"بوجلود"، "هرما"، "بيلماون"، "بولبطاين"، "سبع بولبطاين"، " إمعشار"، "بولحلايس"، " بوهو"، هي أسماء كثيرة تختلف باختلاف الجغرافيا، لكنها تصب في تجسيد شخصية واحدة أسطورية ضاربة في القدم. يؤكد بعض الباحثين أن "كرنفال بوجلود" هو طقس تعود جذوره إلى ما قبل دخول الإسلام إلى البلاد، حيث يرتبط بعبادة الطبيعة والإيمان بقدسية الحيوان، في حين يرى البعض أنه يعود أصله إلى أسطورة قديمة حول وحش كانت تتدلى منه الجلود ويزرع الرعب في نفوس سكان البوادي. كما يروي البعض الاخر أن هذه الظاهرة دخلت المغرب في فترة ما مع زنوج البلدان الإفريقية المجاورة التي كانت تربطها بالمغرب علاقات تجارية على غرار ظاهرة موسيقى كناوة. غير أنه لا يوجد الاحتفال في الجنوب فقط، بل أيضا في مناطق أخرى، ويسمى في شمال المغرب ب "بولبطاين" وفي منطقة دكالة والشاوية، وسط البلاد، ب "هرمة بولحلايس"، ، وعلى ساحل الأطلسي يقال له "ميمون" أو "أمعشار"، كما يدعى "بوهو" في مناطق عدة من غرب البلاد، وب «سونة" في شرقها. لم يعد المغاربة يحتفظون بجلود الخرفان (الهيدورة) كما في السابق، بل صاروا يصدقونها أو يرمونها ويمنحونها لمن يطلبها منهم لعدة اعتبارات منها توفر مفروشات تؤثث البيت تغني عن فرو الخروف، وأيضاً العناء الذي يكبده تنظيف (الهيدورة). وتتلّخص طقوس "بوجلود"، التي تنتشر خاصة في مناطق الجنوب، في جمع جلود الأكباش التي تنحر صبيحة العيد، ويعمل الشبان على تنظيفها وتنقيتها من الشوائب، ثم يرتدونها، كما أنّهم يضعون قرونها فوق رؤوسهم، في محاولة للتشبّه بها، ثم يطوفون في أحياء المدينة. يرقص البعض على إيقاع الطبول فيما يشبه كرنفالاً شعبياً، محاولة منهم إحياء التراث الشعبي للمنطقة، وإضفاء أجواء من التسلية والمتعة بين السكان والابتعاد عن الروتين. قد تستمر هذه الاحتفالات أربعة أيام، وأحياناً أسبوع كامل في بعض المناطق التي لا تزال تحافظ على خصوصية "بوجلود". لقد كان حقيقة طقساً تراثياً وشعبياً محبوباً يشارك فيه الجميع من أجل التسلية والترفيه عن الناس وجمع المال لمساعدة مريض أو إكمال بناء مسجد إلى غير ذلك من الأعمال الخيرية. لكن في المقابل، يرى رافضو هذه الطقوس، أن هذا الاحتفال الشعبي خرج عن أهدافه الأساسية في السنوات الأخيرة، حيث بات يحييه البعض بهدف التحايل والنصب على الناس من خلال ملاحقة المارة وإرغامها على إعطائهم المال، بعد تهديدهم بضربهم بحوافر الأضاحي، مما يؤدّي إلى إفساد فرحة العيد. وفي بعض الأحيان، يتحرّش الشبان بالفتيات، مطمئنين إلى أن أحداً لن يستطيع كشف هويّتهم، ناهيك عن التعاطي لأنواع مختلفة من المخدرات. كما أخذت الفتيات وبعض النساء يرتدين بدورهن جلود الخرفان والمعز في تطور ملفت للانتباه لهذه الطقوس. الشبان يتنافسون على من يبدي أكثر جمالا وأحسن بوجلود "السنة" عبر طبقات الماكياج التي يضعونها على وجوههم في مشهد سريالي ربما للتنفيس عن النفس وإفراغ الكبت المتعشش في اللاشعور. هي سلوكيات لا يقبلها سكان المناطق الأمازيغية خاصة نظراً إلى طابعهم الأخلاقي المحافظ، كما أنها تصرفات تسيء إلى التراث المحلي. وفي الختام، لنا أن نطرح بعض التساؤلات: هل من حقنا ان نطالب بعودة هذه الطقوس الى أصلها؟ وكيف ذلك؟ أم علينا أن نستسلم لمثل تلك الأفكار التي اقتحمت بقوة هذا الطقس في محاولة لعصرنته؟ هل انحراف احتفالات بوجلود يهدد باستمرارية هذه الطقوس التراثية في المستقبل؟