حالات إغماء وموجة بكاء، فيما الوجوه الكالحة التي ارتسمت عليها تقاسيم حزن عميقة، تجللها نظرات يائسة، والكل مأخوذ بهول اللحظة، التي رمت طفلا في عمر الزهور بسهام الموت المفاجئ. كان ذلك حال الأسرة الإدارية والتربوية بمدرسة الأندلس بمراكش، التي تجرعت غصة فقد أحد تلاميذ المؤسسة داخل الفصل الدراسي. كانت عقارب الساعة، تشير إلى الرابعة والنصف من مساء الجمعة الماضية، وتلاميذ أحد فصول السنة الأولى، منكبون تحت إشراف أستاذتهم على تلقف بعض ما تيسر من مأدبة التعليم والتلقين، حين تسلل شبح الموت واقتحم دون استئذان فضاء القسم، لينتزع جذوة الحياة من جسد التلميذ سعد فضيل. سقط الجسد الصغير وسط أقرانه وزملائه دون حراك، فسارعت الأستاذة لمده بالمتاح من إمكانات الإسعاف، دون أن تجد أدنى استجابة، ومن تمة المسارعة بطلب النجدة والمساعدة. فشلت كل محاولات الإنقاذ، حين ظهر بأن التلميذ قد غادر الحياة بدون رجعة، ما أطلق العنان لموجة من البكاء في صفوف الطاقم الإداري والتربوي، فيما لم تتمالك أستاذه نفسها فسقطت مغمى عليها من فرط التأثر. الأطفال الصغار الذين كانوا يتابعون هذا المشهد، دون أن يسعفهم صغر سنهم في فهم ما يجري من حولهم، بدوا تائهين ونظرات الحيرة تجلل وجوههم، فيما البعض لم يملك نفسه وأطلق العنان لاسئلته البريئة والمشوبة بغير قليل من نبرات الحيرة والارتباك «مال سعد، أش وقع ليه؟». تم ربط الإتصال بالمصالح الطبية والأمنية بالمدينة، التي سارعت لفضاء المؤسسة، حين تبين أن التلميذ قد غادر إلى دار البقاء، وبالتالي انطلاق حالة استنفار قصوى في صفوف السلطات المحلية والأمنية، وكذا مسؤولي القطاع بالمدينة، حيث سارعت نخبة من مسؤولي المصالح والأقسام ونائب الوزارة للوقوف على الحادث . انتهت العملية بنقل جثة التلميذ صوب مستودع الأموات، فيما خيمت سحابة حزن على جميع أفراد الأسرة التربوية والإدارية وكذا صفوف الآباء والتلاميذ، بعد أن تأكد للجميع بأن الإبتسامة التي ظلت تنير وجه سعد فضيل، قد خبت وإلى الأبد، وأن مشاوره في الحياة قد بلغ نهايته على غير موعد. الراحل كان يعيش مشاكل مزمنة على مستوى قلبه الصغير، ما اضطر أفراد أسرته إلى إخضاعه لعملية جراحية معقدة، عاد بعدها مليئا بالحيوية والنشاط، دون أن يدور في خلد أحد، أنه كان يعد العدة لرحلته الأخيرة.