لا شك أننا امام تحول هام في قضية وحدتنا الترابية ، فحينما يعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب اعتراف الولاياتالمتحدةالأمريكية بسيادة المغرب على صحرائه بمرسوم قانوني سياسي ثابت، هذا يعني أن المغرب كسب قضيته الأولى في مجلس الأمن الذي لم يكن يملك فيه سوى فرنسا كحليف وحيد ضمن خمس أعضاء دائمين، ستنضاف إليها اليوم أمريكا وبالتالي بريطانيا أمام حياد دائم لروسيا والصين. وحين يدعو الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أطراف النزاع إلى الجلوس على طاولة حوار في إطار الحل الواحد والوحيد المقدم من طرف المغرب وهو الحكم الذاتي، فالغالب أن جينيرالات المرادية وواجهتهم المتخلى عنها البوليساريو اليوم قد أقاموا الجنازة على أطماعهم في أرض المغرب، ولم يتبقى لأهل تيندوف سوى العودة للوطن الغفور الرحيم. وعموما جنازة الجزائر قد بدأت يوم أمس حين بلغهم الخبر وسارعوا إلى أداء مقال لمجلة الفورين بوليسي الأمريكية يعد خسائر العسكر المغربي في الكركرات كذبا وزورا. فقد كان التدخل المغربي ناجحا سلميا لتحرير المعبر من إرهاب البوليساريو. طبعا كنت وأغلب المغاربة نأمل أن يكون الحل دون وساطة، بيننا وبين أطراف النزاع، وحاول الملك محمد السادس منذ توليه الحكم مد يد الصلح والسلم لحكام الجزائر داعيهم إلى وحدة مغاربية وإلى النأي بأنفسهم عن الوحدة الترابية للمغرب، غير أن الاستفزازات الأخيرة للبوليساريو بدءا بخروج أميناتو حيدر المدعومة من طرف مؤسسة كينيدي الأمريكو إسرائيلية بجمعية للانفصاليين، تلاها عربدة البوليساريو بمنطقة الكركرات وعرقلتهم للتنقل التجاري مما أجبر المغرب على التدخل العسكري للاستثباب الأمن، مما تأكد معه أن لا أمل في أي نوع من المفاوضات المباشرة مع هؤلاء، وأن الوساطة الأمريكو إسرائيلية تفرض نفسها من جميع الجهات. وبذلك نتجت المفاوضات التي خاضها صهر ترامب جاريد كوشنر مع دول المنطقة من المحيط إلى الخليج للتطبيع مع إسرائيل، على أن المغرب سيوافق على إعادة التمثيليات الديبلوماسية بين البلدين المغرب وإسرائيل التي بدأت عام 1994 بإعادة فتح مكتب الاتصال الإسرائيلي بالرباط، ليس بجديد و المغرب لم يقايض القضية الفلسطينية بقضية وحدته الترابية كل ما هنالك إستئناف التواصل بين مكتبي الإتصال ، اما بخصوص فتح خطوط جوية بين البلدين، فكما نعلم ان المغرب ثان بلد له جالية يهودية في إسرائيل و الدستور المغربي واضح في هذا الشأن الذي يضمن لهم حق التنقل كما يضمن لهم الحقوق الأخرى …. و يتضح لنا جليا على ان المغرب بدبلوماسيته الحكيمة لم يعطي شيئا جديدا و ان علاقته مبنية على مقدسات لا يكن تجاوزها و موقفه من القضية الفلسطينية هو موقف ا الفلسطينين أنفسهم المبني على حل الدولتين و في مقابل ذالك فقد كسب المغرب أمريكا حليف دائم للمغرب لحل النزاع على الصحراء المغربية، وقنصلية أمريكية بمدينة الداخلية، ما يشكل انتصارا ديبلوماسيا كبيرا للمغرب و خسارة دبلوماسية لخصوم الوحدة الترابية الذي يصعب عليهم مجارات النسق الدبلوماسي المغربي بحيث نأمل ان تستدعي الجزائر الشقيقة السفير الإمريكي للإحتجاج او الخروج ببيان و سوف نعود لهذه النقط في ما بعد… فقد أعلن الملك محمد السادس ما يمكن تسميته بصفقة المغرب، بكثير من النباهة، بإجرائه لاتصال مباشر مع رئيس الدولة الفلسطينية محمود عباس يخبره بضمون مفاوضاته مع الرئيس الأمريكي مؤكدا على أن المغرب سيستمر في دعم حل الدولتين، وفي نصرته لدولة فلسطينية مستقلة وقدس مفتوح أبوابه للمسلمين كما لباقي الديانات و هذا هو عين الصواب وأمر تفرضه مسؤولية إمارة المؤمنين . على الجميع ان يعلم ان الفلسطينين قد إعترفوا بإسرائيل و بينهم تعاون أمني على أعلى مستوى إذ لا معنى لأي دولة اخرى ان تقطع جميع العلاقات مع إسرائيل و بالخصوص المغرب الذي له وضع مختلف عن باقي الدول العربية الأخرى و تبقى مسألة إستخدام مصطلحات كالتطبيع قد أستعمل في غير محله بالنسبة لقضية المغرب مع إسرائيل بالنظر الى كل هذه الأسباب بحيث يمكن قياسه بما أخده المغرب و ما اعطاه للآخرين بكل بساطة. ذ/ الحسين بكار السباعي ممثل المنظمة الدولية IOV التابعة لليونسكو بالصحراء المغربية. باحث في الإعلام والهجرة وحقوق الإنسان.