مجموعة من الإشكالات الإدارية والإجرائية برزت، و تكبل عمل الجماعات المحلية بسوس، في هذا الاطار، أظهرت مرحلة تحيين المخططات الجماعية للتنمية عجزا كبيرا في تنزيل برامج هذه المخططات على أرض الواقع بسبب المساطر الإدارية المعقدة، خاصة المتعلقة بغياب وثائق التعمير في مجموعة من الجماعات أو بسبب عدم تحينها لسنوات عدة. وإذا كانت المادة 36 من الميثاق الجماعي الجديد تلزم الجماعات على وضع مخطط تنموي يضم بين طياته تشخيصا دقيقا لحاجيات الجماعة أولا، وثانيا يبرز المشاريع المزمع إنجازها في فترته الإنتدابية، ويظهر الإمكانيات المالية لإنجاز تلك المشاريع، مع ضرورة تبيان بطائق تقنية مرفقة بتلك المشاريع، مما وضع مدبري الشأن المحلي في مجموعة من الجماعات في وضعية صعبة، لاستحالة التقيد بالنصوص التنظيمية المؤطرة لكيفية تقديم هذه المشاريع. إن أغلب هذه الجماعات بمنطقة سوس لا تتوفر على تصورات تعميرية تؤطر تلك البرامج، فمثلا إقليم اشتوكة، نجد أن الوكالة الحضرية لأكادير، حسب بيانات آخر مجلس إداري، منكبة على إعداد 23 وثيقة تعمير تتعلق بإعداد 3 تصاميم تهيئة تدخل في إطار مخطط توجية التهيئة العمرانية لحاضرة أكادير الكبير ويتعلق الأمر بجماعات بيوكرى وسيدي بيبي وأيت اعميرة. إلى جانب إعداد تصاميم تهيئة لمراكز 8 جماعات، بالإضافة إلى إعداد 6 تصاميم نمو في جماعات قروية أخرى، إلا أن طول مدة مراحل الدراسة والإنجاز والمصادقة تعيق أي برنامج تنموي في هذه المناطق. منذ سنة 1994 لم تتمكن المصالح المكلفة بالتعمير من وضع أي وثيقة تعميرية تنظم عملية تدبير المجال والعمليات البناء بمركز جماعة بلفاع القروية التابعة لإقليم اشتوكة أيت باه، مما أثر سلبا على مصالحها، من تحديد مجال مركز الجماعة وإنعاش مداخيل الميزانية الجماعية. ويرجع السبب في ذلك إلى الرأي التحفظي لمصالح وزارة الفلاحة حول مشروعي التهيئة والتحديد، معتمدة في ذلك على اعتبار مركز الجماعة يدخل في مجال الأراضي المنتسبة لنطاق المدار المسقي لماسة. ومن معضلة تدبير التعمير بجماعة بلفاع عدم وجود مقتضيات قانونية تنظم العمليات العقارية في نطاق الأراضي المسقية. وللإشارة فإن مشكل العقار بمركز جماعة بلفاع من أعقد المشاكل الذي تعانيه الجماعة، التي أحدثت بموجب التقسيم الجماعي لسنة 1959، والتي اتخذت من موقع سوق الأحد الأسبوعي الموجود بين الدواوير المحيطة به مركزا للجماعة. ومن جهة أخرى، ومع إحداث المحيط السقوي لحوض ماسة، بادرت السلطات التي كانت مكلفة بالقطاع حينها إلى إعداد وثيقة عمرانية تتمثل في تصميم تنمية تمت المصادقة عليه في سنة 1984، تم العمل به لتنظيم علميات التجزئات العقارية وعمليات البناء، ومع انتهاء العمل بمقتضيات هذه الوثيقة سنة 1994، حصل فراغ قانوني، فخلق وضعا تعميريا شاذا، خصوصا أمام رفض المصالح المعنية بإعادة ترتيب جزء من الأراضي المسقية التي تمثل مركز جماعة بلفاع. وحسب تصريحات متطابقة لرئيس جماعة بلفاع أن وزارة الفلاحة برفضها المتكرر لإعادة ترتيب الأراضي المسقية بمركز الجماعة أدى إلى حرمانها من التوفر على أي وثيقة تعميرية منذ 1994. وتعود فصول المشكل إلى إحداث جماعة بلفاع بموجب التقسيم الجماعي لسنة 1959، والذي اتخدت من موقع سوق الأحد الأسبوعي مركزا للجماعة. هذا المركز يتوفر على مقر لمجموعة من المصالح الخارجية. وقد باشرت مصالح الوكالة الحضرية لأكادير إجراءات دراسات من أجل إعداد تصميم تهيئة مركز الجماعة، إلا أن هذا المشروع اصطدم بتداخل حدودي مع المدار المسقي والمجال السكني بالجماعة. وحسب ببلوغرافية الجماعة أن 12تجزئة سكنية شيدت على مساحة تناهز 21 هكتار تم الترخيص لها نهائيا وفق قانون التجزئات العقارية لسنة 1953، ويتعلق الأمر بأزيد من 760 بقعة أرضية نسبة البناء بها يتجاوز 90 في المائة.. والغريب أن بعض هذه التجزئات تمت المصادقة عليها في إطار لجنة الاستثناءات رغم وجودها داخل المدار السقوي. وللإشارة، فإن الأراضي المعنية بوثائق التعمير لم تعد من الناحية العملية صالحة لنشاط الفلاحي، حيث أصبحت محاطة بمجموعة من التجزئات بالإضافة إلى التجمعات السكنية التي غزت هذا المجال السقوي، ورغم هذه المعطيات فإن المصالح المركزية لوزارة الفلاحة لم تجب على المراسلات المتعددة لمسؤولي جماعة لبلفاع والسلطات الإقليمية لاشتوكة أيت باها. واستنادا إلى خريطة توزيع وثائق التعمير بعمالة أكادير نجد أن المناطق، التي تعرف ضغطا ديمغرافيا تم التماطل في إنجاز وثائق التعمير بها وخصوصا بالشريط الساحلي، حيث نجد أن جماعة أورير لا تؤطرها إلا وثيقة تعمير أولية تحمل اسم تصميم تنطيق، وهي عبارة عن وثيقة ممهدة لإنجاز تصميم التهيئة، وخلاصة القول أن غياب وثائق التعمير بتراب عمالة أشتوكة أيت باها أدى إلى تنامي طلب تراخيص الإصلاح وإستعمالها لتشيد البناء، مما حول تراب الإقليم إلى أحزمة من البناء العشوائي والغير القانوني. و من تداعيات غياب وثائق التعمير في مجموعة من جماعات سوس استحالة تنزيل المشاريع المسطرة بمخططاتها التنموية، وصمت الإدارة عن الإتيان بحلول لتجاوز هذه الوضع.