منذ اعتلاءه عرش اسلافه الميامين ، لم يسجل في يوم من الايام أن تخلى الراحل الحسن الثاني رحمة الله عن محبوبته ، و معشوقته التي ظل وفيا لحبها إلى أن وافته المنية ، حتى في أحلك الظروف، ظل متشبثا بحبه الأبدي ، من نتحدث عنها اليوم هي تلك الفاتنة الجميلة التي أسرت بحبها أعظم ملوك المغرب على الاطلاق ، لدرجة أنه كان يقضي في كنفها ازيد من نصف سنة متواصلة دون كلل او ملل ، كيف لا و هي الجميلة الساحرة بخضرتها، و روعة شاطئها، و ترحاب ساكنتها، و هدوئها المريح، نعم ، هي مدينة الصخيرات، المدينة التي لازمها الراحل الحسن الثاني طوال فترة ملكه ، لدرجة أن سكان المدينة كانوا ينتظرون بشغف منقطع النظير حلول شهر أبريل ، شهر الخيرات و البركة ، شهر قدوم ملك البلاد، الذي لا يغادرها إلى بحلول فصل الخريف، نعم شهر شتنبر، كان بمثابة موعد النكسة، يرحل فيه الملك و يخلف وراءه محبوبة ناحبة لوعة الفراق حتى حين … استمرت هذه الرابطة القوية وقتا طويلا جدا ، و لم يفارق الحسن الثاني الصخيرات حتى في أصعب الظروف ، هنا أقصد انقلاب سنة 1971 ، بل تحدى كل الصعاب و ظل مقيما هناك إلى ان تغمده الله برحمته و باغته القدر المحتوم ، حيت لفظ جلالته أنفاسه الاخيرة بالصخيرات معشوقته الابدية ، قبل ان يتم نقله إلى الرباط ، حيت ووري الثرى بضريح حسان و هو اليوم ولي العهد الامير الجليل مولاي الحسن ، يربط الماضي الجميل بالحاضر الباهت ، لمدينة طالها التهميش و النسيان ، و نالت منها الظروف و الايام ، حتى أصبحت كالعجوز الارمل ، مدينة تتراجع يوما بعد يوم ، في وقت تتقدم فيه سائر المدن و الاقليم و تزدهر ، وهنا تطرح أسئلة عريضة حول هذا الجفاء الذي اصبح صفة لصيقة بهذه المدينة الضائعة ، و كأنها لعنة أصابتها ، مدينة تفتقر لأبسط شروط العيش الضرورية ، امام استفحال متزايد لقوى الفساد الذين دمروا كل جزء جميل فيها . لأجل كل ذلك أتساءل كما يتساءل كل فرد في هذه المدينة : هل هي غضبة ملكية على مدينة الصخيرات ؟