"إينريكي" المدرب المقتدر الذي يحب المستديرة حبا جما ممارسة وتنظيرا، أدى ثمن حبه لفريق بلده غاليا، مدرب تأثر بفعل مجهوداته على مستوى صحته النفسية والبدنية كما يعلم كل مهتم، هذا المدرب العظيم وبدلا من تكريمه والرفع من معنوياته أكثر بعد تأهيله لنخبة بلده إلى نهائيات المنديال وإلى الدور المهم من نفس المنديال، تمت إقالته بشكل مهين مباشرة بعد هزيمته العادية أمام منتخب الجيران المغرب. هذه الإقالة تتطاير من تفاصيلها ومختصرها روائح الحقد والعنصرية اتجاه بلد يعتبر جارا استراتيجيا، مما يكرس نظرية "عقدة النقص" التي تسكن بشكل متوارث أغوار نفسية قادة إسبانيا منذ قرون. هذا لا يحتاج لكثير من التحليل والتفلسف لمعرفة دوافع وأسباب إقالة مدرب ناجح في رمشة عين. اعتبر محللون المدرب الإسباني من أفضل المدربين في العالم ورشحوه لانتزاع والفوز بلقب مونديال قطر، معللين ذلك بأن الدوري الإسباني يظل خزانا لألمع النجوم الكروية العالمية خاصة في القطبين البرشلوني والمدريدي، أي أن الكأس الذهبية منطقيا وواقعيا حسمت لصالح منتخب "إنريكي". لكن وبما أن للكرة منطقها وعلمها المخالف للعلوم الأخرى، فإن بزوغ وتطور نجم الطاقم الفني المغربي المتمثل في "وليد الركراكي" و"وليداتو" بعثر كل التكهنات والتوقعات على أرض الواقع، ليس بالصدفة أو الحظ وإنما بعبقرية جديدة ناعمة، يتحلى صاحبها -الركراكي- بهدوء وبرود وحكمة، صفات أهلته لسحق أعتى المنتخبات منها بلجيكا المصنف في الرتبة الثانية عالميا، وتحدي وصيف بطل العالم كرواتيا بندية الكبار، وضرب كانادا الفريق الانتحاري الذي أراد الفوز بأي ثمن لحفظ ماء الوجه. نعم، لا عيب رياضيا وعقلانيا في هزيمة الإسبان أمام المغرب، فكلا المنتخبين له مكانته ووزنه قاريا وعالميا، وكلا الدولتين تتمتعان بؤهلات متساوية تقريبا، وبالتالي فإن تعبير القادة السياسيين والرياضيين الإسبان بهذا الحجم الهائل من الغضب، لا يمكن تفسيره سوى بأن ما يكمن في عمق نفسية الإسبان من كراهية وعنصرية اتجاه جاره، ينفجر ويخرج تلقائيا في كل مناسبة ينتصر فيها هذا الجار -المغرب- في ميدان من ميادين الحياة وما الكرة إلا النزر البسيط منها. تعقلوا يا "ولاد بوروقعة" ولو قليلا، وكفى من هذه الأنانية الزائدة، ويرحمكم الله إن عرفتم قدركم ولزمتموه. "إنريكي" مدرب عظيم… والركراكي من طينة مختلفة أربكت وأبكت.