كشف الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، رئيس النيابة العامة، الحسن الداكي، اليوم الأبعاء بالرباط، عن إحداث منصة رقمية لفائدة المغاربة المقيمين بالخارج تروم تكريس وسائل التواصل الحديثة لخدمة قضايا "فئة مهمة" من المغاربة. وأوضح الداكي، في كلمة بمناسبة الانطلاق الرسمي لمنصة الاستقبال عن بعد المخصصة لأفراد الجالية المغربية المقيمين بالخارج، ألقاها نيابة عنه الكاتب العام لرئاسة النيابة العامة، هشام بلاوي، أن هذه "المبادرة الهامة والمتميزة تروم تكريس وسائل التواصل الحديثة لخدمة قضايا فئة مهمة من مواطنينا الأعزاء والذين ما فتئ حبل الود والالتحام ببلدهم العزيز يسوقهم في كل مناسبة للعودة إليه سعيا لصلة الرحم والانتشاء بأحاسيس تنبع من نسمات أرض طالما شغلتهم عنها متاعب الحياة وإكراهات العمل التي تفرضها آلة الزمن التي أضحت تتحرك بسرعة لم نعهدها من قبل". وتابع أن "خيار الهجرة والذهاب إلى العيش بعيدا عن الوطن قد تفرضه العديد من الحاجات والغايات النبيلة كطلب العلم، أو السعي الى العمل وتحسين ظروف العيش، ومع ذلك يبقى هذا الخيار صعبا ومرتبطا بالعديد من الإكراهات والصعوبات الواقعية والقانونية، أبرزها مشكل تنازع القوانين نتيجة تواجد الأشخاص ببلد أجنبي وفي وضعية يجد فيها مبدأ إقليمية القوانين مجالا رحبا للتطبيق، وكذا ما يترتب عن الإقامة بعيدا عن بلد المنشأ من انشغالات عن مصالحهم ذات الصلة بالشأن القضائي". إلا أنه وللأسف الشديد، يضيف الداكي، فإن العديد من مغاربة العالم يصطدمون ببعض الإشكالات والعراقيل التي تحتم عليهم اللجوء إلى مرفق العدالة سعيا للإنصاف أو رفع لمظلمة أو طلبا للمشورة، "الشيء الذي يفرض علينا جميعا توفير الآليات اللازمة لتلبية حاجاتهم وتوجيههم وإرشادهم، وذلك عن طريق رصد الوسائل اللوجستيكية المتطورة والموارد البشرية المؤهلة من أجل الإنصات إليهم والإحساس بهمومهم والجواب عن استفساراتهم وحل مشاكلهم بالسرعة والنجاعة المنشودين". وذكر بأن اهتمام رئاسة النيابة العامة "بأفراد جاليتنا بالخارج وقضاياهم لم يكن وليد اليوم، بل كان انشغالا يلازمنا منذ تأسيس هياكلها وإرساء دعائمها، حيث تم إحداث وحدة متخصصة بتلقي شكايات أفراد الجالية وتم تعزيزها بأطر بشرية مؤهلة ووسائل تقنية تنسجم مع متطلبات الرقمنة وتقديم الخدمات عن بعد". كما تم، يضيف الداكي، "إطلاق بوابة الشكاية الإلكترونية والتي ساهمت في توفير خدمة متميزة وناجعة لمصالح أفراد الجالية المغربية المقيمين بالخارج وللأجانب المقيمين بالمغرب، فضلا عن تخصيص بريد إلكتروني لتلقي الشكايات والتظلمات، والذي عرف إقبالا وتفاعلا ملحوظين من طرف أفراد الجالية، إضافة إلى رصد خطوط هاتفية مفتوحة في مواجهة المكالمات الداخلية والخارجية، والتي ساهمت في تقديم الجواب عن العديد من تساؤلات واستفسارات مغاربة العالم على مدار الساعة". فانخراط رئاسة النيابة العامة في مسلسل خدمة مصالح المغاربة المقيمين بالخارج، يقول السيد الداكي، لا يعتبر عملا موسميا بقدر ما يندرج "ضمن الانشغالات اليومية التي نحرص على مواكبتها والرفع من مستواها في كل مناسبة من المناسبات، إلا أن مثل هذه الفترة من السنة التي تصادف عملية العبور تحتم علينا مضاعفة الجهود وبذل فائق العناية من أجل مواكبة حاجاتهم على الوجه الأمثل"، مبرزا أنه تم مؤخرا، في هذا الإطار، إصدار منشور مشترك بتاريخ 14 يونيو 2021، وقعه كل من الرئيس الأول لمحكمة النقض، الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، والوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، رئيس النيابة العامة، ووزير العدل. وبمقتضى هذا المنشور المشترك، ذكر الداكي أنه "تقرر إحداث خلية مركزية برئاسة النيابة العامة تتولى عملية استقبال أفراد الجالية المغربية المقيمة بالخارج لمعالجة طلباتهم ودراسة شكاياتهم وتظلماتهم المرتبطة بقطاع العدالة في مختلف النيابات العامة. كما تم في نفس الإطار إحداث خلايا جهوية على مستوى محاكم الاستئناف وخلايا محلية على مستوى المحاكم الابتدائية تتألف في تركيبتها من قاض الحكم وقضاة النيابة العامة وموظفين ممن تتوفر فيهم المؤهلات المناسبة، لاسيما القدرة على الإنصات، تتولى استقبال أفراد الجالية المغربية المقيمين بالخارج ودراسة شكاياتهم وإرشادهم، مع تمكينهم من مختلف الخدمات السرعة والفعالية من أجل تذليل وحل مشاكلهم". وأشار إلى أن "الحد مؤقتا من حرية تنقل الأشخاص الذي فرضته ظروف وباء كوفيد-19 وما ترتب عنه من عدم التحاق أفراد جاليتنا ببلدهم خلال السنة الفارطة كان محل التفاتة مولوية إنسانية جسدت العطف المولوي الذي يوليه صاحب الجلالة الملك محمد السادس لأفراد جاليتنا من أجل تيسير سبل العودة هذه السنة، الشيء الذي يعكس حرص جلالته على لم الشمل ومد الجسور بين المغاربة أينما حلوا وارتحلوا".