ينتظر أن تعطى بعد صلاة ظهر اليوم الأحد 22 ماي 2016 الافتتاح الرسمي لفعاليات موسم الولي الصالح سيدي بوقنادل، وذلك سيرا على العرف المتداول بين أهالي أكادير والذي يخلد كل 15 من شعبان وذلك من أجل توثيق أواصر الأخوة والتضامن بين الأكاديريين. و يقع ضريح سيدي بوالقنادل عند المدخل الشمالي لمدينة أكادير على سفح جبل الأطلس الكبير ويدعى ب " تكمي أوفلا " وهي لفظة أمازيغية تعني بالعربية البيت العالي ويطل هذا الضريح على الميناء قرب حصن فونتي القديم على الطريق الرئيسية رقم1 ، وهو تابع للجماعة الحضرية لأكادير.[1] ويعود لقب بوالقنادل حسب الرواية الشفوية إلى التزام هذه الشخصية بالجهاد ضد الأعداء باستعمال القنديل كوسيلة لإخبار المجاهدين بوصول العدو أو تحسيسهم بأي خطر آت وبذلك يستعمل قنديله للتواصل مع المجاهدين. وتروج حكاية شائعة بين الناس تقول أن الزوار كانوا يوقدون القناديل والشموع ليلا بالضريح فيهتدي بها البحارة والصيادون لتحديد اتجاههم وموقعهم من الميناء . وتروي رواية اخرى أن سيدي بوالقنادل كان يقدس الجبل حاملا معه قنديله للإضاءة عليه ويذكر كذلك أن تسمية بوالقنادل تعود إلى قيام هذا الأخير باستعمال القنديل كمنار لتوجيه السفن للوصول إلى المرفأ آمنين. هذا ماذكرته الرواية الشفوية، أما المصادر فتبقى شحيحة اللهم ماذكره المختار السوسي حيث تحدث عن سيدي بوالقنادل بقوله:" أبو القناديل دفين فونتي من الذين يحاربون أولا في تخوم الجبال أولاد جرار المستولين إذ ذاك على بسائط كل أزاغار…"[2] أما الاسم الحقيقي لهذا الولي فهو سيدي محمد بن يحيى بن ابراهيم تغانمين،[3] وسيدي بوالقنادل ماهو إلالقب به، ويسود الاعتقاد رغم مر العصور بأن سيدي بوالقنادل ظل ولايزال حامي المدينة وحارس أهلها من كل أذى ظاهر وباطن وعلى الزائر إليها أن يطلب التسليم والحماية ويحضر معه شموع أونقود للزيارة. أما تاريخ تواجد الضريح فيبقى مجهولا وكل ما يعرف عنه أنه دمر بعد الزلزال الذي ضربه سنة 1960م ، وأعيد تشييده بعد ذلك سنة 1962 م. وحسب الرواية الشفوية فإن هذا الضريح كان يستقبل البيض فقط أما السود فكانوا من زوار ضريح سيدي بوجمعة أكناو، أما الآن فلم يعد هذا التمييز في اللون والعرق موجودا. وصف الضريح يتكون ضريح سيدي ابو القنادل من قبة بيضاء أنيقة وبجانبها مسجد صغير وسبعة مرافقه لإيواء الزوار من الرجال والنساء الذين يتوافدون عليه صيفا وشتاء للإستشفاء والتبرك ، تتخذ بنايته شكل مستطيل، يتم النزول إليه عبر الدرج وعلى يمينه يتواجد ضريح " لالة صفية" ثم عند نهاية الدرج تجد باب كبير يمكن من خلاله الدخول إلى كل مرافق الضريح. أما غرفة الضريح فهي مربعة الشكل يتوسطها قبر الولي مغطا بثوب أخضر، باب الغرفة يتخذ شكل قوس ، كمانجد بالغرفة صندوق حديدي كبير نوعا ما ذو لون أبيض يتم فيه وضع النقود والتبرعات التي يتصدق بها الزوار. أما الجدران فهي مصبوغة باللون الأزرق، ونصفها مزين بالزليج ، وبسور لآيات قرآنية و أدعية، وبعض التسابيح. ومانلاحظه أن الزوار لايدخلون إلى الغرفة إلا والشموع معهم فهي بالنسبة لهم شرط أساسي. موسم سيدي بوالقناديل يقام موسم سيدي بو القنادل في الخامس عشر من شعبان من كل سنة ويشترط فيه أن يكون خميسا، فإن لم يصادف الخميس 15 من شعبان يتم تأجيله إلى الخميس الذي يليه. في هذا الموسم تقوم النساء بتحضير الكسكس وتوزع أطباقه على الزائرين والمساكين وتستمر هذه المراسيم حتى يوم الجمعة حيث يقوم الفقهاء بعد صلاة الجمعة بتلاوة وحفظ لآيات من الذكر الحكيم إلى أن يؤذن المؤذن صلاة العصر. كان هذا الموسم عند نساء فونتي أشبه بعيد حيث ترتدي النساء والأطفال أفخم الثياب وأجملها وتتطيبن بالعطور وتزين أيديهن وأرجلهن بالحناء استعدادا للاحتفال . وفي يوم الثلاتاء يتم شراء الذبيحة للتوجه بها صوب ضريح سيدي عبد الله وهو بالقرب من ضريح سيدي بوالقنادل ويقومون بنفس الاحتفالات. أما فيما يخص المداخيل فتقدر ب 1500 درهم شهريا يستفيد منها المقدم والمشرفون على الضريح . المعتقد بالضريح يعتبر المعتقد السمة التي يمتاز بها كل ضريح، فالعقيلة المغربية لازالت تؤمن بأن الولي له كرامات، فهي لطالما ارتبطت بالجانب الروحي والقدسي معتبرة أنه مسألة تلازم الإنسان، رغم أن هذا الولي مدفون في المكان مند سنين خلت إلا أن بركته لاتزال تحيط بالضريح ويتبرك بها الزائر الذي يدخل الى المكان بنية خالصة، فهم يعتبرون أن النية الخالصة شرط أساسي لبلوغ الهدف المراد إليه، لذلك يقوم زوار سيدي بوالقنادل بإحضار الشموع ، وماء الزهر، حيث يتم رشه على الغرفة كنوع من السلام على الولي ، ثم بعد ذلك يتم الطواف حول الضريح ثلاث مرات ، مع تقبيل القبر. ومن الإعتقادات السائدة، أن الفتيات الراغبات في الزواج تحضرن قفلا جديدا، وتقمن بقفله في الشباك المحيط بقبر الولي وتحتفظن بالمفتاح، بعد أن تخطب إحدى الفتيات تعود لفتح القفل تم تتصدق على الضريح وتطلب الرحمة للولي [4]، يقال بأن المفتاح إن ضاع لن يتم الزواج ، ورواية أخرى تقول بأن مسألة القفل الجديد تستعملها النساء اللواتي يرغبن في الحصول على منزل جديد. تعتبر الشموع وماء الزهر من الإعتقادات السائدة التي يعرف بها كل ضريح فلا تجد زائرة تدخل الى المكان إلا والشموع في يدها، ومنهم من يوقدها ، وبعضهم يكتفي بوضع قدر من المال في الصندوق ، والبعض الآخر يقوم برش ماء الزهر في الغرفة وعلى الزوار ، باعتبار رائحته الطيب تعطر المكان وتطهره. من العادات التي تتنافى مع قدسية هذا الولي نجد ظاهرة الشعودة المنتشرة في كل أرجاء الضريح، فهناك عرافات جالسات بالمكان يحيط بهن عدد كبير من الزبناء، من يقرأ لها الورق ويكشف لها عن أسرار المستقبل وأخريات يذاب فوق رؤوسهن مايسمى ب "الالدون" وهو مادة تشبه الرصاص أو الألمنيوم، يقال بأنه يبعد النحس عن صاحبه ويجلب له السعد. كما نجد كذلك ظاهرة إغتسال الفتيات في الضريح من أجل الزواج، بحيث يعتبرن ماء الضريح مباركا يبعد "النحس و "التابعة".[5] ولاننسى ذكر مسألة النقش بالحناء فهي ترمز إلى أن الله يحن على صاحبها إما بالزواج لمن يرغب فيه، وإما بالشفاء لمن يعاني من المرض أو غير ذلك . كما يسود اعتقاد آخر وهو النوم نهارا داخل الضريح بهدف رؤية " الحلم " لأنه يجسد لهم ماحدث أو ماسيحدث في المستقبل القريب. كما أن النساء تصطحبن أطفالهن لحلق رؤوسهم في الضريح اعتقادا منهن أن بركة الولي ستدفع أي أذى قد يلحق بذريتهم ، وهذه العادة توارثوها أبا عن جد وأصبحت جزءا لايتجزأ من تقاليدهم. وعموما تبقى ظاهرة التقديس والروحانيات من المعتقدات الراسخة في المجتمع ولا يمكن استئصالها فهي متجذرة بالفطرة. وخلاصة القول فإن الضريح أصبحت تطغى عليه الظواهر السلبية أكثر منها إيجابية، لذلك فلم يعد يقتصر على التبرك فقط بل أصبح يشمل جوانب سلبية كمسألة الشعوذة، بالإضافة إلى المتسكعين وقطاع الطرق ، ورغم ذلك فإن ضريح سيدي بوالقنادل يعد من بين الأضرحة الذائعة الصيت في منطقة سوس وبالأخص في مدينة أكادير حيث يحتل مكانة كبرى في نفوس ساكنته. المصدر : بحث لنيل الاجازة تحت عنوان " الضريح والمجتمع احصاء ودراسة لنماذج الاضرحة باكادير " انجاز الطالبات بشرى الخروبة- فيزة الكنعاني – نعيمة العرفاوي –ليلى اولعسري .