قتلت القوات الأمريكية “أبو بكر البغدادي” زعيم تنظيم “الدولة الإسلامية” المعروف اختصارا ب”داعش”، فوق الأراضي السورية في عملية عسكرية غاية في التعقيد. وحسب “المرصد السوري لحقوق الإنسان”، فقد أنزلت مروحيات أمريكية يوم أمس الأحد 27 أكتوبر الجاري، مقاتلين على الأرض بعد منتصف ليل السبت في إطار عملية استهدفت قيادات في تنظيم الدولة الإسلامية على الأرجح، مشيراً إلى وقوع اشتباكات بينهم وبين جهاديين
وأعلن “هوغان جيدلي” بصفته متحدثا باسم البيت الأبيض، يوم أول أمس السبت أنّ الرئيس الأميركي “سيدلي بإعلان مهم جدا صباح غد (الأحد) عند الساعة التاسعة (13,00 ت غ) من البيت الأبيض”. وأعلنت شبكتا التلفزيون الأميركيتان “سي ان ان” و”ايه بي سي” نقلا عن مسؤولين كبار في وقت مبكر الأحد أن أبو بكر البغدادي قتل على الأرجح بعد غارة أميركية على منطقة إدلب في شمال غرب سوريا. وذكرت شبكة “سي ان ان” أن الجيش الأميركي يجري تحاليل قبل أن يتمكن من تأكيد مقتل البغدادي رسميا. أما شبكة “إيه بي سي” فنقلت عن مصادر حكومية عديدة قولها إن البغدادي قد يكون قتل نفسه بسترة انتحارية عندما هاجمت قوات أميركية خاصة موقعه. وبثبوت مقتل “البغدادي” حسب تصريحات الرئيس الأمريكي “ترامب”، فسيكون أهم عملية عسكرية تستهدف قياديا جهاديا كبيرا منذ مقتل زعيم تنظيم القاعدة “أسامة بن لادن” في عملية للقوات الخاصة الأميركية في أبوت أباد بباكستان.
ميدانياً، أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان أن سربا من ثماني مروحيات نفذ هجوماً بعد منتصف الليل في محافظة إدلب في منطقة يتواجد فيها “عناصر من تنظيم الدولة الإسلامية” و”تنظيم حراس الدين”، ما أدى إلى مقتل تسعة أشخاص على الأقل بينهم امرأتان وطفل. وأضاف إن العملية استهدفت منزلاً وسيارة على أطراف قرية باريشا الحدودية مع تركيا، مشيرا الى أن “مروحيات أميركية أنزلت مقاتلين على الأرض اشتبكوا مع جهاديين”. لكن لم يتمكن المرصد من التأكد من ما إذا كان البغدادي متواجداً في المنطقة، في حين تحدثت قوات سوريا الديموقراطية صباح أمس الأحد عن “عمل استخباراتي مشترك” مع واشنطن، لكنها لم تذكر ما إذا كانت هذه العملية مرتبطة بزعيم الدولة الإسلامية أو لا. وأشار قائد قوات سوريا الديموقراطية “مظلوم عبدي” في تغريدة على تويتر إلى “عملية تاريخية ناجحة نتيجة عمل استخباراتي مشترك مع الولاياتالمتحدة الأميركية”، من دون إضافة أي تفاصيل عن دور قواته.
في أنقرة، أفادت وزارة الدفاع التركية في تغريدة على موقع “تويتر” “قبيل العملية الأميركية في محافظة إدلب السورية الليلة الماضية، حصل تبادل للمعلومات وتنسيق بين السلطات العسكرية للبلدين” (تركياوالولاياتالمتحدة)، دون إعطاء تفاصيل. وروى “عبد الحميد”، أحد سكان “باريشا” الذي قصد منذ الصباح الباكر موقع الهجوم، أنه شاهد “منزلاً مدمراً بالأرض، وإلى جانبه خيما متضررة وسيارة مدنية متضررة وفي داخلها شخصان مقتولان”.
وأشار “أحمد الحساوي” أحد سكان المنطقة، إلى وقوع ضربات جوية بعد منتصف الليل، وقال إن طائرات كانت “تحلق على علو منخفض جدا، ما سبب هلعاً كبيراً بين الناس”. وذكر أن العملية “استمرت حتى الساعة 3,30 فجراً”.
وتأتي هذه التطورات بينما يشهد شمال سوريا نشاطا عسكريا مكثفا، فقد انتشرت قوات سورية وروسية في المنطقة الحدودية السورية التركية خلال الأيام الماضية، بينما أرسل الأميركيون تعزيزات إلى منطقة نفطية شرقا تسيطر عليها القوات الكردية، وذلك إثر هجوم تركي على الأكراد بدأ في التاسع من تشرين الأول/أكتوبر وتم تعليقه في 17 تشرين الأول/أكتوبر لاستكمال انسحاب الأكراد من “منطقة آمنة” حددتها أنقرة بعمق 30 كيلومترا وطول 440 كلم.
ويعود آخر ظهور لأبو بكر البغدادي إلى 29 نيسان/أبريل الماضي في مقطع فيديو دعا فيه مناصريه إلى مواصله القتال، وكان ذلك أول ظهور له منذ خمس سنوات،وتعهد بأن تنظيمه سوف “ينتقم” للهزائم التي مني بها في سورياوالعراق، مؤكداً أن قتال الغرب معركة طويلة.
وكان الظهور الأول للبغدادي في جامع النوري في الموصل في شمال العراق في تموز/يوليو 2014، بعد إعلانه “الخلافة” وتقديمه ك”أمير المؤمنين”.
ودعا حينها “المسلمين” إلى مبايعته كخليفة للدولة الإسلامية التي أعلنها على أراضٍ واسعة في العراقوسوريا، وتم القضاء على تنظيم الدولة الإسلامية في 23 آذار/مارس 2019 بعد عمليات للتحالف الدولي وقوات سوريا الديموقراطية المتحالفة معه.
والبغدادي واسمه الأصلي عواد البدري مولود في 1971 لأسرة فقيرة في مدينة سامراء شمال بغداد. كان مولعا بكرة القدم، ويحلم بأن يصبح محاميا، لكن نتائجه الدراسية لم تسمح له بدخول كلية الحقوق. تلقى دراسات دينية في بغداد قبل ان يصبح إماما في العاصمة العراقية في عهد الرئيس السابق صدام حسين. خلال الغزو الأميركي للعراق في 2003، شكل البغدادي مجموعة صغيرة من الجهاديين قبل أن يتم توقيفه واعتقاله في سجن بوكا. وفي غياب أدلة تدينه، أفرج عنه والتحق بمجموعة من المقاتلين السنة تحت راية تنظيم القاعدة، وتولى قيادتها لسنوات. وقد استفاد من الفوضى بسبب النزاع في سوريا وتمركز مع مقاتليه فيها في 2013 قبل هجوم كاسح اجتاح خلاله التنظيم مساحات واسعة من سورياوالعراق في 2014.