إفريقيا بين فيزا ومجموعة اتصالات المغرب    في جولة أبريل من الحوار الاجتماعي.. الاتحاد العام لمقاولات المغرب يؤكد على تجديد مدونة الشغل والتكوين    المنتخب المغربي للتايكواندو يشارك في كأس رئيس الاتحاد الدولي للتايكوندو بأديس أبابا    "الإيقاع المتسارع للتاريخ" يشغل أكاديمية المملكة المغربية في الدورة الخمسين    الغربة بين الواقع والوهم: تأملات فلسفية في رحلة الهجرة    صحيفة ماركا : فينيسيوس قد يتعرض لعقوبة قاسية (إيقاف لمدة عامين    مغرب الحضارة: حتى لا نكون من المفلسين    لماذا يصوم الفقير وهو جائع طوال العام؟    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    قصة الخطاب القرآني    المجلس العلمي للناظور يواصل دورات تأطير حجاج الإقليم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يسألونك عن “زايد أوسكونتي”: “الأسنان تصلح للضحك، أي فرح الآن ونحن مغلوبون؟”
نشر في أكورا بريس يوم 22 - 12 - 2012


زايد أوسكونتي
بقلم: موحى ابن ساين
في بداية الموسم الدراسي 2010-2011 تلقت إدارة “الثانوية التأهيلية بتاديغوست” ومعها مجموعة من المناضلين الأمازيغ بارتياح كبير نبا قبول تسمية جديدة من اقتراحهم لهذه الثانوية، انسجاما وتوجهات الوزارة في رد الاعتبار لأسماء الأعلام التي تعتبر رمزا من رموز الذاكرات الجماعية لكل منطقة وذلك بمثل هاته الالتفاتات، كتسمية مؤسسة تعليمية بأسماء شخصيات بصمت تاريخ كل منطقة، ورغم أن الاسم المقترح للثانوية السالفة الذكر ينتمي إلى أكبر قبيلة بالمنطقة وأنه رمز من رموز ذاكرتها الجماعية إلا أن هناك أطراف لم تستسغ أن تسمى هذه الثانوية بهذا الاسم خاصة أن أحفاده يعيشون بينهم، فتحركت بسرعة الضوء ولعبت بكل أوراقها ونزلت بثقلها على النيابة والأكاديمية والوزارة لكي لا تسمى هذه المؤسسة باسم هذا الرجل البطل الذي صنفه التاريخ في خانة العظام.
صراع الفخذات المكونة لقبيلة “أيت مرغاد”، نسمعه عند غير المتعلمين وهذا شيء طبيعي تعايشنا معه، أو عند بعض المتعلمين وهذا غير مقبول ومدان بكل المقاييس ولو على سبيل التسلية، لكن أن تصل إلى درجة رفض إعادة الاعتبار لرمز من رموز قبيلتهم تحت ذريعة أنه ينتمي إلى فخذة كذا أو كذا…فهذه جريمة لا ينبغي السكوت عنها.
سأل “أستاذ” بهذه الثانوية تلامذته عن معارف لها علاقة بما يتلقونه من دروس في مادته وكان ذلك متزامنا مع صدور مذكرة تسمية الثانوية باسم”ثانوية زايد أوسكونتي”، ولما تعذرت عليهم الإجابة، عوى وقال: “باين الكلاخ ديالكم من سميت مؤسستكم” ولما تناهت إلى علمي هذه الإهانة، ناقشت الأمر مع الأستاذ المعني بالأمر، وسألته عن مدى معرفته جسامة الجرم الذي ارتكبه في حق تاريخنا وذاكرتنا الجماعية… أنكر في البداية إلا أن دلائلي حاصرته ولم تترك له منفذا للهروب، وخلقت لديه فوضى في الذاكرة و الحواس وبدأ يتلعثم في الكلام…المهم أنه اعتذر لي دون أن يعتذر للتلاميذ…وتركت الحكاية هنا آملا أنه سيأتي يوم نلقي فيه محاضرة عن حياة المناضل “زايد أوسكونتي” وتتوج بتعليق “بلاكة” باسمه على مدخل المؤسسة كما كان مبرمجا مع إدارة المؤسسة إلا أن آمالنا ذهبت أدراج الرياح…
ألفنا منذ عقود فرض تسمية المؤسسات التعليمية القليلة الموجودة على طول واد”غريس” بتسميات غريبة ودخيلة، يداري الأحرار مرارتها في الأعماق كلما “سقطت” العين عليها، ويصفق ويتباهى بها خدام المخزن و”بركاكيه”، فليس غريبا اليوم أن ينتفضوا ضد اسم “زايد أوسكونتي” الذي قض مضجعهم الأمس بلحمه ودمه، وبذعرهم و ارتعاد فرائصهم بمجرد ذكر اسمه اليوم…وليس مفاجئا أن يقبلوا بالأحضان التسمية البديلة ل:”زايد أوسكنتي”ب:”مولاي علي الشريف”.
فقد يكون مقبولا أن تسمى الثانوية بهذا الاسم البديل أو بغيره، لكن من غير المستساغ أن” يبهدل” ويهان اسم يعني لنا الشيء الكثير، لو سألنا صاحبه في قبره لتعفف عن ذلك، كما تعفف عن منصب قائد “أيت مرغاد” بأسول وهو على قيد الحياة ولولا ضغط “أيت عيسى يزم” لما فعل…
تحريت في الأمر ولم أجد خيطا ناظما يؤدي بي إلى الحقيقة، حقيقة سبب منع هذا الاسم، لم أجد سوى أن رئيس جمعية آباء و أولياء التلاميذ رفضه لأنه مازال يِؤمن بخرافة انتمائه إلى “النسب الشريف”، لهذا “الشريف ” أقول:” إن رئاستك لتلك الجمعية غير قانوني، فلا ابن لك هناك ولست حاضنا لأحد فابحث لك عن جمعية أخرى تستظل بها، وأن الشريف الحقيقي هو من شرفت أخلاقه واغترف من قيم الأخيار وسار على نهج الأتقياء…”، بالإضافة إلى دورة استثنائية عقدها المجلس الجماعي “لتاديغوست” خصيصا للبث في هذه التسمية وكان القرار هو الرفض، وتسربت أخبار حول أن هناك ضغوطات من جهات فوقية ترفض هذا الاسم بالمطلق.
وبما أن حبل ذاكرة المغاربة قصير، فلا بأس أن نذكرهم بمن يكون هذا الهرم وأن نتناول نزرا قليلا من أصداء سيرته الذاتية.
رأى المناضل والزعيم زايد “أوسكنتي” النور حوالي 1890 ب: “تاسكونتيت” بنواحي “إيغفمان” بقيادة “أملاكو”، من قبيلة “أيت مرغاد”، فرقة “أيت عيسى يزم”، أن يصبح فارسا ومحاربا لا يشق له غبار كان حلما يراوده منذ صغره، وقد لاحت في الأفق بوادر تحقيق حلمه سنة 1908 عندما اصطحبه والده إلى” بوذنيب” ضمن حشود المجاهدين لمحاولة صد الاحتلال الفرنسي، ثم بعثه للمقام عند القائد “موحى أو عسو” بميدلت”، حيث خالط وجهاء ملوية والأطلس المتوسط وتعرف على أحوال المنطقة والأحداث الجارية في المغرب والأطماع الاستعمارية المحدقة به، وقد شارك أو قاد المعارك التي دارت رحاها في الجنوب الشرقي ضد الاحتلال الفرنسي ومنها على الخصوص:
معركة بوذنيب:1908
معارك تافيلالت:1918-1919
معارك تودغى:1918-1919
معارك أيت يعقوب وتونفيت:1929-1930
معركة تاردة:1930
معركة تازكزاوت:1932
معركة سردرارإيغفمان:1932
وفي بداية ثلاثينيات القرن الماضي أصبح “زايد أوسكونتي” أحد أهم زعماء المقاومة بالجنوب الشرقي إلى جانب “علي أوطرمون” و”موحى عرجي”، وقد جرح “زايد أوسكونتي” في معركة “تيركا” بأعالي وادي غريس في يونيو1933 ، وفي يوليوز من نفس السنة أبلى البلاء الحسن في معارك “تيزي ن أوغروم” بالأطلس الكبير الشرقي وجدير بالذكر أنه رفض مقترحا بالتفاوض مع سلطات الإستعمار في بداية غشت 1933 آنئذ التفت حوله رحالة “أيت عيسى يزم” ومقاوموا باقي فخذات “أيت مرغاد ” ومقاومون من الجنوب الشرقي والأطلس الكبير الشرقي لصعود جبل” بادو” الذي أصبح آخر معاقل المقاومة بالمنطقة، وقد قاوموا مقاومة شرسة ضد خطة حربية وضعها أربعة جنرالات من أعتى جنرالات فرنسا الذين أمروا بإطلاق النار على الأخضر واليابس بالمدافع الرشاشة وقنابل الطائرات أتت على مئات الأرواح وآلاف رؤوس الماشية وقطعت سبل التموين ومنعت الوصول إلى نقط الماء في إطار سياسة التجويع، ولما فطن الزعيم “زايد أوسكونتي” أنهم إن بقوا على هذه الحال فلن يبقى فيهم أحد اضطر إلى النزول والمفاوضة مع المستعمر بشروط تضمن كرامة “أيت مرغاد”. جرح “زايد أوسكونتي” في وجهه وفمه، وأثناء نزوله في 29 غشت 1933 من جبل بادو استقبله الجنرال “جيرو” ووضعته سلطات الحماية في البداية رهن الإقامة الجبرية بتاديغوست من1933 إلى 1937 وتحت ضغط أعيان “أيت عيسى يزم” الذين بعثتهم إليه سلطات الحماية قبل على مضض منصب قائد دائرة أيت مرغاد أسول فاستقر “بتيمطديت” على بعد 15 كلم من “أسول” وشغل ذلك المنصب إلى حين وفاته المأساوية في 10 يوليوز سنة 1943 بجبل” تاعباست” بأعالي قصر “أيت براهيم” خلال خروجه للصيد بدعوة من صديق له .
لما نزل المناضل “زايد أوسكونتي” من جبل” بادو” اقترح عليه الفرنسيون ترميم أسنانه التي فقدها في المعارك فكان جوابه:”الأسنان تصلح للضحك ، أي فرح الآن ونحن مغلوبون؟” وفي أول استجواب له سأله صحافي قائلا: “لماذا حاربت الفرنسيين؟ “فأجابه:”حاربت من أجل بلادي، كنا نريد إخراج الاحتلال من بلادنا”.إن هذين الجوابين في نظري كافيان لهؤلاء الذين يريدون أن يغتالوا التاريخ ويغتالوا اسم “زايد أوسكونتي” في ذاكرتنا الجماعية، فإسمه عندنا رمز النبل والشهامة والمروءة والكرامة، لترقد روحك بسلام يا أيها البطل، فاسمك عندنا يتحدى النسيان، وتذكرك في غنى عن أن يثبت في “بلاكة” شارع أو مؤسسة…
وأنا أكتب هذا المقال أتخيله في قبره يضحك متهكما وساخرا من دسائسهم وهو يقول:”افعلوا ما شئتم، فالأسود تبقى أسودا رغم كل شيء”
يا لمهازل الزمن!! من يتخيل أنه سيأتي حين من الدهر تسترخص فيه وتبخس فيه نضالات هكذا أبطال، ويداس على أسمائهم من طرف سفاسفة القوم بمواطئ النعال، إنها بحق لآية من آيات رداءة هذا الزمان… يمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.