كان قدر مدينة أكادير أن لا تعيش فقط زلزالا لا زالت مخلفاته عالقة في الذاكرة الجمعية، وإنما قدرها أن تعيش زلازلا آخر من صنع السيد النائب الأول لرئيس المجلس الجماعي. ساكنة مدينة الانبعاث تنتظر من منتخبيها الاهتمام بالمدينة…بمستقبلها…بتطويرها وتطورها…بجعلها في مصاف المدن الكبرى في مملكتنا الحبيبة، فإذا بها تجد نفسها أمام منتخب لا هم له سوى إذكاء صراعات سياسية عقيمة لا تشغل بال المواطن الأكاديري الذي لا زال ينتظر وعودا سمعها ولم يراها… صراعات تسكن فقط في مخيلة منتخب لم يستوعب بعد أن الانتخابات أسدلت ستارها وأغلقت دفتر كتابها، والوقت، وقت العمل وإعداد البرامج بأقصى طاقة وبقوة المحب والعاشق لمدينة الانبعاث. بالعودة إلى فترة اثنى عشر سنة من الزلزال الذي تحدث عنه السيد النائب، ففي فترة القباج شهدت المدينة تأهيل الكورنيش الذي أصبح مزارا يوميا للساكنة وساهم في التطور المستمر لمدينة تقع وسط المغرب. وهو تطور تنشده ساكنة مدينة الانبعاث لترى مدينة في مصاف المدن الكبرى. وبعد السيد القباج، عرفت المدينة طفرة معمارية غير مسبوقة بعد أن استفادة المدينة من الدعم العمومي الذي ناضل من أجله شرفاء مدينة الانبعاث بمختلف مشاربهم، وتفضل جلالة الملك بإعطاء انطلاقة برنامج التأهيل الحضري ووقَّع أمام جلالته السيد المالوكي ممثلا لسكان المدينة. أكادير يُسيرها حاليا مكتب منتخب يُعوِّل عليه الأكاديريون في تقديم الأفضل والحفاظ على التطور التدريجي الذي تسير فيه المدينة. سكان مدينة أكادير يتطلعون لسائق قطار تنمية مدينتهم له القدرة على الزيادة في سرعة القاطرة والتفوق بالعمل والبرامج الناجعة على من سبقوه، ولا اهتمام لهم بصراعات سياسية وحزازات حزبية عقيمة تهدم ولا تبني، صراعات لا تسكن سوى في مخيلة المنتخب العاجز عن الإبداع في البرامج والأفكار والقادر على التفعيل والإنجاز. شاءت أقدار المدينة أن نشهد في كورنيش أكادير الذي اقترن لدى الأكاديريين بالسيد طارق القباج، أمة من النواب والمستشارين في فريق السيد النائب الأول، مجتمعين حول مزهرية لتحديد مكان وضعها. وكأننا أمام حدث جلل سيُحدث طفرة عمرانية في المدينة. والأمر في نهايته يتعلق بوضع المزهريات في الكورنيش، ولو تركوا العامل البسيط يقوم بدوره لكانت النتيجة أفضل. خارج مشاريع برنامج التأهيل الحضري الذي ساهم فيه مجلس السيد المالوكي، لم تشهد ساكنة أكادير لحد الآن أي برامج جديدة وأفكار مُبدعة تجعلنا نشعر أننا أمام مجلس قادر على تطوير المدينة، ولما لا التفوق على المجالس السابقة، لكن في العمل والإنجاز وليس في الخوض في صراعات لا تدخل في دائرة اهتمام سكان المدينة. ربما افتقار المجلس لبرامج جديدة وإشراف وكالة التنمية على المشاريع المفتوحة بعيدا عن المجلس الجماعي، كان وراء تجمع أمة من النواب والمستشارين على مزهرية في مشروع مرتبط بالسيد القباج. فالتواجد بالكرنيش أمام المصطافين هو كذلك عمل وإنجاز في نظر هؤلاء. بدل استغلال حدث مأساوي عاشته المدينة ولا زالت ذاكرته حية تمشي بين دروب مدينتنا، كان الأجدر بالسيد نائب الرئيس القيام بجرد شامل، دقيق ومثمر للحالة التي وَجَد عليها المجلس الجماعي: يُوضح من خلاله ما تم إنجازه وأصبح مُلكا للمدينة كالكورنيش وتغطية واد الحوار على سبيل المثال، ويعدد بدقة المتمرسِ الكُفءِ، المشاريع التي تعرف تعثرا أو تعاني من سوء التدبير ويضع خارطة طريق يُبدع فيها الحلول ويُبرز "حنة اديه" وتَميز مجلسه عن باقي المجالس السابقة، وأخيرا يضع بين يدي سكان المدينة رؤية المجلس للمشاريع القادمة والبرامج المستقبلية التي لم تدركها كفاءة من سبقوه في تدبير الشأن الجماعي. لو قمتم بذلك لرفع لكم سكان أكادير قبعة الاحترام وشارة النصر. لكن عندما نسمع بعضوة جماعية تهدد جمعية إن لم تستقدم إلى مكتبها فرقة مسرحية مشهورة وطنيا قدمت عروضها في قاعة ابراهيم الراضي، فقط بغرض أخذ صور لتأثيث صفحة شخصية على الفايسبوك، يحق لساكنة أكادير أن تطرح أكثر من علامة استفهام حول مستقبل مدينتها. لقد علَّمنا زلزال أكادير التحلي بالصبر والتشبث بالأمل، لذلك مازال سكان مدينة الانبعاث متشبثين بأمل رؤية مجلسٍ جماعيٍ بعيد عن غوغاء السياسة التي تقتل ولا تُحيي.. مبدع في الأفكار ومتفنن في الإنجاز. وإذا شاهدوا مجلسا قادرا على جعل مدينتهم في مصاف المدن الكبرى فهم مستعدون لأن يرفعوا له قبعة الشكر. فهل سيعود القوم لجادة الصواب، ويُنصتوا لنبض مدينة الانبعاث، لضخ دماء التنمية والتطور في شرايينها والقطع مع الركود والمشاريع الفاشلة. أم سيأتي يوم نقول فيه إن المدينة ضربها زلزال آخر أو نقول كما قالت العرب "مَنْ يُصْلِحُ المِلْحَ إِذَا المِلْحُ فَسَدْ"، أو نقول ما جاء في المثل "إذا كان رب البيت للطبل ضاربا، فلا تلومن الأطفال على الرقص"، أو نقول المثل الشعبي "الفقيه لي نبغيو بَرَكتو.. دخل الجامع بلغتو". أكادير تنتظر من المجلس الجماعي المتابعة اليومية والجيدة والناجعة لمشاريع التأهيل الحضري، فهو الرافعة التي ستزيد من قيمة المدينة. وأي إخفاق في إنجاز هذه المشاريع، وهي بالأساس مسؤولية المنتخبين، فآنذاك سنكون أمام زلزال حقيقي لأنها مشاريع ملكية تم التوقيع عليها أمام أنظار جلالة الملك. ملحوظة: لو كان تصريح السيد النائب الأول في مقر حزبي أو نشاط سياسي لما تطرقتُ للموضوع. لأن الأمر بذلك يدخل في إطار التدافع الحزبي، وهو أمر مشروع ما دام يدخل في إطار النقد وليس الشيطنة المقيتة.
لكن التصريح كان في إطار نشاط يخص أكادير وباسم مؤسسة دستورية وليس حزبية. مادام الأمر كذلك فلا يهمنا سوى ما يتعلق بمدينتنا، وصراعاتكم السياسية العقيمة فلن تقدم للمدينة أي إفادة إن لم يكن المزيد من التقهقر والركود. هذا الخلط بين المؤسسة الدستورية والمقرات الحزبية هو سمة من سمات الفكر المتخلف الذي فوَّت على بلادنا فرصا عديدة لتحقيق الطفرة التنموية والإقلاع الاقتصادي. نحن في خضم النموذج التنموي الجديد الذي يتطلب منتخبا في مستوى الحدث ومُلما بعناصر النموذج التنموي التي تبدأ بوضع كل عمل في مكانه الصحيح وتفادي الخلط في المواضيع وعلى رأسها الخلط بين العمل الجماعي والمواقف الحزبية، بين المؤسسة الدستورية والمقرات الحزبية.