تعيش العديد من دواوير جماعة سيدي عبد الله البووشواري بإقليم اشتوكة آيت باها وأخرى متاخمة لها تابعة إداريا للجماعة الترابية آيت أحمد بإقليم تزنيت، منذ نحو أسبوع، عزلة قاهرة، فرضتها التساقطات المطرية الأخيرة، التي أنعشت آمال قاطني هذه المناطق النائية، المعتمدة أساسا على الزراعة البورية في ضمان معيشها اليومي؛ غير أن واقع البنيات الأساسية، الطرقية على وجه الخصوص، عاد ليفرض عليهم مواصلة معاناتهم في صمت، بعد أن أُغلقت السيول كل المنافذ المؤدية إلى هذه المداشر، وجرفت جزءا منها. كما جعلت الأوحال استعمال العربات والدواب أو أية وسيلة نقل أخرى ضربا من المغامرة. أحمد بن سليمان، أستاذ للتعليم الابتدائي وواحد ممن أجبرتهم السيول على قضاء أزيد من أسبوع وسط وحدة مدرسية بالمنطقة، أورد أن غالبية الساكنة المغلوبة على أمرها جعلتهم هشاشة البنية الطرقية، التي تضرّرت كثيرا بفعل الأمطار الأخيرة، بعيدين عن قضاء أبسط أغراضهم خارج هذه الدواوير. كما أنهم وجدوا صعوبات كبيرة في الوصول إلى الأسواق المحلية، للتزود بالمواد الغذائية الأساسية، "فلولا سيارة واحدة، جازف سائقها باجتياز السيول والأوحال التي غمرت المنطقة، لبقي هؤلاء المستضعفون يواجهون مصيرهم، دون تلمس أية التفاتة من المسؤولين محليا". وأضاف بن سليمان، أن "التساقطات جعلت الساكنة يعيشون محنة حقيقية في ظل وجود المسالك غير المعبدة بين كل من مركز سيدي عبد الله البوشواري وجماعة آيت ميلك وأربعاء آيت أحمد". وغير بعيد عن بيوكرى، حاضرة اشتوكة آيت باها، فقد تسبّب ارتفاع منسوب المياه في وادي "تكاض"، الذي يعبر الطريق بين بيوكرى وآيت ميلك، في شلِّ حركة المرور على فترات، منذ الأسبوع الماضي؛ وهو ما أدّى إلى عزل مختلف الدواوير التابعة لكل من جماعة الصفا وسيدي بوسحاب وأيت ميلك، التي تتنقل ساكنتها إلى حاضرة الإقليم من أجل العمل والدراسة وقضاء سائر المآرب. وأجبرت تلك الوضعية المواطنين على الانتظار لساعات، وأطلقوا نداءات استغاثة إلى السلطات المحلية التي غابت عن المكان، من أجل التدخل لمساعدتهم على تجاوز محنتهم، فكانت مبادرات فردية، تطوع خلالها سائقو بعض الجرارات الذين استعملوا آلياتهم لمساعدة مستعملي الطريق الإقليمية رقم 1009 على قطع الوادي. وفي هذا الإطار، قال بيان صادر عن فيدرالية الجمعيات "تمونت" بمنطقة "إدوكران إنها تتابع الخسائر الجسيمة التي خلفها فيضان وادي تكاض، والتي كشفت عن هشاشة البنية التحتية بالمنطقة، بعدما تمكنت سيول الوادي للمرة الثانية على التوالي في ظرف أقل من أسبوع من شلِّ حركة التنقل في الطريق الإقليمية رقم 1009، وفق البيان ذاته. ودعت الفيدرالية السلطات المحلية وكل المتدخلين إلى "تحمل مسؤولياتهم كاملة، وتشكيل خلية أزمة وترصد وتتبع، والقيام بكل الإجراءات اللازمة لتفادي ما هو أسوأ لا قدر الله". ومن جانب آخر، طالبت الوثيقة بضرورة فتح تحقيق عاجل وجدي ومستقل، لغرض محاسبة كل المتورطين في تحويل مجرى سيول وادي تكاض لصالح أصحاب الضيعات الفلاحية، مستنكرا ما وصفته الفيدرالية ضمن بيانها ب"التمييز الذي تتعامل به السلطات المحلية بين المواطنين والباطرونا أصحاب الضيعات الفلاحية في مسألة التدخلات والإنقاذ"، وطالب المصدر ذاته وزارة التجهيز والنقل ببناء قنطرة على وادي تكاض بمنطقة تين فراج بجماعة وادي الصفا على الطريق الاقليمية 1009، لفك عزلة المواطنين التي تتفاقم مع كل موسم تساقطات. ولم تفوّت الفيدرالية المناسبة من أجل التذكير بالحادث المأساوي لوفاة تلميذين، خلال الشهر الجاري، وذلك غرقا بإحدى البرك المائية، في جماعة سيدي بوسحاب، والمتشكلة بفعل عدم ردم حفرة، اُستُخرجت منها الرمال.