ليس ضروريا أن يتفق الجميع في المغرب على قرار ما، سواء كان سياسيا أو قضائيا، أو إداريا. بل على العكس من ذلك، فالطبيعي أن توجد أصوات تعارض أو لا تتفق، بشرط ألا تكون هذه الأصوات مصابة بداء "العداء للبلد ومؤسساته"، وتستغل الظاهر من القرارات، بشكل سياسوي، الهدف منه الإساءة إلى سمعة المغرب. مناسبة هذا الكلام هو تحركات بعض الأصوات المريضة، التي استغلت ظاهر قرار العفو على مجموعة من السجناء من ذوي الجنسية الإسبانية المعتقلين بالمغرب، من بينهم "دانييل كالفان"، المدان من طرف القضاء المغربي في قضية "اغتصاب قاصرات". وليس ضروريا التذكير في هذا الإطار أن من حق أي رئيس دولة أن يتقدم بطلب شخصي إلى رئيس دولة شقيقة أو صديقة، وهو الأمر الذي حدث مع ملك إسبانيا، خوان كارلوس الأول، الذي تقدم بطلب شخصي إلى ملك المغرب يخص العفو عن سجناء إسبان، من بينهم "دانييل كالفان". وليس ضروريا التذكير، أيضا، أن مثل هذه الطلبات تسلك قنوات دبلوماسية بعينها، والاستجابة لها تدخل في سياق أبعاد استراتيجية سياسية ودبلوماسية تخص المغرب، بواعثها ليست متاحة للعموم، وتبقى من أسرار الدولة. والواضح أن طلب ملك اسبانيا الخاص بالعفو عن السجين دانييل كالفان، استند على جانبين، جانب شخصي يخص أعلى سلطة في اسبانيا، وجانب إنساني يتعلق بالسجين نفسه، المتقدم في السن، وحسب بعض المصادر، المصاب بمرض خطير. فبمجرد استفادته من العفو صدر في حقه قرار الترحيل من المغرب بشكل نهائي، وأُغلقت في وجهه الحدود بشكل دائم. المغرب ليس البلد الوحيد الذي تلقى طلبا شخصيا من رئيس دولة صديقة يخص العفو عن سجناء، فقد حدث نفس الأمر في أكثر من دولة، واتخذت قرارات مماثلة من طرف رؤساء سابقون في أمريكا ومالي وتشاد، ومن طرف ملوك، كما حدث في الكومبودج وبريطانيا، كقرارات سيادية. ولا يمكن الجزم أن العفو عن دانييل كالفان، هو مجرد مجاملة للملك خوان كارلوس، وفي المقابل ورطة بالنسبة للمغرب، فالذي يؤمن بهكذا موقف، ويروج له على أساس أنه الحقيقة المطلقة، لن يكون سوى من شرذمة الأصوات التي تتموقع خارج السياق.